الإعلام الكوردستاني بصحافته المتنوعة ونشرياته الدورية، بقنواته التلفزيونية العديدة، بالكثير من مواقعه الالكترونية، وبمساهماته الواسعة في شبكات التواصل الاجتماعي والنشر الالكتروني، قد قطع شوطاً طويلاً في الاستفادة من التقنية الإعلامية، إلا أنه لايزال متخلفاً رغم التطور الهائل لوسائل الإعلام، ولا يزال تابعاً للحزب السياسي ومرتزقاً بكل معنى الارتزاق. والأسباب جمة وشرح هذا يطول…
هناك اتجاهان سائدان في الإعلام الكوردستاني، تسجيلي وثائقي، لا يكلف نفسه بعناءٍ سوى تسجيل وتوثيق ونشر ما يقوم به حزبه أو تكتله السياسي من نشاطات وما يصدره من بيانات وما يحققه من إنجازات، ولا يفسح لديه إلا حيزاً ضيقاً جداً لقبول “الرأي الآخر” الذي يكون على الدوام تحت إشراف وتقييم المشرف الحزبي على الإعلام، وهو يحمل مقصاً كبيراً يستخدمه لقص ما لا يعجبه من المواقف، سواء تلك التي للإعلاميين غير الملتزمين حزبياً أو من الموالين للحزب، ناهيك عما يكتبه معارضو سياسة الحزب أو زعيمه، والاتجاه الآخر هو الذي عليه المتمردون على سلطة الأحزاب وتسلطهم على مفاصل الإعلام الكوردستاني ويحاول بشتى السبل الوصول إلى شواطئ بعيدة وآفاق واسعة ينشر فيها ما يرى نشره ضرورياً ومفيداً للشعب، حتى ولو كان على حساب تكتلٍ حزبي أو زعامة ما… ووظيفة الإعلام الكوردستاني الأولى تكمن في دعم هذا الاتجاه وتقويته ودفعه إلى الأمام من خلال التدريب والمساندة وإفساح المجال أمام الإعلاميين الكوردستانيين الذين يريدون أن يصبحوا صحافيين مهنيين بكل معنى الكلمة وان ينقلوا الحقيقة للشعب بدقة.
حتى يتمكن الإعلامي من الكتابة عن الحقيقة يجب أن يكون باحثاً جيداً عنها ويحبها، لا أن يكون مكرهاً على التستر عليها والتنكر لها. ويجب أن يكون حراً حتى يستطيع الكتابة عن الحرية، لا أن يمدح الاستعباد والتبعية والخنوع ولا يتجرأ على الحديث بحرية عن الموضوع الذي يسعى لنشره، وعلى الإعلامي أن يكون مؤمناً بالديموقراطية وأن تكون له معرفة جيدة عنها وعن حقوق الإنسان في المجتمع الديموقراطي حتى يتمكن من الكتابة عنها، لا أن يكون عبداً ذليلاً لم تتعرف عيناه سوى على الذل والنظرة الأحادية والسياسة التي تؤمن بأن لا بديل لها والزعيم الذي يراه أتباعه معصوماً عن الخطأ ولا يضاهيه أحد في ذكائه وسياسته وفشله، بل وخيانته… كما يجب أن يكون الإعلامي مؤمناً بالكورد وكوردستان حتى يقدر على الكتابة عنهما بإخلاص وتفانٍ، لا أن يميل عن الدفاع عنهما حسبما تريد منه سياسة الحزب وإرادة القائد وتكتيكات الجماعة المنتمي إليها… ووظيفة الإعلام الكوردستاني الحر تكمن في بناء الشخصية الإعلامية وتثقيفها وتدريبها للدفاع عن هذا الاتجاه ضمن صفوف جيشها العرمرم.
اليوم، نرى في شبكات التواصل الاجتماعي العالمية عدداً كبيراً من الإعلاميين الكوردستانين الذين يبحثون عن الحقائق وينشرونها ويدافعون عن قضية شعبهم الكوردي المظلوم بقوة من دون أن يكون هناك حزب حاضن لهم أو داعم يدعمهم، بل يستفيدون من الإمكانات الهائلة التي تقدمها لهم هذه الشبكات ويتخلصون من “الرقابة الحزبية” ومن توجيهات السيد “المشرف العام” و لا يكتبون إلا ما يرونه حقاً ويجب نشره للشعب، وتراهم يقضون مئات الساعات شهرياً من عمرهم دون مقابل ليتابعوا عملهم الدؤوب والضروري في خدمة تطوير الإعلام الكوردستاني، إعلام الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، إعلام الكورد كوردستان، لا إعلام التبعية الذليلة والتستر على الحقائق ودفن الضمائر الحية في ظلال الدكتاتورية البائسة التعيسة.
22/04/2014