السيرة الذاتية لعتال الحروف, وعلامات الترقيم

كاسي يوسف

العطش المتزامن مع الغبار, وحرائق الأسفار المتراقصة أمام الرموش الملتفة, الفتنة المختبأة في الرقص السائل

التلل المنتشية بالخضرة وبعبق أوراق الجوز, أشياء تتتابع في سلسلة البوح الصوت الخافت, الأبواب التي تهرب من نحو طارقيها, والعيون الشاخصة في زوايا النوافذ, العرق المصاحب لحصان أبي, وهو يعود من العمل, من رحلة التعب, ومن سفر الكد, واللهاث الذي لن أنسى قصصه المنتشرة في أركان البيت, اثر كل عودة لأبي من النضال الذي لم يسجل أحد رقمه القياسي, في التضحية والوفاء لأبنائه, لهاث أبي وهو يحمل الآلاف المؤلفة من أحجار البناء, من أكياس القمح, من الأثقال التي حرم الله أن يحملها الانسان لانها فوق طاقته, لكنه حملها ولم يستمع لأحد أيا كان,
وبقي يمضي في درب العرق, والدمع, والدم المسيلين معا في سبيل تربيتنا, كان الكون جميلا, وكان الوقت نقيا من الغبش ومن العكر الذي لحق بأذياله, كنا سعداء جدا, كنا ننمو بأكثر الصور طبيعية, لم يكن البعث قد جنى ثمراته التي تحولت لأشواك في حلوقنا بعد, كنا صغارا جدا, ما عرف أحدهم لي معنى كلمة مكتوم القيد, تلك الكلمة الصغيرة ,التي كبرت بتعاظم شيطاني, أبى أن يترك دربي, ودرب اخواني وعشرات الآلاف من أمثالنا من الكورد فيما بعد.

كانت المدرسة الابتدائية الأولى التي درست فيها هي مدرسة علي ابن ابي طالب, في العنترية, مجموعة الأطفال الذين تربوا في تلك الحقبة, يصعب انتاح جيل آخر شبيه بهم ,لاختلاف الحقبة من كل النواحي ,حتى المناخية ,فالأمطار كانت غزيرة جدا, والمواسم التي كانت مباركة رغم قلة الأدوات, كانت تكفي الجميع, الملاك والفلاحين والعمال والعاطلين ,وفرن حجي حسني دري كان معلما شاخصا هناك, والذي تحول فيما بعد لأقسى الصيغ الامتحانية, التي مر بها الشعب المحيط بذلك الفرن, للأسباب السياسية ذاتها التي جلبت المغموريين من المستوطنين العرب, للمنطقة الكوردية ووزعت عليهم أخصب الأراضي الموجودة في الاقليم الكوردي, من دجلة وحتى الخابور, سياسة البعث الخفية, والتي دأب العنصريون من حكام سوريا على التخطيط لها وتنفيذها على الارض. الكتلة البشرية التي سكنت ما بين النهرين بعد طوفان نوح كنت تجد صورة مصغرة عنها في العنترية, من الأولياء الصالحين, والزنادقة الكفار ,ومن المنافقين, ومن الصادقين, من كل المشارب, شوارع العنترية الضيقة أوجدت الشخص العصبي , والمصاحب للفورة المرتبطة برد الفعل  المنعكس العنيف, جراء الطبيعة المليئة بالشوارع الضيقة والأزقة الطويلة والفروع المفاجئة في التخطيط العمراني للعنترية, وأي تخطيط هو ذلك الذي ليس له مثيل, لعشواءية  وأهواءية المخطط. والطريق يمر من الجهة الشمالية للعنترية, وفي الجهة الشمالية هناك تجمعات الدالينيين

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…