حين تمر جيئة وذهاباً
في الطريق بين مكان عملك وبيتك
كيف أن امرأة غريبة
تكنس أثر جيرانك السريان
من أمام عتبة بيتهم
بعد أن سكنوه
للتو
منذ أسبوع
منذ شهر
منذ سنة..!
«دائرة أملاك اليهود»:
مرتين صباحاً
مرتين مساء
في أقل تقدير
أمرّ من أمام الباب المغلق نفسه
وأنا في طريقي من بيتي
في شارع الحرية
في الحي الغربي
باتجاه مركز المدينة
أو الحديقة العامة
أو المركز الثقافي
وبين يدي كتاب لم أكمل قراءته بعد
أو جريدة يومية
أو رسالة إلى صديقة
أو زجاجة خمر ملفوفة
في كيس كاتم للألوان والروائح
أذهب وأعود
أذهب وأعود
من أمام الباب نفسه
والباب لايزال مغلقاً
على عادته..
«دكان عزرا»:
1-الوصية:
لم تكن الوصية هكذا
قالها عزرا الجد
قالها ناحوم الأب
قبل أن يدلي ألبير بإفادته
وهو يودع قامشلي..
2-العطار:
كل غامض
يخلع معطف أسراره هنا
في الدكان ذي الهيبة والسلاسة:
العسل، السمن، القشطة، اللبن، المؤونة
حوائج البيت
كبيرها وصغيرها
الأعشاب، التبغ، الكبريت
القداحات وصوانها وفتائلها
طلسم الحجاب
السكاكر، الزنجبيل
خط أسعار دائرة التموين
ظلال اليد الماهرة
في خيط السحر والتوراة
القرويون ووحول أحذيتهم وغبارها
على مدار السنة
-هنا المحج
قرب شارع الذهب
أو حتى هناك قرب موقف العمال
أو حتى قرب رذاذ صوتي بحري الدلال
في هذا الشارع ذاته
حيث الشارع باسمه
حيث المدينة باسمه:
عزرا ناحوم عزرا…!
«حوار أديان»:
إنها ليست المرة الأولى
قالها شيخ الجامع
وإنها ليست المرة الأخيرة
قالها القس
بدا المشهد جد مؤثر
منذ أن لاذ من تبقى منهم
بالكنيسة القريبة
ليكملوا صلاة الجماعة
بعد أن سوّت قذيفة
بين منارة مسجدهم وسقفها
وأكثر المصلين
والأرض….
«شارع اليهود»:
ثمة بقايا رائحة هنا
اتركوا كل شيء كما هو
العجوزان
على كرسييهما المتقابلين
يواصلان لعبة الشدة
بخار الشاي الساخن يرتفع
قبل أن يضيع فجأة
مارة فضوليون
رجل مخابرات في مناوبته، بثياب مدنية
في رأس الزاوية
الحسناء الواقفة
تطفئ عقودها الأربعة
على الباب ميت الطلاء
لم ألحظ جلبة أطفال
كما أذكر
للتو أفك الطلسم
بعد أربعين سنة
وأنا أتفقدهم
واحداً تلو آخر
عسى أن تحيلني
صور ما
على جدران بيوتهم
وهي لما تزل واقفة
على أرجل الانتظار.