كرد سوريا والصحوة المرتقبة ( 5 )

صلاح بدرالدين


كنت قد بدأت بنشر أربعة حلقات تحت هذا العنوان منذ أواسط العام المنصرم وتوصلت فيها بعد طرح وقائع محسوسة الى مجموعة استنتاجات وتوقعات ومنها بايجاز : ” نجاح النظام  باستخدام بعض الكرد في خدمة مشروعه التدميري في حين كان موقع الكرد الطبيعي بحكم معاناتهم التاريخية الى جانب قوى الثورة والتحرر والتغيير واعتبار الدكتاتورية والاستبداد وخاصة في الحقبة – البعثية – الأسدية سبب اضطهادهم وحرمانهم من الحقوق القومية والديموقراطية وابتلاع  – المعارضات من مجلس وائتلاف وهيئة التنسيق – وكذلك العمق الكردستاني الطعم باعتماد الأحزاب الكردية ممثلة لارادة الشعب وتجاهل ممثليه الحقيقيين من حراك شبابي ومجتمع مدني ومستقلين ومناضلين ” وكيف ” لم تفلح ممارسات أدوات القهرواجراءات العنف والتهديد والارهاب وخنق الأصوات وكم الأفواه بوسائل الترهيب والترغيب من جانب نظام الاستبداد وسلطة الأمر الواقع المتسترة بغطاء كردي وأحزاب المجلس من الحيلولة دون ظهورنواة اصطفاف موازي مستقل جديد بالتشكل في صفوف نخب شعبنا الوطنية
 ” وقد طالبت ” باالحذر من محاولات استباقية مضادة من جانب جهاز وأيتام اللواء محمد منصورة  وأدواته من جماعة سلطة الامر الواقع والأحزاب الأخرى لقطع الطريق على الصحوة المرتقبة بوسائل عديدة منها الترهيب والترغيب بتوزيع مواقع وهمية وارتشاء البعض وتخويف الآخر ” ” كما أشرنا الى ظهور وتنامي نواة اصطفافية واعدة على المستوى الشعبي العام من الأغلبية الصامتة والفئات الوطنية المثقفة والمدنية والبعض من قواعد وأنصار الأحزاب التي ستؤسس في تحركها جملة من المشتركات التي تقود بدورها الى بلورة الكتلة التاريخية الفاعلة …وصولا الى اعادة ترميم العلاقة العضوية مع قوى الثورة على مستوى الوطن وخاصة مراكز وتشكيلات الجيش الحر واذا اعتبرنا العلاقة الأخوية مع اقليم كردستان العراق شعبا ورئاسة وحكومة حجر الزاوية حاضرا ومستقبلا في المشروع القومي – الوطني للشعب الكردي السوري فان التطورات اللاحقة دفعت الأشقاء – كما نأمل ونتوقع – الى اعادة النظر في بعض الرؤا والتعاملات الخاطئة والعودة الى تفهم متطلبات الحالة الكردية السورية الراهنة ”    .
 تبشر بداية العام الجديد بآفاق مشجعة لاعادة ترتيب البيت الكردي السوري فالكتلة التاريخية على وشك بلورة ذاتها وقيادات الأحزاب التي تحتكر العمل السياسي ولاتسمح لأي تعبير آخر من الظهور بقوة السلاح أو المال أو التجارة بالعمق القومي تسير من اخفاق الى آخر وأضاعت البوصلة السياسية وشوهت سمعة الكرد وقضيتهم وبسبب عجزها الذاتي وعدم استقلاليتها وارتهان قرارها اما للنظام أو لجهات خارجية بينها النظام الايراني ألحقت الأذى بمستقبل الكرد ودفعت القضية الكردية الى المجهول بعزلها عن الشركاء والحلفاء في الثورة والحركة الوطنية السورية .
  من أبرز تجليات العام الجديد هو التحرك المنقطع النظير من جانب أعضاء وأنصار الأحزاب والتململ الحاصل داخل صفوفها بصورة أشبه ماتكون الى انتفاضة ثورية سلمية ليس لتقويم الاعوجاج وتبديل المسؤولين عن الفشل والاخفاق والانحراف بل الى أبعد من ذلك بكثير وهو نشدان التحول الحاسم باعادة البناء وتجاوز الهياكل الحزبوية العقيمة نحو حركة كردية ثورية شاملة في المساحة الوطنية ببرنامج جديد وقيادة شابة كفوءة وبوسائل حديثة وطرق عمل متقدمة تتلاءم مع التطورات الوطنية والاقليمية والدولية وتنسجم مع شروط ومتطلبات القضية السورية في مرحلتها الراهنة تعيد الدوراللائق والاحترام للشخصية الوطنية الكردية المستقلة وتزيل العقبات أمام ترسيخ علاقات التنسيق والعمل المشترك مع الأشقاء في الجوار وخاصة مع اقليم كردستان العراق على قاعدة الاحترام والتعاون وعدم التدخل بشؤون البعض الآخر .
  المطلوب كما أرى ومن أجل النجاح في تحقيق الهدف هو عدم التسرع ومواصلة حملة التوعية وتوسيع دائرة النقاشات بين مختلف الأوساط لانضاج فكرة التحول وتوفير دعائم وشروط تنظيم الكتلة التاريخية الموزعة هنا وهناك وتكمل بعضها البعض فالمرحلة تتطلب تضافر جهود مختلف الطبقات والفئات والقطاعات في المجتمع الكردي التي من مصلحتها اسقاط نظام الاستبداد واجراء التغيير الديموقراطي وهي تشكل الغالبية الساحقة المكونة من الأكثرية الصامتة من الحراك الشبابي الثوري والمستقلين ومنظمات المجتمع المدني وقواعد الأحزاب وبعض كوادرها ولاننسى هنا أن قسما كبيرا من هؤلاء أجبر على الرحيل والنزوح ولكنهم مازالوا مع قضاياهم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…