إبراهيم اليوسف
ليهنك يا أبتي هناك
لم أترك
مركباً
ورائي
ولا أمامي
إلا وجدفت جدفت
بلهفة الشوق
كي أصل
لا بحر هنا
في هذا العجاف التليد
غير ما يقترحه الدم
لا ضفاف إلا من دم
لا طريق إلا من دم
هب أنك لم تسمع
النداء من فم العقيق
هب أن الطريق
بلا ألغام
ولا قناصة
ولا قطاع طرق
بين قريتك
وسري كانيي
أوبين كوباني
ووجهتك التي أجلتك
إلى حين
ثمة غريب
هو نفسه وراء أكمات التخوم
وراء سواد القناع
والترتيل الملفق
على رسل دمعاتك
على رسل عيني أمي
على رسل الحشرجة في عناقيد الأنين
خذوا ما تركت ورائي
خذوا النبأ إلى اجتماع النساء
هذه العصرونية
حول البئر
لم يكن لي
أن أخذل إحداهن
أنا ربيب حنو أصابعك
ربيب ماء البيت
ودورة الأفق الجبار
لم يكن لي
أن أخذل الحليب
رضعته
على إيقاع رفرفات أجنحة الفراشات
ونسيم “طوبو”
وأصداء هديل الحمامات
جريحاً على مزراب البيت
جريحاً كحيرة الدوري
جريحاً كعويل الجارات
جريحاً كقلق المدى على سعة ارتطام
الدوي
لا حرج عليكم
لا حرج علي
لا حرج المرة
على الأم الطيبة
أن تعلم والدك
بإشارات أصابعها:
تم ذلك على أكمل وجه
تم ذلك على أكمل دم
لابأس ببعض الدموع هنا
لابأس ببعض الذكريات
لابأس بقميصك المعلق
تحتضنه أمك طويلاً
لابأس بصورتك
يحتضنها أبوك
وهو لم يسمع بأذنيه
اسمه أو صوته
أو أغنيته
أو حتى صدى اسم الله
لا أحد ببعيد عن وقع الخبر
قبل إذاعته
كان على أخوتك
رفاقك
أصدقائك
أبناء الخضرة
في الجهات المنتظرة
زملاء الدراسة
معرفة النبأ
مساحة التراب المختارة
تاركين لك
نسخة إضافية
من نشرة هذا اليوم
وأخبار الجبهة الأخرى
عساها تصل
كما أردت…!
من مخطوط معد للنشر بعنوان: ساعة دمشق
كتابات ونصوص في الثورة السورية