صلاح بدرالدين
تناقلت وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي كلاما منسوبا الى رأس النظام السوري ” يفضح فيه حركة حماس ” في اجتماع مع رؤساء الجالية الفلسطينية في أوروبا على هامش المؤتمر الثالث للجاليات الذي عقد بدمشق بداية الشهر الجاري وخلال ذلك اللقاء – وبحسب المصادر الإعلامية – الذي استغرق ساعات كرر الأسد الأسطوانة المشروخة تلك : ” بفتح الأبواب أمام منظمة التحرير منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية وتقديم كل أنواع المساعدات الى درجة أن الفلسطينيين كانوا يشعرون بأنهم يعيشون في وطنهم … !” الى غير ذلك من أدعاءات وأباطيل تتلاشى أمام أحداث ووقائع مؤلمة حصلت للفلسطينيين وحركتهم الوطنية في ظل نظام كل من الأسد الأب والابن والتي لسنا بصدد الدخول في تفاصيلها الآن بل نقتصر في هذه العجالة على تناول وتقييم العلاقات الإشكالية المريبة المتبادلة بين كل من نظام الاستبداد وحركة – حماس – أو الاخوان المسلمين الفلسطينية وذلك على ضوء اعترافات الطرفين المضللة .
ويمضي الأسد بالقول أنهم استقبلوا قادة حماس منذ 1999 بعد طردهم من الأردن وقدموا لهم كل التسهيلات رغم معرفتهم بانهم – اخوان مسلمون – ومورست علينا الضغوط من جانب الرسل الأمريكان بعد سقوط بغداد لطردهم ولكننا رفضنا ! مسترسلا أن خالد مشعل جاءني ليطرح علي : ” أن قيادة حماس ومن منطلق “سد الدَّين” لسوريا فإنهم في الحركة، يستأذنوننا بأن يبدأوا ببذل جهود مع حركة الاخوان المسلمين السوريين لعمل مصالحة مع الدولة السورية وأنهم “أي حماس” قادرون على ذلك، ولمسوا إيجابية كبيرة من قبل الإخوان المسلمين السوريين تجاه جهدهم هذا” فرفضت طلبه بشكل قطعي كما التقى بأحد رفاقنا المسؤولين بداية الأزمة السورية وعقب أحداث تونس وأخبره : ” إننا في حماس نتوقع مؤامرة أميركية إسرائيلية على سوريا، وأنهم يفكرون بضرب محور المقاومة، ونتوقع أن تكون سوريا، كونها رأس الحربة في هذا المحور، أن تتحول إلى هدف، ونحن ومنذ الآن وبلا تردد أو تفكير، نعلن وبصراحة أننا سنكون الجنود الأوفياء لسوريا في هذه المعركة التاريخية” ومع بداية الاحتجاجات الشعبية والأحداث – يتابع الأسد – التقيت بمشعل على رأس وفد من حماس وكان أكثر تطرفا مني، ومن القيادة السورية؛ فقد طالبنا أن نقمع وأن نصفّي هذا الحراك بكل قوة لأنه عنوان مؤامرة دولية ضد سوريا وقال مشعل يومها : ” لا تأخذكم بهم رحمة إنهم عملاء لاميركا ولإسرائيل مؤكدا على مواقفه بأن الدفاع عن سوريا الآن، هو دفاع عن فلسطين، وأعلن استعداده وحركته، بأن يكونوا الجنود الأوفياء لسوريا، وقت الطلب منهم ذلك. وقال مشعل إن حركة حماس ومن أجل ذلك شرعت باتصالات ومراسلات مع أطراف عديدة لتوضيح هذه المؤامرة الكبيرة التي تتعرض لها سوريا..” وأوضح الأسد: نحن لم نكن واثقين أو مطمئنين لموقف حركة حماس فعندنا من كان يحذر من دور ربما يكون معدا لهم .
من مجمل كلام رأس نظام الاستبداد السوري نستخلص التالي :
أولا – كنظام ممانع مثل سائر أقرانه ليس هناك مانع من تعاونه مع مختلف الأنظمة والمنظمات من دكتاتورية وارهابية وله سجل حافل منذ مرحلة حافظ الأسد باحتضان العشرات من ممثلي الجماعات الإسلامية الإرهابية وغيرها واستخدامها ضد خصومه وخاصة في الداخل أي المعارضة الوطنية الديموقراطية .
ثانيا – لم تنقطع صلات النظام مع حركة – الاخوان المسلمين – السورية تحديدا منذ نهايات عهد الأب وبداية عهد الابن مباشرة أو عبر وسطاء من اخوان الأردن ومصر والشيخ القرضاوي وأمير قطر وحكومة الحزب الإسلامي التركي وفي عام 2006 وخلال اجتماع الأمانة العامة ( لجبهة الخلاص الوطني ) في بروكسل وبحضور السيد خدام استفسرت من مرشد الاخوان السابق عن صلاتهم وحوارهم مع مسؤولين أمنيين سوريين في استانبول وبرعاية تركية بعد أن وصلتني معلومات مؤكدة من أحد مسؤولي الحزب التركي الحاكم الذي تربطني به نسبة القرابة فأنكر البيانوني نافيا ذلك بأغلظ الايمان ! ولم يكن صادقا .
ثالثا – جماعات الإسلام السياسي الشمولية السنية منها والشيعية من ( حقها الشرعي ! ) التلون والتضليل ومجانبة الحقيقة مادامت خليفة الله على الأرض وكل ماتقوم به في سبيل الله وفي خدمة الدين لذلك لانستغرب سلوكها التضليلي المرافق لها منذ نشأتها .
رابعا – حركة حماس الاخوانية الفلسطينية لها سجل مكشوف منذ نشأتها بدعم الأجهزة الاسرائلية لمواجهة منظمة التحرير والزعيم الراحل ياسر عرفات ودورها في الانقسام وفصل غزة عن القطاع وممارساتها الدموية خلال عملية الانقلاب على السلطة الشرعية وعلاقاتها المصلحية الحزبية مع النظام الإيراني لذلك لايرتجى من مثل هذه الحركة أن تكون عونا لقضايا الحرية لافي فلسطين ولافي أي مكان آخر بل ستبقى جماعة تابعة تمارس الارتزاق للاساءة لشعبها .
خامسا – من الواضح أن كلا من نظام الاستبداد السوري وحركة حماس وبسبب طبيعتهما الشمولية الاستبدادية المضللة لن يستمرا في التحالف لانهما عاجزان عن الاستقرار على مبدأ وفاقدان للصدقية وتابعان ذليلان لأسياد آخرين ومتعودان على التكاذب في كل شيء .