«جمال سعدون يغني الموال الأخير.. ويسدل الروح عن قلبه»

عمر كوجري

رأيت الفنان الراحل جمال سعدون أول مرة في حفلة عرس بقريتنا سويدية فوقاني، عام 1978 على ما أذكر، كان شاباً يافعاً، يعزف على آلة الجمبش، ويغني، بمكبرة صوت بدائية وبلاقط بدائي، لم تستطع المكبرة العتيقة تغييب عذوبة صوت جمال، ويومها أطرب كل الراقصين والراقصات ثلاثة أيام بلياليها..
وتكررت لقاءاتي بالفنان، فرغم تزايد أعداد الفنانين والمطربين بقي محافظاً على شعبيته ومحبي صوته، فصدح صوته في كل أماكن تواجد الكرد من عين ديوار وحتى دمشق، حيث كان لا يعرف الكلل وهو يغني، ويفرح قلوب العرسان، والمحتفلين في مئات بل آلاف الأعراس التي أحياها.
في العام 1980 كنت طالباً في الأول الإعدادي أقيم في ديريك بجوار منزل حبيبته، كان يعطيني العطور، والورود والهدايا كي أوصلها لحبيبته ليلى.. والتي ستصير زوجته فيما بعد، وسينجب منها أولاداً، وسيحزن قلبه على إصابتها بالسرطان ومعاناتها مع المرض، ووفاء الفنان لزوجته طيلة مرضها إلى أن توفاها الله.
جمال سعدون المكافح، ظل على نبله مع أصدقائه ومحبيه، وتواضعه الجم، حتى بعد أن صار فناناً مشهوراً حيث يتسابق الشباب للظفر بيوم شاغر له، ليصدح في أعراسهم.
ظل على تواصل حميمي معهم كل الوقت، رغم انشغاله الكبير بالعمل وإحياء حفلات الأعراس.
لم يدخل جمال المدارس، كان أمياً، ولم يتفقه ويتبحر في النوطات الموسيقية، مع ذلك كان يتقن، ويجيد العزف السماعي والأداء الممتاز للأغنيات ” التراثية الكوجرية” خاصة، دون تشويه أو اختلال.
اليوم، كل من عرف الفنان جمال، حزين، ومتفاجئ على رحيله، اليوم العرسان الذين أحيا جمال بصوته العذب أعراسهم حزانى..
وديرك.. معشوقته الممشوقة القوام.. اليوم غارقة في بحر الحزن..
طوبى لصوتك الذي سيقهر الموت بعد قليل، وفي الغد الأبعد أيضاً.
طوبى للموسيقا التي انتصرت للحياة رغم كل هذا الموت الزؤام الرخيص.
لنبقِ اسم جمال سعدون حياً وآثراً.. غداً في أحاديثنا، وليالي أفراحنا الملاح، لنبق صوته على أكثر من مجرد معهد موسيقي، أو قاعة موسيقية، أو كروب فني، لنطلق اسمه في أكثر من جائزة، هو وغيره من مبدعينا الكرد الذين لم نفعل لهم شيئاً مهماً في حياتهم… 
والآن نتسابق لتعداد خصالهم ومحامدهم..
عن صفحة الكاتب
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=426726150806482&set=a.141715159307584.47124.100004073028729&type=1&stream_ref=10

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…