الدلالات الدولية للمبادرة الروسية لحل الازمة السورية

إسماعيل حمه

ان تتبنى روسيا مبادرة خاصة لحل الازمة السورية, وهي كانت على مدى السنوات الأربعة الماضية طرفا أساسيا فيها الى جانب النظام, لها دلالات على الصعيد الدولي, ينبغي النظر فيها قبل البحث في شكل المبادرة وطبيعتها وشكل الحضور من طرفي الازمة, وخاصة في ظل غياب أي موقف واضح تجاه المبادرة من جانب المجموعة الدولية التي اعلنت نفسها خلال الازمة السورية اصدقاء للشعب السوري, الى جانب وجود اشارات صريحة من قبل الولايات المتحدة الامريكية تؤكد موافقتها على المبادرة مع تأكيدات باهتة حسب تصريحات بعض المسؤولين الامريكين بأنها ينبغي أن تستند على (ما كانت تسمى) بمبادئ اجتماع جنيف1.
 لعل اولى الدلالات التي يمكن استنتاجها من استفراد روسيا بمبادرة من هذا النوع وإنتقالها من موقع جزء من الأزمة الى موقع الوسيط وحامل لمبادرة الحل, هي أن تناول الازمة السورية باتت تؤخذ من جانب الدول الكبرى على مستويين منفصلين تماما, الاول هو قضية الحرب على الارهاب حيث تأخذ الأولوية في اجندات المجتمع الدولي وتحديدا أجندات الولايات المتحدة الامريكية ودول أوربا أوبعبارة أخرى دول التحالف الدولي ضد الإرهاب وتستحوذ على كل إهتمامها مع تلميحها بأن هذه الحرب قد تستغرق سنوات طوال, بينما في المستوى الثاني المتعلق بالأزمة الرئيسية في سوريا, أي الازمة بين النظام والمعارضة, ثمة تناول مختلف وقلق أيضا بأن يعني هذا  الاستفراد من جانب روسيا بهذا الملف تراجع في الإهتمام من الجانب الأمريكي والأوربي بهذه الأزمة أوتكون دلالة على أنها سحبت يدها منها أو ولم تعد قضية تغيير النظام أورأس النظام له أية اهمية في أجندات ومشاريع هذه الدول, وأن تكون المبادرة الروسية هي فقط محاولة لإعادة تأهيل النظام بموازاة تقزيم المعارضة, لاسيما أن الدعوات الموجهة للمعارضة وجهت لشخصيات محددة مع تجاهل الأطر الرسمية التي تنتمي اليها هذه الشخصيات, وهو ما قد يشكل بمعنى من المعاني مقدمة لسحب الإعتراف منها, وخاصة أنه وفق التقييم الروسي, وربما بدأ يشاطره الرأي في ذلك جهات دولية اخرى مثل الولايات المتحدة وغيرها, لم تعد لأطر المعارضة الحالية ( الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة, هيئة التنسيق الوطني وغيرها) أي تأثير في مسألة الحل والعقد في الأزمة السورية في ظل تنامي وتغول قوى الإرهاب والتطرف وانتزاعها كل الأدوار منها على الأرض, وبالتالي هناك مخاوف من أن تبقى مسألة حل الأزمة مؤجلا الى إشعار غير محدد وخاصة في ظل الشكوك التي تحيط  بفرص نجاح المبادرة الروسية حتى الآن. 
فاذا صحت هذه الإستنتاجات فهذا يعني إننا امام تحول كبير جدا في اتجهات الرأي العام الدولي ومقاربة أخرى مختلفة للأزمة السورية في شقها المتعلق بالنزاع بين النظام والمعارضة  وخصوصا من جانب مجموعة دول أصدقاء الشعب السوري, وبالتأكيد ستكون هذه المقاربة الجديدة  قد أتت نتيجة تفاهمات وتوافقات جرت بين الجهات الدولية والإقليمية المتدخلة بالازمة السورية ( روسيا , إيران, الولايات المتحدة, أوربا, وبعض الدول العربية) بنتيجتها خلصت هذه التفاهمات والتوافقات الى أسناد موضوع تسوية الأزمة السورية أو النزاع السوري لروسيا لتتناولها وفق شروطها الخاصة. وبناء على ذلك ستكون المعارضة السورية في مأزق حقيقي وأمام خيارات احلاها مرً وتبقى  حتى مسألة استمرار دعمها أوربيا وأمريكيا أوالحديث عن تأهيل بعض الجماعات المسلحة المعتدلة المحسوبة عليها في مواجهة قوى الإرهاب مثل داعش وغيرها في المستقبل القريب محل شك كبير وحديث لا يمكن والوثوق به مطلقا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

إلى أنيس حنا مديواية ذي المئة سنة صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة

 

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفاً، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلاً وجودياً، حاسماً، مزلزلاً. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته، ونتناقش فيه…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…