عدة الصحفي: إلى الإعلاميين المختطفين من قبل داعش: فرهاد حمو ومسعود عقيل

إبراهيم اليوسف

ينظر إلى الصحفي الجاد، وهو يمارس دوره، بما يلزم من مهنية، وحب، وصدق، بأنه يؤدي -في المقابل- أسمى رسالة على الإطلاق، وهو كلام لا مبالغة فيه البتة، في ما إذا عرفنا حضور الصحفي في مجالات الحياة كافة، الصغير منها والكبير في آن، بدءاً من لقمة من حوله، ومروراً بشؤون أيامهم، وكراماتهم، وحرياتهم، وأمنهم، ومستقبلهم، وهي نقطة يكاد كثيرون منا لا ينتبهون إليها، لاسيما في ظل مجازفات الطارئين على هذه المهنة السامية، من خلال الهبوط بها إلى المراتب الدنيا، وذلك بسبب اعتبار هؤلاء هذه المهنة المقدسة مجرد أداة لتأمين لقمتهم، وتحقيق حظوتهم، وسلسلة مكاسبهم، ما يجعلها تفتقد علامتها الفارقة، الأكثر أهمية، كسلطة رابعة، فعالة، مؤثرة، ذات قوة معنوية لا تقهرها أعتى الجيوش الجبارة، و تدخل في كل تفاصيل الحياة.
 وإذا كان من الطبيعي، أن من عداد أولى الأدوات التي يستخدمها الصحفي، في ممارسة رسالته-ولا أقول مهنته- القلم، فإن القلم، وما يستتبعه من أدوات أخرى، كالورق، والمنبر، ومن ثم الكاميرا، والكمبيوتر، تظل جميعها لاشأن لها البتة، مادام أن القلم أو الكيبورد يعملان بمجرد حبر واقعي أو افتراضي، وهما حبران زائلان، لاشأن لهما، مالم يغذهما حبر آخر، هو خميرة ضمير صاحبه، في ما إذا كان صاحب موقف من الحياة، عامة، يرسم خريطة طريق لكل ما يبدر عنه، بحيث لايسهو عن أية  شاردة أو واردة يومية، تهم أمور الناس من حوله، ومن بينها قضاياهم الكبرى، كما هواجسهم وهمومهم الشاغلة والمحقة.
ولعلنا في ضوء مثل هذه المقدمة الأولى، نجد أننا لا نستطيع التعميم، ونحن نتناول شخصية الصحفي، حيث هناك: الأصيل كما الدخيل، كما أننا قد لا نحتاج إلى أية جهود في معرفة موقع هذا أو ذاك، مادام المنتج الكتابي خير مختبر لتمييز كليهما عن بعضهما بعضاَ، لأن كل أثر لأي صحفي، يعد ملمحاً في الخط البياني لسيرته الصحفية، ودرجة قربه من الناس، أو نأيه عنهم، وقد يكون في الاقتراب من الذات، والمنعطفات التي تؤدي إليها،  ابتعاد عن الآخرين، كما أن في النأي عنها، اقتراباً منهم، والذات في كلتا الحالتين، المفردة المرادفة للأهواء التي قد تهوي بالصحفي إلى المزالق غير اللائقة برسالته، وهي امتهان المهنية قبل كل شيء.
ومن هنا، فإن أية عدة  مألوفة، من لدن الصحفي، في حدود مزاولته المهنة، تعدُّ من سقط المتاع، ونوافل الاحتياجات، بل هي العدة التقليدية، أو المستسهلة، عيانياً، وهي في متناول الصحفي، كما غير الصحفي، شأن أية أدوات مبذولة أمام الخواص أو العوام، ما أتاح للأدعياء اقتناءها، وإن كان ذلك يتم  بشكل”مرخص” بما لهذه المفردة من معان، من بينها: الاسترخاص أو الترخيص، ولكن العدة الأجدى للصحفي، كما  تبدو لمتصفح رسالته، ليست إلا منظومة من سلوكيات وقيم عالية، قد تكون مكلفة، ضمن بعض حدود الزمكانيات، بما يصل إلى تحمل أعبائها، وبشكل جد قاس.
إن الصحفي في موقعه، الحيوي، والاستراتيجي، والفعال،  ومن خلال تبني خطاب مصلحة العامة من حوله، قادر أن  يترك أثره في نفوسهم، وضمائرهم، مادام أن ما ينتجه إنما يأتي بوحي من ذبذبات ضميره، واستقراءاته للقيم العليا، واتخاذ ذلك بوصلة لاغنى عنها، ولعل في ارتفاع رقم  ضحايا هذه المهنة، خلال العام الذي يجرذيله، وهو يسير بنا نحو مطالع صنو آخر، في مجرد رقعة لها -وهي سوريا- يدل على وجود من يترجم وظيفة الصحفي، بأعلى الوتائر، وفي أصعب ظروف الأخطار المحدقة، لافرق…!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…