شارع اليهود ونصوص أخرى:

إبراهيم اليوسف
«السريان»:
كأنما كومة أسنان
تسقط من فكيك، معاً
كلما صفع روحك
المشهد الحزين
في كل مرة
وأنت ترى على عجل

حين تمر جيئة وذهاباً
في الطريق بين مكان عملك وبيتك
كيف أن امرأة غريبة
تكنس أثر جيرانك السريان
من أمام عتبة بيتهم
بعد أن سكنوه
للتو
منذ أسبوع
منذ شهر
منذ سنة..!

«دائرة أملاك اليهود»:

مرتين صباحاً
مرتين مساء
في أقل تقدير
أمرّ من أمام الباب المغلق نفسه
وأنا في طريقي من بيتي
في شارع الحرية
في الحي الغربي
باتجاه مركز المدينة
أو الحديقة العامة
أو المركز الثقافي
وبين يدي كتاب لم أكمل قراءته بعد
أو جريدة يومية
أو رسالة إلى صديقة
أو زجاجة خمر ملفوفة
في كيس كاتم للألوان والروائح
أذهب وأعود
أذهب وأعود
من أمام الباب نفسه
والباب لايزال مغلقاً
على عادته..

«دكان عزرا»:

1-الوصية:
لم تكن الوصية هكذا
قالها عزرا الجد
قالها ناحوم الأب
قبل أن يدلي ألبير بإفادته
وهو يودع قامشلي..

2-العطار:
كل غامض
يخلع معطف أسراره هنا
في الدكان ذي الهيبة والسلاسة:
العسل، السمن، القشطة، اللبن، المؤونة
حوائج البيت
كبيرها وصغيرها
الأعشاب، التبغ، الكبريت
القداحات وصوانها وفتائلها
طلسم الحجاب
السكاكر، الزنجبيل
خط أسعار دائرة التموين
ظلال اليد الماهرة
في خيط السحر والتوراة
القرويون ووحول أحذيتهم وغبارها
على مدار السنة
-هنا المحج
قرب شارع الذهب
أو حتى هناك قرب موقف العمال
أو حتى قرب رذاذ صوتي بحري الدلال
في هذا الشارع ذاته
حيث الشارع باسمه
حيث المدينة باسمه:
عزرا ناحوم عزرا…!

 «حوار أديان»:

إنها ليست المرة الأولى
قالها شيخ الجامع
وإنها ليست المرة الأخيرة
قالها القس
بدا المشهد جد مؤثر
منذ أن لاذ من تبقى منهم
بالكنيسة القريبة
ليكملوا صلاة الجماعة
بعد أن سوّت قذيفة
بين منارة مسجدهم وسقفها
وأكثر المصلين
والأرض….

«شارع اليهود»:

ثمة بقايا رائحة هنا
اتركوا كل شيء كما هو
العجوزان
على كرسييهما المتقابلين
يواصلان لعبة الشدة
بخار الشاي الساخن يرتفع
قبل أن يضيع فجأة
مارة فضوليون
رجل مخابرات في مناوبته، بثياب مدنية
في رأس الزاوية
الحسناء الواقفة
تطفئ عقودها الأربعة
على الباب ميت الطلاء
لم ألحظ جلبة أطفال
كما أذكر
للتو أفك الطلسم
بعد أربعين سنة
وأنا أتفقدهم
واحداً تلو آخر
عسى أن تحيلني
صور ما
على جدران بيوتهم
وهي لما تزل واقفة
على أرجل الانتظار.

من مخطوط معد للطباعة بعنوان «ساعة دمشق» (نصوص وكتابات في الثورة السورية)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

ولد الكاتب والصحفي والمناضل الكوردي موسى عنتر، المعروف بلقب “آبي موسى” (Apê Musa)، عام 1918 في قرية “ستليلي” الواقعة قرب الحدود السورية، والتابعة لمدينة نصيبين في شمال كوردستان. ترعرع يتيماً بعد أن فقد والده في صغره، فحمل في قلبه وجع الفقد مبكراً، تماماً كما حمل لاحقاً وجع أمّته.

بدأ دراسته في مدارس ماردين، ثم انتقل…

أسدل يوم أمس عن مسيرتي في مجلة “شرمولا” الأدبية الثقافية كمدير ورئيس للتحرير منذ تأسيسها في أيلول 2018، لتبدأ مسيرة جديدة وسط تغييرات وأحداث كبرى في كُردستان وسوريا وعموم منطقة الشرق الأوسط.

إن التغييرات الجارية تستدعي فتح آفاق جديدة في خوض غمار العمل الفكري والأدبي والإعلامي، وهي مهمة استثنائية وشاقة بكل الأحوال.

 

دلشاد مراد

قامشلو- سوريا

19 أيلول 2025م

الشيخ نابو

في زمن تتكاثر فيه المؤتمرات وترفع فيه الشعارات البراقة، بات لزاما علينا أن ندقق في النوايا قبل أن نصفق للنتائج.

ما جرى في مؤتمر هانوفر لا يمكن اعتباره حدثاً عابراً أو مجرد تجمع للنقاش، بل هو محاولة منظمة لإعادة صياغة الهوية الإيزيدية وفق أجندات حزبية وسياسية، تُخفي تحت عباءة “الحوار” مشاريع تحريف وتفكيك.

نحن لا نرفض…

نجاح هيفو

تاريخ المرأة الكوردية زاخر بالمآثر والمواقف المشرفة. فمنذ القدم، لم تكن المرأة الكوردية مجرّد تابع، بل كانت شريكة في بناء المجتمع، وحارسة للقيم، ومضرب مثل في الشجاعة والكرم. عُرفت بقدرتها على استقبال الضيوف بوجه مبتسم ويد كريمة، وبحضورها الفعّال في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. لقد جسّدت المرأة الكوردية معنى الحرية، فلم تتوانَ يومًا عن…