مطرٌ منك ..مني فراشات!

أفين إبراهيم

 

ما بيني و بينك ليس
حباً أيها القلم.. 
.. إنه الحبرُ .. 
حين يجتمعُ في دمِنا.. 
يفركُ عيونَ الطرقاتْ.. 
.. ويعدُّ قهوةً ساخنةً لسربِ حماماتٍ تستعدُ
للرحيل 
ما بيني و بينك ليس
حباً.. 
إنه علاقةُ الروحِ
بشراسة الأصابعِ عندما يحملُنا الليلْ… 
هو دموعُ قرميدِنا
الأصفر
..
يتساقط خريفا عاشرا
للعصافير 
ما بيني وبينكَ
ليس حبا 
هو شيءٌ يشبهُ خلوةَ
الورود للمزهرية
… 
بريق الروح في عيون
الملائكة الطيبين
…. 
هو أوراقي المتناثرة
فوق وسادةٍ تحاولُ لملمةَ أنفاسي كي تستوي التجاعيد 
هو ذلك القلقُ الذي
ربطني بالبحرِ كلما رفعتُ راسي التصقتْ في حلقي موجةٌ…. 
هو شيءٌ يشبه شرائط
الهدايا ولهفة حقائب المغادرين! 
هو طمأنينةُ الشعرِ
في شهقةِ مطري الأخير… 
ما بيني وبينك ليس
صلاة
.. 
إنها الجدوى .. 
عروةُ الكلامِ المثقوب… 
و أزرارُ سماء مفتوحة
على وجع يصيح.. 
لا عروق تحتمل نزف
دمي المهاجر!.. 
لا أمنياتٍ ملونةً
تلوح الآن!… 
لا شمسَ ترتعدُ تحت
خطى القرنفلِ والفضة!.. 
ولا صناديق تفتح
صرّةَ الفراشات!.. 
لتستيقظ صبية السادسة
صباحا ممتلئة بالفرسان الرائعين.. 
لا أجراسَ تخفقُ
في قلب هذا الكوكب التعيس!.. 
و ليس سوى جراح غزالات
تشدُّ الورد على أكتاف الألم!… 
ليس سوى نعشٍ يمرُّ
بجنازة الحياة!
… 
وقاتلٍ بألف وجهٍ
يستر عورة القِدَم 
بذلك السيف اللعين … 
تباً .. 
سكت الموت فجأة ومازلت
أرتجف هناك.. 
أعلم أن البكاء قليل … 
لكن هذا الوجع يصيح .. 
يصيح يا أبي .. 
وأياديك لم تزلْ
مشققةً وهذا الوطن ذبيح 
لا أدري يا أبت… 
عندما كنت تقرأ القرآن
وتبكي كان الله جميلا.. 
لا أدرى ماذا حدث … 
ولا ادري كيف طاوعه
قلبه على تحمل كل هذا الدم المر.. 
كيف ترك يد ذلك الطفل
الحزين… 
و علق حزنه عصافير
على تلك الشجرة
.. 
لا أدري متى وكيف
خلط كل هذا الشعر بالبكاء 
احملني يا أبي.. 
احملني الليلة أيضا .. 
احملني على أكتافك
المهدودة
.. 
كل شيء يهاجر.. 
الحياة تهاجر .. 
الأرض تهاجر.. 
الأطفال تهاجر.. 
احملني يا أبي .. 
ودع التاريخَ يسيل
على انحناءِ ظهركِ .. 
احملني يا أبي .. 
ظهري الليلة مكسور .. 
ظهري كسرته الهجرة
والشعر والعصافير… 
مازال الله نائم
هناك
.. 
هناك في صوت تلك
المسبحة البيضاء.. 
لا توقظه يا أبت .. 
لا توقظه أرجوك.. 
دعني أدخل الحلم
بأغنية آخري الليلة…. 
دع ملك الغيم يتمدد
تحت أقدامي و لو مرة … 
كي يصعد كل هذا الخراب
كاحلي
.. 
كي أدوس على قلبك
الحياة حتى تشيخ
… 
كي يصرخ الموت رحماك
يا مطر
.. 
رحماك يا آلهة.. 
هذا الوجع كثير .. 
دعني أدخل الحلم
بنايات حزينة
.. … 
كي أهطل سماءً من
الفراشات الملوّنة.. 
براقاً أصير .. 
أقبض على أرواح حبيبي
القزحية… 
أخلط الألوانَ لأخرج
أنا.. 
وأزف وجه حبيبي لذياك
القمر الشهيد.. 
دعه نائم يا أبتِ .. 
كي لا يسمع صراخ
الأطفال
… 
كي نصل بسلام.. 
قبل أن أبتلع المجزرة. 
…………………. 
24/9/14 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

قصة: مشعل تمو
ترجمة: ماهين شيخاني

في تلك الغرفة الواسعة , المترامية الأطراف ، كان الضابط يخطو جيئة وذهابا , ومابين كل خطوتين , بثني ركبته اليمنى ويداه متشابكتان , تهتزان خلف ظهره ، ودون أن ينظر إليَّ قال:
– نعلم ماذا تفعلون و ماذا تكتبون ! إذاكان رأسك صلداً فقد كسرنا روؤس أقسى ! إذاكنت عنيداً فنحن…

فراس حج محمد| فلسطين

هذه الرواية من الروايات القليلة التي لم أندم أنني قرأتها، وأنفقت في الاستمتاع بها يومين كاملين، فعلى الرغم من متنها الممتد لأكثر من (350) صفحة، إلا أنها دفعتني للقراءة دون توقف بنسخة إلكترونية، هذا لم يحدث معي سوى في كتب قليلة جداً، أعادتني “صلاة القلق” إلى نفسي قارئا نهماً، قبل أن تصيبني…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

عِلْمُ المَنْطِقِ هُوَ عِلْمٌ يَبْحَثُ في القواعدِ والأُسُسِ التي تُنظِّم التفكيرَ الصحيح ، وتُميِّز بَيْنَ الاستدلالِ السليمِ والاستدلالِ الخاطئ . وَهَذا العِلْمُ آلةٌ قانونية تَحْمِي الذِّهْنَ مِنَ الخَطأ في الفِكْرِ .

يُعْتَبَرُ الفَيلسوفُ اليوناني أَرِسْطُو طاليس ( 384 ق. م _ 322 ق.م ) مُؤسِّسَ عِلْمِ المَنْطِقِ . وَهُوَ…

ماهين شيخاني

قيل إن المخيم لم يُبنَ على أرضٍ عادية، بل على فراغٍ قديم ابتلع قرى وذاكرات.

من يعبر بوابته لا يعود كما كان؛ فالزمن هناك يسير مكسورا، والساعات المعلقة على جدران الخيم لا تعطي التوقيت ذاته، وكأن كل خيمة تعيش في ساعة مختلفة. بعض الناس فقدوا أسماءهم، وآخرون استعاروا أسماء غيرهم. وفي مساءٍ لم يُعرف تاريخه،…