الكاتب والمخرج جوان حسين(كردي)
اعذرني يا ولدي وأنا اكتب لك رسالة الوداع الاخيرة، قد تكون آخر رسالة اكتبها في عينك، ني يا ولدي أخشى أن لا أعود اليك كلما خرجت من البيت لأحضر لك الحليب و رضاعة الحب، فطريقي طويل بالشوك ورائحة البارود، قد تلتهمني قذيفة حقودة، في لحظة شوق اتذكر فيه ابتسامتك البريئة، مثلما التهم الرصاص آباء كانوا يحملون في قلوبهم أحلاما لأبناء جفت دموعهم من الجوع وخيبة الأمل، فأنا وانت يا ولدي نرضع من وجع واحد، و حزن واحد، اسمه وطن من النار والدمار، حولنا الى قطعة جليد يذوب يوما فيوما بلهيبه وخرابه،
فليس ذنبا مني حين وطأت الحب بأمنية أراك فيها حلما يكبر بعيدا عن النسيان، لكن قدرك شاء أن يرميك الى أحضان عالم غرق في ذنوبه وآثامه، فجئتني مثل ربيع بلا زهور، مثل أطفال يضعون أحلامهم الصغيرة خلف خيمة تأن من الاهتراء وزمهرير الشتاء، و أنا قد تركت ألعابك و أرجوحتك لعالم مات في كفن خذلانه ، منذ ولدت في عصر لبس القسوة ومسوح النفاق، و لأني قد شربت من كأس قذارتهم و أخاف أن تتسمم بعطفهم مثلما سمموا أطفال بلدنا.
يا ولدي قد نفترق هنا أو بعد خطوة أو بعد شهر أو سنة، فانا حاضر الغياب ،لم اعد اكترث بزمن يشبه بعضه من الألم والخذلان، ولم اعد اخاف الموت والرصاص والجوع والتشرد، لكني أخاف أن تسبقني الى قدري المشؤم، و أنت كل أمل لي انتظرته أعواما حتى يشرق ويخضر كغصن أعرف أن جذوره لن تذبل حتى يأخذ حقا سلبه شياطين البشر، و إذا افترقنا في لحظة دون وداع، فهذه رسالة والد الى طفله ولد في رحم الثورة ليموت ملاكا أو يعيش كابطال و إذا قرأت كلماتي يوما فاعلم أن والدك عاش عزيزا مثل آلاف اباء ابطال، الذين حملوا على أكتافهم أبناءهم، وفي قلوبهم حملوا اوطانهم و تركوا للعالم الخائن لعنة الشيطان
والدك