أفين إبراهيم
لم يكن رجلاً..
كان حزمة من الملائكة. .
فردت السماء و طوقت خصري بالغيوم…
لم يكن رجلا…
كان طفلا من النايات الحنونة…
يطلق غزالات حزنه ويترك العشب لصدري القليل..
كان جوقة من اللبلاب الأحمر..
اللبلاب الذي يبحث عن جسد يفرش عليه وجعه أواخر الصيف…
لم يكن ذئبا كما علمتني يا أمي. .
كان قطيعا من الخراف الخائفة .
الخراف التي تحتاج لوطن يشتعل في اصابع امرأة..
لم يكن رجلا يا أمي. .
صدقيني هذه المرة. .
لم يكن رجلاً..
كان منفى. .
منفى كامل من العصافير..
كان شمس من النجوم التي ترتعش …
عندما الف خصره وارفع عيناي الكبيرتين…
كان وطن من الأسلاك الشائكة ..
الأسلاك المجروحة بلمسة مني بكت ..
بكت يا أمي وسقطت على صدري كسترة قتيل…
لم يكن رجلا ..
كان أجراساً من القرنفل الأحمر جمعت أرواحي الميتة…
وفتح نعش الحب فطارت كل المسامير…
أه يا أمي ..
كم مسكينة أنت ..
مسكينة أنت يا أمي ..
لا تعرفي معنى أن يسكنني الضوء ولا اطير ..
أجل يا أماه ابتلعني الضوء…
ارتشفني ولم يكن طعم قهوتك مراً ذلك اليوم ..
لم يكن وجهك حزينا عندما خرجت لي من جرحه العميق …
هناك من خده الايسر خرجت ..
خرجت يا أمي كما لم تفعلي يوماً …
ضممتني الى صدره دون أن تبكي …
ثم رحلت تاركة قلبك المطمئن للملائكة يا امي …
الملائكة لا الشياطين…
لم يكن رجلاً …
كان قمرا برموش عسلية ..
يجلس على ركبتيه كل صباح وينظر الى وجهي النائم ..
يقبل أكتافي العارية …
يغطي ماتدلى من أنوثتي المبتورة…
ويعد لي فنجان شاي بطعم توته البري ..
كان مدينة من المصابيح المنسية فقدت نورها عند بوابة الليل..
كان عشرة قضبان اقتحمتها أصابعي النحيلة ولم تنكسر اضلعي بل ماتت…
ماتت طويلا يا أمي رميا بالحب ..
بالحب يا أمي وليس الرصاص …
آه (يادى ) ..
آآآآه …
لم يكن رجلا…
كان أبي ..
أبي الذي طالما حلمت أن يعود شاباً ..
كان دمي الذي يصطدم بالشعر فتحمر وجنة الكلمة كما في لحظة حب لتخضر روحي..
كان ذلك الذئب الحنون الذي بحثت عنه أربعين عمراً وعندما وجدته يا أمي …
مزقني الطريق ..
كان ذهبي ..
فضتي لوني ..
وما أضعته من خواتم في أنة الحريق..
كان قرآن أبدياً …
قرآني الذي حلل الحب والقتل و البكاء والشتم معاً …
لم يكن رجلاً كما علمتني يا أمي ..
كان أنا ..
بركة من الحمامات المهاجرة …
و خرزة زرقاء تصرخ بالضوء ..
تغني لهذا الزمن الأرمل ..
تغمض عيوني لينام الطريق.
……………………….