إعلام «ثوري» برداء «الجهادية»

عمر كوجري

الإعلام في أي مجال لا يمكن أن يكون حيادياً بالمطلق حتى لو ادّعاها، فكل منظمة إعلامية بالضرورة تنفذ أجندات الجهة الداعمة، وهذا الشأن يدري بهم كل مهتم، ولا يمكن توخي الحيادية البحتة دون تمرير أفكار وثقافة رغبات هذه الجهة.
حينما لاح تهديد تنظيم داعش الإرهابي الجدي في سوريا والعراق، وتبيّن أن المجتمع الدولي جاد في محاربة هذا التنظيم، وبدأ طائرات التحالف الدولي في دك معاقلها، هللت القنوات الفضائية المحسوبة على الثورة في سوريا لهذا التطور الجديد في سوريا، ودعت لتوسيع ضربات التحالف لتشمل قطاعات جيش النظام.
وحينما لم يحصل هذا الأمر، انكفأت هذه القنوات والمواقع الالكترونية على نفسها، وبدأت تتململ من النجاحات التي تحقق طيران التحالف على قوات داعش، حتى أن بعضها ادّعت أن هذا الإسناد الجوي العالمي ما جاء إلا لنصرة قوات النظام السوري التي بدأت تنهار، وتسجل الانتصارات ” غير الواضحة” على أرض المعركة لمصلحة الجيش السوري الحر، وهذه الرؤية لم تكن بالمستوى الذي رُسم له.
المثير للغرابة أن بعض القنوات المحسوبة على خط الثورة، والتي أظهرت معاداتها الواضحة والعلنية للنظام في أول نشرة إخبارية، وكانت ترى أن تنظيم داعش جاء لخنق الثورة السورية، ولضرب وكسر إرادة الجيش الحر، وأن تمدد قوات النظام في أكثر منطقة جاء بدعم وإسناد من داعش، هذه القنوات إياها، غيرت مفاهيمها الإعلامية وقناعاتها بسرعة، وصارت تقرأ لوحة محاربة داعش من التحالف الدولي على أنها حرب ضد المكون السني في سوريا، ، فأصبحت تتفاعل مع تنظيم داعش الإرهابي.. على أنه ” حامي حمى السنة”..
ظهر واضحاً ليونة وسلاسة صياغة الخبر الصحفي حين يتم التطرق لتنظيم داعش الارهابي، فتعبير ” الإرهابيين” انتفى، وحل محله ” المتطرفين” حتى على شاشات القنوات العربية الكبرى
بل وصل الأمر لقناة فضائية سورية” ثورية” تتخذ من علم الثورة شعاراً لها” السوري الحر” أن تعلن انحيازها التام لداعش، وتأمر في ”  أمر إداري داخلي” المذيعين والمحررين وشريط الرسائل والشريط الإخباري بكتابة” تنظيم الدولة الإسلامية بدلاً من داعش أو تنظيم الدولة!! وتقول إن طيران التحالف ما جاء إلا لقتال السنة، وكل موظف يخالف الأمر يفصل من عمله.
ألا بئس هكذا ” إعلام”!!
صحيفة «كوردستان» – العدد 502 – 15-12-2014
زاوية: نوافذ

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…