وهذه الدّراسة تصدّت لدراسة المجوعات القصصّية التالية للأديبة د.سناء الشعلان: أرض الحكايا، وقافلة العطش، والكابوس، ومذكرات رضيعة، ومقامات الاحتراق، وناسك الصومعة، وتراتيل الماء، الهروب إلى آخر الدّنيا، الجدار الزّجاجي.
وقد ذكر الباحث أنّه قد توصّل من دراسته هذه إلى :أولاً: أنّ الرّؤية السّرديّة تُعنى بدراسة الرّاوي وموقعه وخصائصه، وقد يختلف حضور الرّاوي في القصّة من مؤلف لآخر ومن قصة لأخرى، فهناك قصص يغلب روايتها بواسطة راوٍ معين وزاوية واحدة، وقصص أخرى تتسم بتعدّد الرّواة وتنقلهم من زاوية إلى أخرى.ثانياً: يغلب حضور الرّاوي العليم (الخارجي) في قصص سناء شعلان، سواء أكان شمولي المعرفة أم عين الكاميرا، وقد استثمرت شعلان حضور الرّاوي الدّاخلي في مقاطع سرديّة صغيرة. ثالثاً: أمّا الوظائف المشتركة بين الرواة الثلاثة في قصص شعلان؛ فيلاحظ أنّ وظيفة التّعريف بالشخصيّة هي الوظيفة التي يقوم بها الرّواة جميعهم لدى المؤلفين، ولا يقتصر هذا الدّور على راوٍ معين، فتتظافر جهود الرّواة في الكشف عن سمات الشّخصيّة سواء من الدّاخل أم من الخارج. رابعاً: يلاحظ وجود وظائف خاصّة بكل راوٍ لا يشترك معه فيها أحد، فوظيفة التّواصل مع المروي له من مهام الراوي شمولي المعرفة، ويلاحظ أن الشخصيّة في هذه الوظيفة تكون موضع تعليق من الراوي؛ مما يعني أنها تمرّ بتطوّر مُعيّن يريد الراوي أن يُوضّحه لنا، وكذلك وظيفة الوصف المباشر عن طريق الرّاوي عين الكاميرا، أمّا وظيفة إقامة حبكة جديدة فإنّها تأتي مع الرّاوي الدّاخلي، فتصبح رواية الرّاوي الداخلي نفسها حدثًا في القصة.خامساً: لا يمكن فصل الرّاوي عن عناصر القصّة من (مكان، وزمان، وشخوص، وحدث، وحوار، وغيرها)، فالرّاوي ملتصق بهذه العناصر التصاقاً تاماً؛ فهو المعرّف بجميع هذه العناصر، فيضفي عليها رونقاً خاصّاً، ويجعل من أحداث القصّة عنصراً مشوقاً للقارئ.
وقد انتهت المناقشة التي أوصت بمنح درجة الماجستير للباحث بالإطلال على توصيات الباحث التي تتلخّص في:أوّلاً: يوصي الباحث بدراسة مجموعات سناء شعلان القصصيّة وفق مناهج أدبيّة مختلفة، كالمنهج النّفسي والاجتماعي والسّياسي، والأدوات الفنيّة التي من خلالها يتم تقديم العمل الأدبي من استخدام: (الضمائر، والتّذكّر، والارتداد، والاستشراف، والاسترجاع، والمونولوج)؛ فهذه الأدوات تساعد أيضاً في الكشف عن رؤية شعلان السّرديّة.ثانياً:وحرص الدّراسات المقبلة على إظهار مكامن تميّز التجربة القصصيّة النّسويّة عند شعلان، عبر تجربة قصصيّة حافلة بالتجريب وتقنيات الحداثة.ثالثاً:إنّ موضوع الرؤية السّردية لا يعدُّ ترفاً علمياً، فقضيّة دراسة الرّاوي وموقعه تعدّ من أهم الدّراسات وأنجحها؛ فالقصّة لا يمكن أبداً عزلها عن الرّاوي.
ويُذكر أنّ الأديبة الدّكتورة سناء الشعلان من الأصوات القصصيّة والروائية الأردنية والعربيّة التي لها حضور بارز وبصمة خاصّة، ولها نحو 46 مؤلّفاً، منها 13 مجموعة قصصيّة، وقد نالت الكثير من الجوائز العالميّة والمحليّة والعربيّة تثميناً لموهبة قلمها، كما كانت تجربتها القصصيّة والرّوائيّة محط دراسات جامعيّة وبحثيّة وإعلاميّة متعدّدة في شتّى أنحاء الوطن العربي.