لكل منطقة تاريخها
الطويل، ولكل تاريخ وثائقه ومصادره والكتابة عن تاريخ قرى الجزيرة هي إحدى وثائق
تاريخ هذه المنطقة الهامة. وبالنظر للتغيرات التي تحدث في الجزيرة، لأهميتها
الأقتصادية والجغرافية والسكانية والدولية، فقد آن أوان الكتابة عن كل قرية من
قراها، وتسجيل هذه التغيرات لمعرفة أحوالها القديمة والحديثة التي يجهلها أبناؤها
ومن يمرون بها ويأتون إليها. لا أعرف كاتبا،ً كتب عن تاريخ الجزيرة مع ما تحفل به
من مدن وقرى، وما لها من أهمية استراتيجية واقتصادية وسكانية في القديم والحديث وما
شهدت من أحداث عبر التاريخ.
كتابة تاريخ الجزيرة ووصف قراها وبلداتها… ولكني لا أجد الوقت، ولا توجد المؤسسة
التي تشجع كتابة هذا التاريخ وتساعد على نشره.
انطلاقاً من هذه الفكرة رغم صعوبتها بدأت بالكتابة عن قريتي دودا، وهنا
ادعو من له المقدرة على الكتابة عن قريته أو بلدته ان يكتبها وينشرها.
بالعربية، تتبع منطقة القامشلي، حدودها شرقاً أراضي قرية خراب كورت وكودو، غرباً
أراضي قرية تل كيف وخربة القصر، جنوباً أراضي قرية سادا وشمالاً سكة الحديد وأراضي
قرية مندرى وزورآفا داخل الأراضي التركية. عدد نفوسها زهاء 300 نسمة.
تبعد قرية دودا عن
الحدود التركية كيلو متراً واحداً وعن مركز مدينة القامشلي 13 كيلو متراً، وعن مدينة ماردين 50 كيلو متراً. يقابلها في
الجانب التركي محطة القطار في قرية سرجخان.
يمكن الوصول إليها من
القامشلي عبر قرية هرم شيخو وبلاقية وسادا والطريق معبد. تقع القرية على تل روماني
قديم، يحدها من الشرق وادي (بستا زغر) ومن الغرب وادي (زورآفا)، ومن الجنوب (بستا
دوآفي)، تتجمع فيهما المياه شتاءً وتنصب في نهر جقجق بجانب قرية عاكولة. أراضي
القرية سهلية، ويوجد داخل عقار القرية بعض التلال: كركى بكي، كركى قره جه وكركي
عبدي وعلى بيادر القرية مزار (كفرى بروسكى).
منظر القرية جميل
جداً في الربيع، مناخها صحي ومياهها عذبة، أزقتها ضيقة وملتوية، طينية شتاء ومغبرة صيفاً، وهندسة البيوت السكنية بسيطة،
اكثر الدور تتألف من غرفتين أو ثلاث وأمامها رواق، يحيط بالجميع سور بسيط والبيوت
بشكل عام مبنية من اللبن والطين والحجارة والسقوف من الخشب والقش، ويوجد بجانب كل
بيت اسطبل للحيوانات التي يربونها، وجميعها يتألف من طابق أرضي فقط وتتجه البيوت
نحو الجنوب، يتوفر فيها بعض الشروط الصحية. ومن زمن غير بعيد ظهرت فيها أبنية
حديثة بنيت من الاسمنت والحديد. الحالة
الصحية في القرية جيدة ولا يوجد فيها أمراض إلا نادراً، ليس فيها بلدية ولا يأتيها
الأطباء إلا في حالة الطلب.
العلم في القرية
بتقدم مستمر، حيث يوجد فيها مدرسة أبتدائية منذ عام 1954، وانجبت العديد من المتعلمين والمتعلمات، ونسبة التعليم في
القرية تقارب 70 بالمئة. تأسس فيها مخفر للجيش منذ عام 1947، تحول فيما بعد الى
مخفر للدرك ثم لشرطة حماية الحدود.
لا يوجد في القرية
أبنية تاريخية او أثرية، غير التل المتموضع عليه القرية مع المقبرة، فقط يوجد فيها بئر أثري يسمى (بيرا زوري). جميع أهالي
القرية متصفون بالأخلاق الحسنة ويمتهنون الزراعة وتربية المواشي ومشهورون بالعمل
في مقالع الحجارة في الواديين المذكورين. قبل خمسين عاماً كان أغلب أهالي القرية
يرتدون الألبسة الكردية، أما الأن فأغلبهم يرتدون الألبسة الأوربية. أما النساء فمازلن ترتدين الألبسة الكردية. تنقسم
القرية الى حيين: الغربي والشرقي، وبوسط القرية ساحة تعرف باسم (نافتار). لم تنقطع
الحياة عن هذه القرية عبر تاريخها الطويل، كونها واقعة على طريق الحرير، التي تربط
بين ماردين والموصل، ومنذ عالم 1917، يمر عبر أراضيها من الشمال، المتاخمة للحدود
التركية قطار الشرق السريع.
في بداية خمسينيات
القرن الماضي لجأ إليها الشيخ بهاء الدين الزيلاني شقيق الشيخ خالد الزيلاني واتخذ منها مقراً لدعوته بعد فراره من تركيا
عقب اجهاض ثورة ديرسم واعدام قائدها الشيخ سيد رضا.. واليوم فيها مسجد بسيط جنوب
القرية. في عام 1969 شهدت القرية نزاعاً عنيفاً بلغ حد المشاجرة بين شيوعيي القرية
المغرر بهم وملاكيها القوميين.. دخلت زيارات بعض الشخصيات الكردية الهامة ذاكرة
أهالي القرية، منها زيارة فؤاد قدري بك جميل باشا وجميل حاجو وأكرم حاجو ورشاد بك
من آل علي بك المللي عام 1957 الى بيت المختار عبدي كدو، وذلك لفض النزاع القائم
بين عشيرة بوبلانان وعشيرة تمكان على أراضي قرية خراب كورت، وفي عالم 1968، زيارة
الشيخ علاء الدين الخزنوي..
سياسياً، عرفت
القرية ولادة أول خلية حزبية (البارتي) عام 1964، بجهد كلاً من الاستاذ صالح كدو والمهندس حسن أحمد والمحامي نزير درويش.
ومنذ ذلك التاريخ اصبح أهالي القرية يحتفلون بعيد نوروز.
ترأس مختارية
القرية العديد من الشخصيات من قبل آل عبد الرزاق جلبي مثل خلي دوكو ومحمد حجي عبدي ومردو اليهودي وغيرهم ولاحقاً تم
شراء القرية وكان أحمد عبدو مختاراً للقرية في عام 1944، ومن بعده عثمان عبدو، ثم
عبدي كدو والأن محمد سليم كدو. أراضي القرية تعود بملكيتها الى أربعة ملاكين وهم آل عبدو وآل كدو
وآل حجي كفر وآل مللي وهناك العديد من الفلاحين الذين يفلحون ويزرعون أراضي
الملاكين بنسبة عشرة بالمئة من انتاج المحصول للمالك. وهي إحدى حواضر عشيرة
بوبلانان.
كونى ره ش / القامشلي 26.08.2014