عبدو خليل في روايته الأولى «فندق بارون»

  فؤاد عليكو

رفيقي السابق وصديقي القديم الأستاذ عبدوخليل اعرفه كمثقف وككاتب للمقالة السياسية واعرفه محاورا عنيدا يدافع عن وجهة نظره بكل حيوية ومنطق وأريحية . شاءت الأقدار والظروف أن نلتقي مجددا هذه المرة في استنبول بعد طول غياب بيننا، وهو يتأبط كتابا ويهديني اياه . فاجئني عنوان الكتاب (فندق بارون—رواية) صادرة عن دار الاداب ببيروت ومزيلا باسمه . المفاجأة كانت بالنسبة لي هو انني لم أكن أعرف صديقي ككاتب راوية ، وانتابني شعور اولي قبل أن أقرأ الرواية بأنها ستكون رواية المبتدئين المتطفلين على الادب، لكن ذلك الحدس لم يكن صحيحا البته. فما ان بدأت بتتبع الصفحات الأولى من الرواية حتى شعرت بقوة غريبة شدتني الى العمل. لدرجة عدم قدرتي على ترك الكتاب حتى انهيت قرائتها في غضون يومين .
وبما أنني لست ناقدا ادبيا للرواية ولاأعرف مدى مقاييس وفنون الرواية خاصة الحديثة والمعروفة أدبيا هذه الايام ، لكنني استطيع القول بأنني قارئ نهم للرواية و ربما لاأعرف عدد الروايات التي قرأتها في حياتي لكن اتذكر العديد من الروايات التي حفرت عميقا في مكان ما من ذاكرتي منذ أكثر من ثلاثين عاما مثل رواية الساعة الخامسة والعشرون والعقب الحديدية وماتوا ورؤوسهم محنية وصالبا وخان الخليلي وغيرها من الاعمال ، ولا أخفيكم سرا وبوضوح تام ان رواية فندق بارون حجزت لها مكانا في ذاكرتي ربما لاتمحى سريعا مع مرور الزمن رغم أنه العمل الروائي الأول ل عبدو خليل في هذا المضمار . نظرا لتشعب احداثها وتداخلها الدرامي بين الماضي والحاضر، فهو ينقلك الى بدايات القرن العشرين وتحديدا الى مجازر الأرمن وهجرة اليهود من حلب الى ارض الميعاد فلسطين والى العلاقات الإقطاعية التي انتشرت في العديد من قرى وبلدات الريف الكردي في منطقة عفرين تماما في خمسينات القرن المنصرم ، ثم تنتقل احداث الرواية الى الحياة السياسية ودموية صراع الأخوان المسلمين مع النظام في ثمانينات القرن الماضي، وكذلك يلقي الضوء على بدايات تغلغل حزب العمال الكرستاني داخل المجتمع الكردي في سوريا لينتهي به المطاف الى الحديث عن بدايات الثورة السورية وكيفية انتقالها الى مدينة حلب، اضافة الى ابرازها للتناقض الصارخ بين تفكير المجتمع الشرقي والغربي والسلوكيات الممارسة لدى الطرفين من خلال شخصية هيلين ، كل ذلك باسلوب شيق ورشيق و ضمن حيز سردي ضيق لاتتجاوزعدد صفحاتها المائتان الا قليلا . لكنها رسائل قصيرة لعناوين وأحداث كبيرة تترك للقاريء حرية البحث عنها والتفكر فيها واكتشاف مدلولاتها في أماكن أخرى في زمن رديء انحسر فيه دور الكتاب لصالح الثقافة السطحية من خلال الأنترنيت والفيسبوك والمقالات الأدبية والسياسية المكتوبة على عجل والتي رغم اهميتها إلا انها لايمكن لها ولن تكون بديلا عن الكتاب.
 أقول للصديق عبدو خليل مبروك لوليدك الجديد فقد أغنيت المكتبة الكردية والعربية معا ونتمنى أن تتوفق لإنتاج المزيد في المدى القريب .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…