ثرثرة لاجئ في حديقة من حدائق أربيل

صالح بوزان

نغوص في قلق الوجود، والعصيان مأتمنا. من سيتصدق برغيف الرجاء لهذا الفجر الكسول
فقد ضيعنا العبور نحو الآخرة، والتيه المتجول هو الآخر مصدوم بذاته الرتيب.
*

هناك.. في الطرف المظلم، رتبوا أسماء الشهداء في الصحف الأولى، ختموا عليها بكف الدم، والصدى صمت الاحتضار لا يتساهل مع وجع المكان.
*
تلك المدائح المعلقة بأذن الأوحد تطحن كبرياءنا. أيها الأول والآخر، لا جديد حين نُجبر على الغفران، فالعبد لا يتقن سوى الغفران.
*
الغد المتوكل على كتف هذا الليل صنم لا يتقن الكلام. إنه إرث موبوء بالنفق المذل. لا آلهة في الطرف الآخر يا صديقي، هم مجتمعون ها هنا، يتقاسمون على الموائد غنائمهم البشرية. يستطلعون ما لا نعرفه، ويبنون الملكوت المقدس، بالكلمات التي تثقل وجودنا.
*
ولدنا..، ولدنا في ذلك النهار الذي خيطته أحلامنا. ولدنا مؤجلين في ذاكرة الآلهة العاقرة.
نحن شركاء مع آلهتنا، شركاء في هتك الجنس المقدس، والمولود السفاح مبارك بالخطيئة.
*
من قال أن الإثم لا يملك شرف الوجود؟ شرف البقاء؟ شرف التقديس؟ الإثم هو البدء
وهو الخاتمة.
*
لماذا ندعي الكذب؟ نحن هكذا خلقنا. نرضع من السماء صلواتنا. نُزهق الوقت بدعوات من الدم
وننشر على حبل الموت غسيل أعمالنا المؤجلة إلى كرنفالات الجنس المنتشي بالعصر الالكتروني.
*
أيها الوطن المسترخي في اللانهاية، لا حظوظ لك ولي في ملاجئ الأوحد. لا بر أمامك،
لا ممرات أمامي. فالمشيئات الصغيرة والكبيرة تبرم صفقتها، والاعتذارات الملونة مقصلة القرن لقطع رؤوس المصائر.
*
أيها الوطن اللاهث.. حتى العدم مشوه أمام مدخل مقابرك. اعترف معي..! أنا وأنت في فصلنا الأخير.
أنا وأنت..لا متعة لوجودنا. رفعت الأقلام وجفت الصحف.
—————– 
14/2/2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…

ابراهيم البليهي

منذ أكثر من قرنين؛ جرى ويجري تجهيلٌ للأجيال في العالم الإسلامي؛ فيتكرر القول بأننا نحن العرب والمسلمين؛ قد تخلَّفنا وتراجعنا عن عَظَمَةِ أسلافنا وهذا القول خادع، ومضلل، وغير حقيقي، ولا موضوعي، ويتنافى مع حقائق التاريخ، ويتجاهل التغيرات النوعية التي طرأت على الحضارة الإنسانية فقد تغيرت مكَوِّنات، ومقومات، وعناصر الحضارة؛ فالحضارة في العصر الحديث؛ قد غيَّرت…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الخَيَالُ التاريخيُّ هُوَ نَوْعٌ أدبيٌّ تَجْري أحداثُه في بيئةٍ مَا تَقَعُ في المَاضِي ضِمْن ظُروفِها الاجتماعية ، وخَصائصِها الحقيقية ، مَعَ الحِرْصِ عَلى بِناء عَالَمٍ تاريخيٍّ يُمْكِن تَصديقُه ، والاهتمامِ بالسِّيَاقاتِ الثقافية ، وكَيفيةِ تَفَاعُلِ الشَّخصياتِ مَعَ عَناصرِ الزَّمَانِ والمكان ، ومُرَاعَاةِ العاداتِ والتقاليدِ والبُنى الاجتماعية والمَلابس وطبيعة…

فواز عبدي

يقال إن الأمثال خلاصة الحكمة الشعبية، لكن هناك أمثال في تراثنا وتراث المنطقة باتت اليوم تحتاج إلى إعادة تدوير عاجلة… أو رميها في أقرب سلة مهملات، مع بقايا تصريحات بعض المسؤولين. مثال على ذلك: المثل “الذهبي” الذي يخرجه البعض من جيبهم بمجرد أن يسمعوا نقداً أو ملاحظة: “القافلة تسير والكلاب تنبح” كأداة جاهزة لإسكات…