من مهاباد إلى كوباني، بينهما كرد لا أكراد

 ابراهيم محمود


أعلم علم العلم النافذ أني كردي كالمعتاد، لكنْ لحظة هذا اليوم برؤية هذا الزحف الأخضر من بيشمركة إقليم الكورد إلى منعطف الكردية كوباني، تمنحني بدء الميلاد. أعلم حقاً أني ما قبل مهاباد وما بعد مهاباد سوى أن مهاباد التاريخ الوقاد، أن الكردي يجدد دورته الحيوية في الزمن الحيوي وفي أفق الكرد ثلاثي الأبعاد، أن الكردي عليم بفضيلة ساعته وهي ترن مهاباد مهاباد، ومهاباد الشرق تميل إلى توأمة الكرد بزاوية شاهقة: كوباني، وتردد كوباني أختاه مهاباد، ليواجه كردي التؤامتين مداه ورؤاه، منسلخاً عن خطو كان، منتمياً في التو إلى خطوٍ رعاد ولأني بدت على وعي من هذي اللحظة عانقت يقيني لأكون الكردي الكردي بهذا الإنشاد، أعلم ما يعلم الكردي المتنبه ما معنى هذا اليوم الاستثنائي وفي برزخه تترى الأضداد.
*******
التاريخ هو السبت، وفي السبت ثبات التاريخ الكردي الآخر والجامع ما بين الشرق وناظره الغرب، وفي القلب الإقليم الكردي الجامح عاصفة من ضوء، قل من مد أخضر، قل من ماء نشوان حدوده، قل من لغة تتردد كرد كرد لا أكراد، ثم أضفْ لتوخي الحذر الأكبر: أعداؤك طي مدارك ساعتك المثلى لك بالمرصاد.
*******
ما عاد هنالك بيشمركيٌّ، ما عاد، ما عاد هنالك بيداوي، ما عاد، ما عاد هناك سوى اسم مأخوذ بصداه في الجمع الكردي وليس الآحاد، ليدوي الصوت ، الزمن الوعد: أما حانت لحظة هذا الجهر به: جهة واحدة، حلم أوحد، أمل أكثر من واحد، توق أوحد صوب المفردة الأم العظمى كردستان وفيها الميعاد.
*******
يا الماضي المتأهل بالحلم الكردي على دبّابته، يا الأخضر ملء صداه الكردي وفي الزاوية المفتوحة من كوباني ينتظر الكردي الآخر طي هواه الأخضر، يا متوالية الأمجاد، دمكم يا أهل الاسم الواحد وحرّاس الاسم الواحد يا المتباهي بكمُ كاوا الحدّاد. دمكم في كل جهات الكردي أثير وغزير يا أخضر هذا الدم يا أضوى هذا الدم لا حباً في الدم بل حباً في القائم فيه، فلا شيء يقي الأرض كما يبدو غيره لا شيء يقي أهل الأرض الكرد كما يبدو سواه ليرد الليل الماجن ليل الأعداء سيول جراد.
*******
ما كانت كردستان مزاداً لضباع من حقد أحمى، ما كانت لجموع الدود الزاد، ما كانت كردستان الاسم الأوحد لو يعلم هذا الاسم الطارىء في التاريخ المتقيح داعش أو حامل داعش أو محموله، ما كانت مصدر لهو، بل درساً في كيفية نطق الهدي جوار الإرشاد.
ما كانت كردستان سوى كردستان، وما كان الأكراد سوى الكرد، وما كان الكرد الأكراد سوى خلل في التركيب الجغرافي وفي التأليف التاريخي لنعيش سفور الموت الأرعن، قل هستيريا الصيحة في النهب العصري وفي القتل الشرعي الأعظم والاسم جهاد.
ما كان لكردي أن يقرأ اسمه باللغة الأم صحيحاً، ما كان لكردي أن يبصر وجهه في المرآة فصيحاً، ما كان لكردي أن يتأكد من وزن الكردي ومن طول الكردي ومن طيران الكردي الحر، ومن سريانه في وحده كردياً إلا في لحظة إعلاء الاسم الواحد والمياد .
*******
كرد في اليوم الموعود، وكرد في أفق الآتي المرصود، وكرد في أفق الكرد المعضود، وكرد في أفق الفرح المنشود، كرد في ساعة كرمنشاه وهي تدق وفي ساعة آمد وهي تدق، وفي ساعة أربيل وهي تدق، وفي ساعة قامشلو وهي تدق، وفي عفرين تدق،على توقيت من توجيه مهاباد، لحصاد الأسلم في الحسم يا نعْم حصاد، كرد بالجمع الواحد لا بالمفرد، كم أفجعنا المفرد كم أورثنا هول التالي والإجهاد.
*******
أعلم في صحبة ما أعلم في هذا التوقيت الأصعب، أعلم في هذا الخامس والعشرين من الشهر العاشر من هذا العام الرابع عشر بعد الألفين، في باب جلاء الاسم المرفوع الراية في وجه الجلاد، أعلم علم العلم ويعلم كل الكرد بدون استثناء، أن الكردية في الحد الفاصل بين الوثب إلى أعلى أو صوب الأسفل أو كاد.
أعلم أني ميلاد الميلاد، أو نفي الميلاد، ما بين جلاء الكردية واستنفاد الأكراد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…