دور المرأة في المستجدات السياسية …؟

نسرين محمود

ثمة قضايا كثيرة تدار حولها الجدل والنقاش, ولعل من أهم تلك القضايا المطروحة  الآن هي قضية مشاركة المراة في الحالة السياسية ,والتي يمكن تعريف المشاركة السياسية على (أنها النشاط الذي يقوم به المواطنون والمواطنات بغية التأثير في عملية صنع القرار الحكومي سواءً أكان هذا النشاط فردياً أو جماعياً ،منظماً أم عفوياً).

وأن أهم هذه الأنشطة التي يمكن أن تتبلور فيها مبدأ مشاركة المراة في الحالة السياسية هي أن تكون من خلال خوضها في الانتخابات كمرشحات وتأسيس النقابات والحركات بمختلف أنواعها أو من خلال انتخاب أحزاب أو أفراد والمجالس التشريعية , والمحليات , والنقابات وغيرها,
 حيث يتوفر هنا مبدأ القدرة على التعبير عن موقف سياسي أو إيديولوجي ,ويكون هذا التعبير هو نوع من أنواع المشاركة السياسية في صنع القرار ,والذي يتشكل بدوره بحسب جملة من العوامل الاجتماعية والإقتصادية والسياسية تلك العوامل التي تساعدنا في فهم وتحليل أهم معايير الحياة السياسية ألا وهي (مبدأ المواطنة) ذلك المبدأ القائم على فكرة المساوة بين أبناء الوطن الواحد بمن فيهم من رجال ونساء بغض النظر إلى العمر أو النوع أو العرق أو أي اختلافات أخرى ,إلا أنه وبوجود تباين واضح في الفرص الاجتماعية ,والاقتصادية ,والسياسية في ساحات العمل بين الرجل والمرأة تبين أن المواطنين في مجتمعاتنا الشرقية ليسوا على درجة متساوية في العلاقة لا بل وأن بعض فئات المجتمع تفتقر إلى أبسط الموارد الاقتصادية والمعرفية والمقومات الاجتماعية التي قد تساندهم كي يمارسوا دورهم وحقوقهم كمواطنين متساوين في اختياراتهم الشخصية والفكرية ,دون خوف أو وجل , حيث أن الفرد لا يستطيع المشاركة سياسياً إلا إذا تسنت له الحماية المحددة ضمن إطارها القانوني والدستوري والعرف الاجتماعية على حدٍ سواء.

وإنطلاقاً من هذا التعريف في مفهوم مبدأ المشاركة الفاعلة نجد أن المرأة تتراجع عن الرجل بشكل واضح ,فيما يخص ممارستها لحقوقها السياسية المشروعة بشكل عام ,وحقوقها الشخصية بشكل خاص ,لأن القانون في معظم دول العالم الثالث أو ما تسمى بدول المجتمعات المتخلفة, لم ضمن لها حقها الطبيعي في الحصول على المواطنة الكاملة التي غالباً ما تضع قوانينها حول نوع مجتمعي واحد , ولا تتضمن حقوق تمس كينونة المرأة بشيء .وأن هذه القوانين لا تضمن المساوة حتى في الإمكانات المتاحة أمام الرجال والنساء والتي في الكثير من الدول تضع المرأة على هامش من الحياة العامة .
إلا أننا يجب التذكير هنا وفي هذه المرحلة المهمة من مرحلة انتشار الفكر الثوري والحراك الشبابي على الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذه المجتمعات المضطهدة فكرياً واجتماعيا وسياسياً أصبحت مسألة مشاركة المرأة من ابرز معالم الخريطة السياسية حيث أنها أثبتت وبجدارة مشاركتها من خلال الحراك الثوري في المظاهرات والاعتصامات والعمل الأهلي والتنموي والحركات الاجتماعية التي شكلت مجموعات ضغط لطرح المرأة طاقاتها على الساحة السياسية ,والتي كان لا بد من التطرق إلى مسألة مشاركة المرأة كحل ومدخل إلى تحقيق العدالة والمساوة والحرية ،فكان لا بد من وضع خطط ودراسات لتقليص حجم التفاوت بين المساحات المتوفرة لحرية حركة النساء وبين المساحات المتوفرة للرجال أثناء تأديتهم للأنشطة ذاتها .
وهنا  تجدر الإشارة على تنوع أشكال المشاركة السياسية للمرأة التي تتسع لتتضمن قدرة النساء على نقد الواقع والتعبير الحر عن تصوراتهن للمجتمع الذي يشكلن نصفه بحيث لا تكون المشاركة المرجوة مجرد على حصولهن على مقاعد ومناصب تعينية ,ولكن لتشمل إمكانياتهن الفكرية على وضع خطاب يتناولن قضاياهن وتداخلاتها في مفاصل الدولة المختلفة .
وباعتبار ان مسألة مشاركة المرأة وتواجدها في الحالات السياسية العامة قضية جوهرية تمس بالدرجة الأولى مجموع المنظمات الفاعلة في مؤسسات الدولة ابتداءً من منظمات المجتمع المدني ومروراً بدور الأحزاب في تنمية ومساندة الكوادر النسائية في برامجها السياسية للدفع بها الى دائرة صنع القرار انتهاءً بدور مؤسسات الدولة في ضمان تمثيل عددي للنساء في الهيئات الحكومية والقرارات الصادرة عنها .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…