فضائحيات القراءة ؟!

 إبراهيم محمود

” عبر موقع : ولاتي مه ” نموذجاً !
 ” إلى الأقل قراءة عن جدارة طبعاً، الأكثر قراءة عن مهارة طبعاً “

تنويه  :

من باب الطمأنة، أو الإعلام ، أو الضرورة المعرفية: المعنون لا صلة له بما أشرت إليه قبل فترة، وإن كان له صلة نسب من جهة ما يمكن أن يثار أو يتردد في ذهن أو نفْس القارئ الانترنتي، سوى أنني تلمست قيمة تحريض وتعريض فيه.
لهذا أتوقف، لهذا أقول سائلاً متسائلاً:
لا أدري فيما إذا كان أحد المعنيين بالشأن الثقافي ” لدينا ” قد تعرَّض لمثل هذا الموضوع أو له مباشرة.على الأقل بالنسبة لي، لم أسمع بذلك، ولم أضَّطلع عليه، سوى أن الذي يمكنني التذكير به، هو التعرض له في مناقشات جانبية أحياناً فيما بيننا، نحن الذين لا يكفّون عن ” وضع إصبعهم في كل جحر”، وهأنذا باسمهم ” إن أجازوا ” وباسمي ” إن أمكن” أتناول ذلك كتابياً.
السؤال: كيف يمكن التيقن الفعلي من صحة العدد المتعلق بقراءة مادة ما لا على التعيين؟ وخلال زمن معلوم، ومن خلال متابعة ” مخبرية ” ليوم أو يومين أو أكثر، مع مراعاة نوعية المادة وصلتها بالجاري وبمعان مختلفة، وصاحب المادة ” أقول صاحب، لأن ليس كل مكتوب مقالاً بمفهومه المنطقي، إنه مادة، والمادة تصلح لأن تكون مقالاً، ولا تصلح أحياناً لغياب الشرط المطلوب، من خلال البنية التي تقوم عليها أو بها ” .
من عايش هذه التجربة الحسابية- القرائية؟ لا بد أن هناك من لديهم ذات الأصابع، ذات الهواجس، وتحديداً، حين يواجه أحدهم مادتين ببعضهما بعضاً، ويرى مدى ارتفاع عدد قراءة إحداهما بمتوالية هندسية بشكل لافت، والأخرى بمتوالية ما دون حسابية، إن جاز التعبير، أو حتى لحظة النظر في مادة لا يبدو عليها أنها تستحق اهتماماً من ألفها إلى يائها، فتبرز نجوميتها في العدد المتقافز، وليلعب ” الفأر في العبّ سريعاً “: ماذا يجري ؟ هل من سر لا يُكتشَف ؟ هل من لعبة ؟
هل صحيح أن العدد دال على المعدود؟ أم إن الموضوع أبعد من حدود الطرافة، لنكون إزاء مناورة ومراوغة ؟
لنقل بالحرف: إزاء إحدى الفضائح الأخلاقية تماماً، والتي- ربما – لا أحد يتمناها واقعاً لحظة التفكير فيها، وإن كان يهواها ويغشاها باطناً.
لندقق في موقع ” ولاتي مه “، حيث الموقع لا صلة له بالموضوع طبعاً، وإنما لأن ثمة إمكانية لمقاربة هذا الجانب، كون المقروء يلعب أكثر من دور ثقافي فعلي ! أقولها، منطلقاً مما هو دعائي وشخصي، وإلا فسوف نكون أمام ما هو كارثي، رغم أن المرئي في الكشف الأولي يترجم ما هو معاش كارثياً، ومن قبل أسماء يسهل النظر في أمرها، ولا داعي لتسميتها، ليس من باب حساسية الفكرة، وإنما ليكون للموضوع حضور أوسع، وليفكر كل منا بطريقة خاصة به .
بداية أقول: أعتقد أن نسبة كبيرة من الأسماء التي تداوم على الكتابة في الموقع ” وله اعتبار ثقافي معلوم: أعني الموقع بالتأكيد “، أو النشر فيه وفي مواقع أو منابر أخرى، أصبحت معروفة من قبل متابعي الموقع تبعاً لهدف بحثي أو استطلاعي …!
هناك أسماء وهناك ما دون الأسماء، وهناك ما لا يمكن اعتبارها أسماء جهة المنشور باسمها. لكل اسم تاريخه، أعني سيرته قبل الكتابة وبعدها، فيما يخص حقيقة المنشور باسمه وطريقة النشر والفاعل في النشر والمبتغى من النشر، ومدى تطابق القول والفعل، وفي طريقة الكتابة في الاستمرارية وخاصيتها أو الكتابة الدورية، أو القلة في الكتابة والنشر فيه.
هل نقول أيضاً: لكل اسم أرضه وفضاؤه وجمهوره ومشجعوه” ولو بلغ من العمر عتياً “، دعاته وحماته ومروجو اسمه ومسوّقو ما يقول ؟ ” مع التحفظ على مفردة ” التسويق ” لدقتها !
أعتقد، وأنا قارئ ما كغيري، أن هناك قارئاً محدداً يتناسب في مستوى قراءته ومن يكتب أو ينشر وطبيعته مسلكياً.
اسمحوا لي أن أصنف، ودون تسمية: ” القرّاء: والحصر هنا من باب التحفظ مجدداً على الكلمة وخطورة الدلالة لمن له علم بخاصية القراءة وفقهها وتاريخها ورموزها ومجتمعها، كما تعلمنا الدراسات الحديثة خصوصاً “:
الذين يقرؤون ولا يقرؤون: وهم مندرجون في خانة القراءة، متطفلون عليها، ليس لديهم أي انتاج معرفي من ناحية صلة الوصل بفعل القراءة، وما يمكنهم قوله لاحقاً، وإن كانوا لا يكفون عن التباهي ببعض الكلمات وإطلاق الأحكام، كما هي ذبابة الفرس المشهورة تشيخوفياً !
الذين لا يقرؤون وهم يقرؤون: من خلال تحريك الماوس عبر إضافة رقم إشارة إلى أن هناك ساعياً للقراءة، وداعياً إليها، وربما ناعياً لها .
الذين يقرؤون وهم يقرؤون : بالنسبة للذين يتوقفون عند كل كلمة، وهم أهل القراءة فعلاً.
ملاحظة: التصنيف تقريبي وليس فصلياً، إذ يسمع باستشراف بعض التصورات والأفكار .         
وكأي مجتمع معرفي له لغته ومسلكياته، ثمة مجتمع للقراءة وعلامته الفارقة، كيف هو مجتمع القراءة كردياً؟
وهنا أيضاً تحضر لائحة من الفضائحيات في التتبع ومعاينة الاسم وهوس التدقيق في الاسم والصورة والحكم المسبق والقراءة المختزلة أو المشوهة أو عدم تحريك الماوس..الخ:
تبعاً للمحسوبيات تتم طريقة التعامل مع الاسم كثيراً كثيراً وليس مع النص، وهناك من تخصصوا في هذا الجانب:
الدعاية لأسماء دون أخرى، ليس في التفريق المعرفي وإنما المحسوبياتي: في التصريف الحزبي، التحزبي، الشّللي، العقائدي الخاص، العشائري، الفئوي، وثمة نسبة لافتة في ذلك.
أتحدث أيضاً ليس عن سوء القراءة، وإنما عن القراءة السيئة من حيث المنطلق والمقصد، ففي سوء القراءة تكون القراءة موجودة ولو بطريقة تعسفية أو تسيء الظن في المكتوب مباشرة عبر علاقة لا قرائية فعلاً، بينما في القراءة السيئة فثمة استعداد مسبق في التعامل مع المادة، من خلال الاسم أو المادة بطريقة لا علاقة لها بما هو قرائي فعلي.
وثمة قراءة تسمي نسبة كبيرة ممن نسّبوا أنفسهم إلى القراءة أو منسوبون إليها، وهم:
حشريون يبلبلون على القراءة المطلوبة بنسبة مؤثرة سلباً، هم متابعو الموقع، هو أو غيره، أو وحده أحياناً.
أنصاف حشريين كونهم يتابعون مواد معينة ويخلطون فيما بينها، بقدر ما يقللون من فعل المطلوب في القراءة.
أجندات قرائية، تعكس نوايا موجهة في الدق والإسفين بين المواد ودائماً بأسماء دون أخرى.
 في هذا السياق أعتقد جازماً، أنه لو كان في المستطاع لتم ليس إرجاع الرقم الدال على قراءة مقال ما إلى الوراء، إنما تصفيره وأكثر، ولا أدري هل هناك من يحسن هذا ” السوء الدال “؟
مكبوتون جنسياً، وهم ما فوف الأربعين أو الستين، وهم يتلمظون لمرأى اسم أنثى أو صورتها، شهوانيون بما لا يقاس في الرغبة للكتابة النزقة المفرقعة عن مادة أنثى” وليس امرأة “، استجابة لبهيمية مستفحلة فيهم. أو مكبوتات تالياً، وهن يقدرن كبت المقابل، أو ضعف الآخر في الانتباه اللا سوي، والعلاقة اللاسوية في الكتابة أو الاتصال الهوائي والتصريح الشائن..
لنثر قضية أخرى، وأقول قضية لأنني أجد أن القراءة بمحتواها سابرة حقيقة مجتمع ومدى تمدينه الأخلاقي:
كيف يمكن لمادة” وقد تكون مقالاً فعلاً، أو ما دونه، أو ما دون دونه “، أن تستقطب عدداً فلكياً في القراءة خلال زمن وجيز. أولاً من خلال طبيعة من يكتب على أكثر من صعيد: تاريخاً فعلياً ومغزى كتابته، وثانياً، من خلال الحضور وفي موضوعات ربما لا يؤخَذ بها، ولكنها رغم ذلك، كما هو ” دولاب اليانصيب ” تكر الأرقام بشكل لافت .
إن هذه من كبريات الفضائح التي يمكن تثمينها بمردودها التشويشي، السلبي، والإعاقي لنقيضها.
تُرى، كيف تتم المقارنة بين مقال له أتم الصلة بموضوعة الكردي واقعاً، وفيما يجب عليه الأخذ به، ولكنه منزوع” الحظ” في كَر ” دولاب الحظ “، إذ يتحجر الرقم، أو العدد، ولا يكون من منسوب يتناسب ومحتوى المثار فيه، ومقال آخر، لا يمكن أن يعقَل فيما ينظَر فيه عالياً، وقد قفز العدد هذه المرة وخلال أقل من ساعة، على مستوى أيام وأيام بالنسبة لمقال آخر ممتلئ قيمة أو ثقافة، قبل اختفائه التدريجي، ليصبح في خانة ” المقالات السابقة ” ؟
 أرى أن ثمة مسئولية أخلاقية: إنسانية، وطنية، قومية، اجتماعية وسياسية وذاتية الدفع أيضاً، للنظر في وضع كهذا، وتحديداً بالنسبة لهذا” الانحطاط المستدام في مفهوم القراءة كردياً، ومآله، كما هو وضع الكردي بالجملة غالباً.
كردي الفضائح، فضائح الكردي، ربما هو في سلَّم الأولويات، إذ إن الذي يشوه فعل القراءة كاتباً أو برسم الكتابة أو قارئاً أو برسم القراءة، مع فارق الاختلاف أو التباين، يحمل في ذاته أكثر من فيروس يعطّل به ما يتقوم به مجتمعه ثقافياً، أو يُصان سياسياً وثقافياً. وتلك دعوة أو بمثابة دعوة لمن يعنيه وضع مسرطن ويتهدد أياً كان على هذه الشاكلة.
سوى أنني أستطيع القول، ولمن يكتب المقال المقال” ولم أسمّ أحداً لا هنا ولا هناك : أصدقاء المقال، أصدقاء القراءة، لا يغرنّكم العدد الطيار بمراتبه المئوية، أو يغيظنكم العدد المتقافز بمراتبه الثلاث في زمن قصير جداً. ربما هي العبرة في الكتابة، وفيمن يقرأ فعلياً، وما يقرَأ فعلياً. أقول ذلك، رغم أنني من خلال معرفتي المتواضعة، أعتبر حتى العدد ما بعد المئوي أقل من أن يُتحدث في أمره، مقارنة بخاصية القراءة والذين يقرؤون” ليسوا أمّيين “، لأن الصحي هو أن يتجاوز الرقم المرتبة الألفية حتى بالنسبة لمقال ” سيء” بغية معرفته، وهذا ما يضعنا إزاء قضية ثقافية أو معرفية خطيرة وهي المتمثلة في ” مجتمع المعرفة “، وما إذا كان لدينا ككرد مجتمع معرفي حقاً. ذلك ما سأتطرق إليه لاحقاً، نظراً لضرورته الكبرى، كما أرى !
ربما كانت مؤاخاة النفس، أو صداقتها هي الأفلح في اتخاذ الموقف، أي” حسب كاتب المقال أن يكتب مقاله وينشره، ويبتهج لمن قرأ مقاله فعلاً، ولو بقي العدد في المرتبة الآحادية” ما دون العشرة “.
أهي خاتمة مفتوحة مقبولة إن قلت بلغة السؤال، ومحوراً: قل لي، ماذا ينفع المرء لو ربح ” العددي المئوي والألفي ” وفيه من التضليل والوهم الكثير الكثير، وخسر نفسه، وفيها من ثراء الحقيقة والرضى النفسي الكثير الكثير ؟؟؟!!!!
دهوك

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…