خاتيرا xat îra*……!

إبراهيم اليوسف

مساؤك من قطن ودم
مساؤك من حلم ولازورد
كيف لك أن تستدلَّ على عثرات الغبار
وتسدل على الخوف الستارة
مطلاً في شرفتك
كل يمرُّ بوروده
يرميها  بانتظام

حيث تكون….!
عِمت نشيداً
كنت كتبته ذلك الصباح
بزهوٍ بارع
ورنينٍ معلّم
عِمت أبهاء لم تنس
وخزامى
تجاور السنديانة
في الحضن الوفير من سمَّاق وزبيب وجوز…..!
عِمت فضاء
حطَّ عليه رفُّ الحجل
حطَّت عليه الزرقة والرياحين
عِمت ضحكة الطفلة الصغيرة
تنشر دهشتها في صحن الضوء
تنهمر عناقيدها بغتة
على متن الخديعة
ومواويل أم معتكفة على  ملعب الطفولة
ملعب اليفاعة
هناك
حيث لا تستكين
ترمي تيجانك الذهبية
فوق التراب
وتهيل على الحليب الأغنيات
من قال لها أن تنام ولو هنيهة
في هذه المصادفة من التقويم
وتراك في سهوٍ من ياسمينٍ شاميٍّ
كانت تنتظرك على جمر الفجاءة
تخيط قمصان الصباح
على عجل
من أغنية كردية قديمة
طالما هدهدتك عليها
أماكن كثيرة تعصرها لك
في كأس ماء
كأس يقدح شرارة الرسالة
والأفق يرتل وراءه برد عصافير الدوري
منهزماً تحت أجنحة وشمس من نحاس
لا تفسير لحضن العجوز إلا ارتباك للوقت
تحلبه كقطيع أيائل في وجوم المغيب
وهي تداري الجبل بالسهل
الينابيع بالبئر في درجاته الحجرية
قرب الشجرة التي طالما استظللت بها
تقرأ رسائل الشاهنامة
شامخة الحكمة
ياللمرأة تستعيد حليب الجدات
وحنو الكرديات الباذخ…!
ثمَّة صورمن خطوات
تركتها عندك في القرص الباريسي
مضغوطاً بالنسيان والسنوات
طائرة ذهبت بنا في اتجاهات كثيرة
لم تعدبنا بعدها
الأماكن كثيرة:
حلب
باريس
بروكسل
هرنة
إيسن
هانوفر
بون
برلين
فرانكفورت
أمستردام
استوكهولم
أوبسالا
قامشلو وواسطة الهبوب
مساؤك من حرير الديباجة
وغزل الغزالات
في سفح زاغروس
لا يجيد سوى الطلوع
إليكها نجماتي الحزينة
تنزُّ ما ظلَّ في فلكها من ضوء
وحكمة
لا تذبل على أغصان دوالي اللغة
داكنٌ هذا الحبر
تستخلصه  النعوت
من صدى الدم
في الظهيرة الحائرة
لا تطاوع الأصابع أزرار الكمبيوتر
أوزار الرصاصات المهندسة
يلتقطها الشهود
هواء
شقيقاً
ابناً
صديقة
ومضيفاً
كريات لا ترعوي في فتنتها
أصداؤها تطبق شاشة التلفاز
والطريق إلى الشارع العام
عيناك مفتوحتان
على أتمّ  ما للمدينة
على جمهراتِ الجمعة الأخيرة
تلصقُ  على حيطانها النعوة
تلصقُ عليها صدى هتافك الماجد
ألتقطُ النبأ في رنين جريح
رنين يتخثر قبل أن يصل
درجات المستشفى
السيارة السوداء تقف
السيارة السوداء تغوص
في  لزوجة الظل
ورقمها المتواري
تغوص في العويل
تغوص في صلف الكلاشينكوف
يتوقف على بوصلته فمك
دم وساعة يد تستمر بالهبوب
مبكرة كانت الظهيرة
مبكرة أجراسها المائية
استوت فوق باحة البيت البسيط
كأنك على موعد مع كل ذلك
حقيبتك وفيها الكتب وألبوم الأسرة
لا بتوبك الممتلىء بالأوكسجين
ترددات أصوات سجناء صيدنايا
الجرائد التي صودرت
السيارة البيضاء من ثمّ
السيارة البيضاء من قبل
طريق كوباني/حلب
ظلال قامشلو/ درباسية
توريات نجوم هاتيك الليلة
وفوّهة المسدس
توأم الكلاشينكوف ذاته
والموبايل المفتوح على استغاثات محبيك
في زاوية المنفردة  والكرباج
لاتدع وراءك أيَّ أثر
لاتدع وراءك أيَّ ضوء
لا تطلقْ سرب يماماتك
من تحت وجوم القميص
ليست كل الآذان ودودة
ليست كل العيون ودودة
ليست كل الأكف ودودة
لا تسردْ قصتك
قبل ارتباك المسافة
قبل وجوم النظارة
يغسل هدأتهم  رذاذ اليقين
لا ضير عد القهقرى قليلاً
-أناشدك عن بعد-
ودار يخضور الشجرة
متساقطاً  فوق لهاث أكتوبر
تركت لك الصوى
تركت لك أساورها النارية
تركت لك أمشاطها
باذخة
تختار أبعدها
وتكتب رائحتنا أينما مضيت
لم تسهُ بوصلة قلبك عنا
عمن آويتهم في  رحاب  الخلايا
تباغتهم مراياك
بالحنكة
يقطفها مداهمو الاجتماع الحزبي
تحضره حافي الوصايا
لا عودة إلى ذاكرة  الدم
لا فراق لذاكرة الدم
جواز سفرك  وهو على أوبة العبور
و بياض الإلكترون
صارم
كوجه مستذئب
إياك أن تنسى
المحطات كثيرة
والعربات تتوزع عويل الوقت المنكسر
معطفك معلّق
على مشجب الوداع
كراريسك في البريد الإلكتروني
وصفحة “البروفايل”
مفتوحة على آخر الردود واللهفة
إياك أن تنسى
كلمة المرور
على عادة الذَّاكرة الصارمة
مساؤك مفتوح على سرير من غضار
ورجال يعاينون صدى صوتك
ونجاح الخطَّة القديمة
هم في غمرة الارتباك
هؤلاء….!
هم في غمرة المكيدة
صائدو أنفاسك
صورتك تشير إليهم
-ونحن نعرفهم…!-
إصبعك تشير إليهم
وصيتك تشير إليهم
دمك يشير إليهم
هم أقرب إليك من حبل المشنقة
وأبعد من الرصاصات
ظلت فوارغها على الأريكة وفنجان القهوة
تحتفظ بها هناك
كأنك لا تريد أن تسميهم
كأنك تريد أن تسميهم
وهم يتعقبون هديرك السلس
لا يلحقون بك
حيث قامتك لا تهادن
حيث صوتك لا يهادن
حيث ظلك لا يهادن
تشرب الماء الأجاج
وينهمر الرصاص صوبك
تغلق الكتاب على قرمز تراه لأول وهلة
و يسقط الرصاص حولك
تسوي ربطة العنق الزهرية
و يسقط الرصاص حولك
تنهض
و يسقط الرَّصاص حولك
ليس له سوى سيرته المختصرة
سيرتك الفارهة
ضحكتك
وهي ترافقك إلى الشرفة
في افتراض من شوق
حين يكتب القاتل مرثيتك
وهو يسقط
يسقط
لا تأبه إلا للأفق
يقتنص رحابة الكواكب
مساؤك لثغة النعناع
ضفائر حبيبتك بين أصابع المساء
عسل مناحل الجنازية
ورِيّ  القرويات من مسيل الهطل
فخار الجرار على طريق البئر
سور الهيام ونوافذ المفاجأة
مساؤك  طمأنينة بياض الروح
تلتقطه شجيرات الخرنوب
وهي تعلق ثميراتها على جدار العتمة
يلتقط الهيبة من دوي الاسم
متوزعاً في الكتب
 وأريكة البيت الحليبي
في طابقه الثاني عائماً فوق الدرج الخشبي
وصالة الضيوف
صورتنا الثنائية في الصحن البرليني
في الزاوية
لا ترجىء دمك
في المظاهرة المسائية
في دمشق
حلب
قامشلو
راياتك
وهي تسير نحو “السبع بحرات”
حيث الغاز المسِّيل للدموع
حيث فزع حراس الهاوية
ثنِّ زفيرك والشهيق
في متوالية المهرجان
في لعبة القلب خافقاً
في لعبة الدم
وانهض
انهض
ثمة بقية للمسرحية
بقية للممثل والمخرج
بقية للحريق والموت
بقية للخراب
بقية لارتطامة الأفق
لست البطل الأخير في النص
مادمت تتلمذ على يديك الفراغ
تلبسه قفطان النبوءة
ثمة ما تقوله رفيقتك الحزبية
ثمة ما يقوله نجلك
وهما في اكتظاظ الارتباك
شاهدان في وثوق الإشارات والجراح
ثمة ما يقوله النظَّارة
في الصالة بجدرانها المحاطة بالنار
سقفها المستعار من  طاعة البراميل
صباحك من حفيف الحبر
صديقي…!
تسدل ستارته المظلمة
على الضوء
تراقب المشهد في قرفصة
متواصلة
ونشيد ينهمر من زجاج نظارتيك
من سلاميات الأصابع
باسلاً بسبابة باسلة
سبابة لا تهادن على حدودها
تفتح الستارة عن حومة الدائرة
وخوف مندحر
تقول مالم تكتب
وتكتب مالم تقل
حيث أنا
في دهشة
وانتظار……….!

إيسن
3-6-2014

** أي “المشعل” بالكردية
وكان البريدَ الإلكتروني للشهيد مشعل التمو

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…