الإنسان واحدٌ في الجوهر

مروان
بركات

 

الفكر، والعقل، والإرادة ، والإحساس هو الإنسان الواعي، ومن دونه يكون
الإنسان متوغلاً في اللاوعي، ولا يمكنه أن يتبادل مفاهيم الحياة والوجود مع غيره. كل إنسان بطبيعته الإنسانية مغمور لوجود
الغير كيفما اتجه حتى في انزوائه وصمته، ومن لا يتفاعل مع محيطه الإنساني بالفكر
والعقل والإحساس يقضي على إنسانيته وينحدر إلى العدم.
إذ لا يمكن للإنسان
أن يخطوا إلى شاهقات النصر، والتحرر، والحرية إلا من خلال العقل،
والفكر، والإرادة، والإحساس النقي بمسؤولياته الإنسانية. إذا كان في السماء غيوم
تمطر الخير ونجوم تضيء شيئاً من الليل، وشموس، وفي الأرض ماء ونبات وملايين
الكائنات، وفي قصور الاستبداد كنوز من الذهب والفضة وغيرها من المقتنيات الثمينة،
وإذا كان تحت إمرة قواد الحروب أفتك أنواع الأسلحة,
إلا أن الإنسان أشرف وأكثر قيمة من كل هذا وذاك. ومن لا يدرك هذه الحقيقة إنه يعيش في
الغيبوبة المرضية، ولا ينتمي إلى اللطيفة الإنسانية.
 

الإنسانية كلمة مقدسة المضمون تستحق أن تنحني أمامها الرؤوس والقامات، هي
تلك السلسلة المترابطة الحلقات التي تتمطى مع الأجيال، وهي لا تُغلب في عصر دون
عصر منذ أن كان الزمان
الإنساني … ولا يجرؤ الحس الإنساني على مهاجمتها أو محاربتها، أو
محاولة خدش مكانتها في قاموس البشرية، إلا الذين يعيشون خارج الزمن الإنساني.

الإنسانية هي الإنسانية في كل زمان ومكان.  كم هو جميل لو أن الشعوب
تسير كلها نحو فكرة الوحدة الإنسانية. فالإنسان هو الإنسان حيث كان، واحترام حقوقه وقيمه الحقيقية لكونه إنساناً, وليس لكونه أبيضاً أو أسوداً، آسيوياً أو
أوربياً، عربياً أو كردياً، وليس لكونه مسلماً أو مسيحياً، أزداهياً أو يهودياً،
وليس لكونه فقيراً أو غنياً، ذكراً أو أُنثى لهو من أجمل ما يكون، وهي الإنسانية
بعينيها.. ويجب أن تكون كذلك. إن احترام وصون إنسانية الإنسان حيث كان يقتضي
كف الإنسان عن القتل والتعذيب والتشريد والاحتقار لأخيه الإنسان… والكف عن كل ما يهدد 
البشرية، ويهدد المكونات المسخّرة لها..
ويهدد حضارتها… ويجب الكف عن قوة السلاح التي تعربد بفتك الإنسان. إن ما يجري على أرض سورية من الويلات، والمجازر، وأبشع الممارسات بحق
الإنسان والإنسانية، ما هو إلا نتاجاً للذهنية الساديّة، التي عمل على زرعها نظام
البعث خلال خمسة عقود من الزمن.   

.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…