بين نارين عفريني وميسا عبدو

 ابراهيم محمود

المسافة الفاصلة بين كل من نارين عفريني وميسا عبدو، هي المسافة ذاتها بين العنوان الذي ينشدُّ إليه صاحبه، والصاحب الذي يحتفي به عنوانه.
نارين عفريني الكردية الفتاة كما هو ابتكارها الجغرافي الخاص، أعني بها نارين عفريني الفتاة الكردية كما هو ارتقاؤها التاريخي الخاص بها، وليس بأي وصي خارجي، هو ارتقاؤها الذي يليق بها في حدود، تخلَّف فيه الاسم الآخر وراءها: ميسا عبدو.
نارين عفريني، أي التوهج العفريني، أي انبعاث عاصفة جغرافية كردية من محور جسد كامل الدسم في الفتوّة والرؤية لجهات كردستانيتها من زاوية منفرجة القلب، وليس حادة النسْبة العادية، أي البلسم الطبيعي استحقاق صاحبة الاسم الذي لا يذكَر مقابله الاسم الآخر: ميسا عبدو إلا للضرورة المعاملاتية، أي بقاء الاسم الذي لا دخْل لنارين فيه، هو دخْل ذويها: أباً في الأصل، إنما هو دخْلها: واردها العنفواني، قابليتها على إبقاء اسمها الرسْمي مأخوذاً برحابة نارين، أي نارين عفريني، أي حين يستحيل الاسم جغرافيا كاملة، آهلة بكل اللوائح الأرضية المتداولة في ذاكرة الأجداد الكرد خلاف الاسم الأول هذا الذي لا يتجاوز نطاق       ” البطاقة الورقية: الشخصية “، والمؤلم في الغالب: حين تكون الجنسية محوَّرة، بينما نارين عفريني فهي أكثر من ولادة الجنسية الكردية، أكثر من انفجار النور والنور المسترسِل أصداءه في الجهات الكردستانية
في ميسا عبدو يكون الفرد العادي، الاسم: النوع: أنثى، وربما في خجل الأب من ذكر الاسم، كما هو التقليد الذكوري الشرقي والكردي ضمناً، مقابل النوع: ذكر” سند البيت ” كما هو المتداول الشرقي والكردي ضمناً، عموماً، بينما في نارين عفريني يتحرر الأب من شرقية الرؤية، ومن حرْفية الخجل من ابنة انثى، حيث الاسم الآخر جغرافيا يليق بالأب تباهيه حيث تقوم جغرافيا نسَب كردية كاملة.
مع ولادة الأنثى وتسجيل الاسم ” ميسا عبدو ” ثمة المعاملة والحاجة إلى شاهدين لتأكيد أنها ابنة عبدو وربما اضطراراً، خلْفته ، بينما مع ولادة نارين عفريني، فتكون جغرافيا كاملة، عفرين:” آڤري: مسيرة الماء “، كما هو مقتضى الاسم الكردي “، تتحفز عفرين كاملة غير مصدقة طرباً وغبطة في أن تكون شاهدة على أن نارين نارينها” عفواً على أنها تتبع نارين بكل حلَلها وتضاريسها ومناخها الجبلي وذخيرتها المائية ورونقها الطبيعي “، وتتجاوز خانة النسَب الشخصي ، بطاقتها الورقية ذات الصلاحية الزمنية، ليكون الزمن معلوماً بها، لتكون الشاهدة على ولادتها عفرين وشقيقاتها الكرديات المتوجات ببهاء الاسم المبتكر في ساحة المجابهة مع العدو والدخيل المحمَّل بفيروس الظلمة، تتنافس قامشلو وسنندج وآمد وأربيل بغية الفوز بالشهادة بأنها نارين عفريني حقاً، بينما تكون كوباني ضيافة بطولة كردية تتسارع لغات أجناس ولغات تتهجى الاسم على طريقتها، والبطاقة جغرافيا كردستانية كاملة .
في الاسم: ميسا عبدو، ثمة ثبات للاسم، صمته، بينما في نارين عفريني، فتحرك الاسم المرئي والمنغَّم في رحابة المقاومة الكردية، لتكون أكثر من جسد كردي، يكون التأنيث العفريني استثناء تاريخياً، ” تغيب تاء المؤنثة ، وتنطلق ألفباء أنثانا الكردستانية في كل الجهات.
في الاسم: ميسا عبدو، كما هو قانون الفقه الذكوري، ” شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد “، بينما في الاسم : نارين عفريني، فربما حتى شهادة فقه آلاف الرجال الكرد أو من يتباهون بذكورتهم حتى وهم كتاب لا يمكنهم إخفاء نوع انتمائهم الطبيعي الفعلي والمخزي أحياناً، أو أكثر من العدد الممهور بالعلامة الفارقة وربما المارقة أحياناً أيضاً ” ذكر “، بشهادة نارين عفريني.
بين نارين عفريني وميسا عبدو، صلة رحم بين الأخير والجسد الأنثوي الكردي، وربما اختفاء ” الأصل ” حيث الاسم والنسبة في خاتمة مطاف اللغة خارج نظام اللغة الدلالي الكردي، والأول، حيث تقوم الكردية متلهفة إلى النطق بالحكم بأنها كردية، وتشهد جغرافيا كاملة، ولشاهد الإثبات شهادة لا تقاوَم أو تدحَض، وليس من استئناف للطعن في مصداقيتها: كوباني! ومن يجرؤ على طي شهادتها النافذة ؟
في انبعاث اسم نارين عفريني، ثمة وجه أنثوي تصادقه شمس، ويكون القمر وصيفة، والمعين الكبير تحركها وهي تبصر أعداء كرديتها من كل الجهات، خارج خدْرها ، أو هودج الأنوثة المحروسة، لأن ثمة أكثر من كوباني محروسة بها، وهي لا تخطىء في تهجئة الرصاصة أو القذيفة في تشكيل مفردة المقاومة الكردية على أعتاب القرن الحادي والعشرين صوب عدو غازٍ في تصفية حساب لؤم مردود عليه.
في درس نارين عفريني، لا تقول نارين عفريني، ليكن كل منكم، مثل نارين عفريني، ترفض أن تكون كل كردية محتذية بنارين عفريني، إنما يكون لكل ذكر كردي مشروعه المشروع في ابتكار اسمه الآخر، والمنشود والمنتظَر وفي الزمن الكردي الصعبي، وفي ولادة كل اسم منتظر ثمة تحرر من ربقة الاسم المفروض من ” سجل النفوس ” البائس، ولكل أنثى كردية حين تلقي بنفسها في فضاء المرئي والمرصود محيلة ذعر العدو الداعشي ومن يأتي في عقبه إلى نفسه، وهو مستحق كيده.
بين نارين عفريني وميسا عبدو تقوم المسافة المتحركة والمضاءة بين كردية محبوسة بين أربعة جدران، أو ضمن دائرة طبيعية مقدَّرة بحساب دقيق، وكردية طليقة الجسد البطولي، بين جهات أربع، وهي تصنع جهاتها بدمغتها البطولية، وترتفع نخبها كردستان، وعلينا توثيق هندسة الاسم المصفّى: نارين عفريني ..!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…