لا يسعنا ونحن نودّع هذا العام المليء بالأحداث الجسام، ونستقبل عاماً جديداً ربما يكون مليئاً بالمفاجآت والأحداث الكبيرة، إلا أن نحيي قبل كل الآخرين بطولات أبناء وبنات شعبنا على مختلف ساحات القتال، في شتى أنحاء الوطن، وفي مقدمتهم الذين استشهدوا أو جرحوا أو اعتقلوا وتم تعذيبهم بوحشية في سجون الطغاة، فجعلوا أنفسهم قرابينَ وضحايا دفاعاً عن تراب وطنهم وكرامة وشرف وممتلكات شعبهم. كما نحيي عوائل الشهداء والجرحى ومئات الألوف من العوائل من المشردين واللاجئين من شعبنا في شتى بقاع العالم.
لقد تحوّل اسم “كوباني” و”شنكال” الكورديين إلى رمزين من رموز الكفاح الثوري ضد الإرهاب والتطرّف والتكفيرية المقيتة والمتخلّفة على المستوى العالمي كله، وبات العالم كله يدرك أن الشعب الكوردي هو طليعة قوى الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان على ساحة الشرق الأوسط التي تحولّت كوردستان فيها إلى أهم الخنادق للدفاع عن هذه القوى جميعاً.
لذا لا يسعنا إلا أن نحيي شجاعة وحكمة القيادة الكوردية في إقليم جنوب كوردستان باتخاذها قرار الصمود أمام جحافل الإرهابيين المدججين بكافة أنواع السلاح الحديث، وعلى رأس هذه القيادة الأخ مسعود البارزاني رئيس الإقليم الذي أشرف بنفسه على القتال ووعد بتحرير جبل شنكال وسائر المناطق الكوردية من الإرهابيين ووعد بمساعدة إخوته الكورد في غرب كوردستان بقوات البيشمركه، فنفّذ وعده ولقي بذلك مزيداً من الاحترام والقبول على الصعيدين الكوردستاني والدولي كسياسي بارع وأهم قائد للبيشمركه الكوردستانية، كما نحيي بسالة المقاتلين والمقاتلات الكورد التابعين لمختلف الأحزاب والحركات الذين يقاتلون بعنادٍ لامثيل أشرس التنظيمات الإرهابية، ولبوا الواجب القومي والإنساني على مختلف الجبهات من جنوب كركوك إلى كوباني، منذ بداية الهجمات الإرهابية فلم يقصّروا فيما استطاعوا القيام به رغم صعوبة الظروف الميدانية وقلة الإمكانات. وإن تضامن قوى الشعب الكوردي على خطوط القتال ومساهمة قادته السياسيين في المعارك كما في جلولاء وكركوك وفي شنكال وزمار وفي كوباني ليس إلا دليلاً قوياً على أن الأمة الكوردية قد نهضت ولم يعد لأي قوةٍ في العالم القضاء على كفاحها من أجل الحرية والحياة بعد اليوم.
ومقابل ذلك فإننا ندين تلك المحاولات التي يقوم بها البعض ممن أعمتهم الطائفية الضيقة النظرة بتصوير كفاح هذا الشعب، وتضحيات أبنائه وبناته، سواءً في كوباني أو في شنكال أو في سواهما، على أنه مسرحية “احتلال وتحرير” يلعبها قادة الكورد مع داعش وتركيا على حساب طائفةٍ أو أقليةٍ معينة، ليس إلاّ هراءً لا يقلّ سخافةً عن مطالبة البعض الآخر بامتناع الأوربيين عن تسليح البيشمركه بسلاحٍ حديث، والتصفيق لعملاء الأعداء الذين يعملون على تفتيت نضالات شعبنا وتقسيمات إداريةٍ لا تمت بهذه النضالات من قريبٍ أو بعيد، فلن يجني منها هذا البعض سوى الاحتقار والإهمال، من كافة مكونات شعبنا الصامد اليوم كالطود الراسخ في وجه الحملات الإرهابية والتكفيرية والتخوين الرخيص.
لا حاجة لنا بسردٍ طويل لمسلسل الأحداث الجسيمة والدموية منذ اندلاع الثورة السورية المسلحة قبل ثلاث سنواتٍ أو أكثر، وما أحدثته هذه الثورة من تغيّرات كبرى، سلبية أو إيجابية، في مختلف المسارات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، الوطنية السورية والإقليمية والدولية، وهذا ما أثّر بعمقٍ أيضاً في كفاح الشعب الكوردي بشكلٍ عام وفي غرب كوردستان بشكل خاص. وكان لابد لقياداتنا السياسية أن تتحرّك للتأقلم مع الأحداث التي لم تتمكن من التأثير فيها، ونقصد على المستوى الوطني السوري، في حين أن مساهمة القيادة الكوردية في جنوب كوردستان في تغيير مسار الأحداث العراقية لصالح شعبنا كانت مساهمةً جيدة وواضحة البصمات، فها هو إقليم جنوب كوردستان على وشك أن يتحرر حتى آخر قريةٍ منه في حين أن هكذا انتصار كان شبه ميؤوس منه قبل عامٍ من الآن. وها هي كركوك (قلب كوردستان) النابض قد صارت في موقعها الصحيح ضمن الخارطة السياسية للعراق الفيدرالي الموحّد.
ولكن، فإن عدم قدرة القيادات الكوردية السورية على التأثير في الأحداث السورية والاستفادة منها لصالح شعبنا في غرب كوردستان ولصالح الشعب السوري عامةً له أسباب عميقة الجذور في تاريخ سوريا الحديث، وبخاصة منذ أن ساد النظام الاستبدادي الطائفي المقيت للعائلة الأسدية الناهبة في سوريا منذ عام 1970، واستمر كما في عهد البعثيين “اليساريين!” تعرّض شعبنا إلى شتى صنوف القهر السياسي والاقصاء والحرمان من أبسط حقوقه القومية والثقافية، وبسبب سياسة كبت الحريات السياسية فقد انعدم النشاط الديموقراطي، وتعرّضت الحالة السياسية العامة في البلاد إلى تشرذم وتقوقع وتراجع، بحيث لم يعد لأحدٍ ممارسة سياسةٍ وطنيةٍ منتجة إلا في أحضان النظام ذاته وضمن الإطار الذي يسمح به، كما هي الحال في سائر النظم القمعية التي تتستّر وراء شعارات وطنية رنانة أو آيديولوجية خانقة. وكان نصيب حراكنا السياسي – الثقافي أكبر من نصيب القوى السورية العربية المعارضة بسبب أن الشوفينية والحقد القومي لم يكن فقط منتوجاً ضاراً من منتوجات النظام، بل شاركت فيه الجيوب العنصرية التي لا تزال تأخذ الأغصان العليا للمعارضة “الوطنية والديموقراطية” وبين كبار المثقفين والحقوقيين السوريين أعشاشاً لها وتنفث كل يوم أحقاداً جديدة ضد الشعب الكوردي، ناهيك عن القوى الدينية المتطرّفة التي لا ترى لشعبنا أي حقً قومي سوى الانصهار التام في “بوتقة الأمة العربية ذات الرسالة الخالدة” وهي لا تختلف في ذلك عن سياسة المقبور ميشيل عفلق الذي أسس حزبه البعثي العروبي المعادي للكورد وكوردستان على أسس الفكر النازي الألماني والفاشي الإيطالي.
وعليه، فإن تمزّق الحالة السياسية والثقافية والضعف العام الذي عليه الحركتان السياسية والثقافية في غرب كوردستان ليس بسبب أخطاء وسياسات القيادات الكوردية فحسب، وإنما هي نتاج تاريخٍ طويلٍ من الاستبداد السياسي في البلاد، وهذا يجب ألا يغيب عن البال في تدوين أي تقييم لنضال الإخوة والأخوات الذين كان همهم على الدوام هماً قومياً ووطنياً لا شك فيه.
إن التطورات التي شهدتها الساحة السورية، وظروف الحرب الشرسة، والقصف المستمر للمدن والأرياف، قد أرغم ملايين السوريين إلى النزوح من مواطنهم إلى أنحاء أخرى في البلاد ووصلت منهم ملايين إلى البلدان المجاورة والبعيدة، وبذلك فإن الشرائح السياسية الفعالة في الجسم السوري قد انتقلت من داخل البلاد إلى خارجها، بل إن موجات النزوح هذه ليست ناجمة عن أحداث هذه السنة وحدها، وإنما هي قديمة استمرت وتنامت منذ عقودٍ طويلة، وبالتالي، وبخاصة بعد الهجمات الإرهابية على العديد من المناطق الكوردية في شمال سوريا، في الشهور الماضية، يمكن القول بأن النشاط السياسي لأحزابنا وقياداتها خارج البلاد صار جزءاً أساسياً وهاماً في النشاط العام لشعبنا، بل إن سائر فصائل المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية تعاني كالحركة السياسية – الثقافية الكوردية من ذات المشكلة، ومع الأيام صارت القوى المتطرّفة والإرهابية تملأ الفراغ الحادث في البلاد وتجذب ألاف المغامرين من أوروبا ومن شتى أنحاء العالم بهدف تحويل سوريا إلى ساحة صراعٍ دموي شرس بينها وبين قوى العالم الحر الديموقراطي. بل إن هناك معلوماتٍ عن خططٍ سريةٍ دولية بصدد العمل على تجميع كل الإسلاميين المتطرّفين والإرهابيين فيما يسمى ب”مصيدة الدبور” للقيام بتصفيتها تماماً على الأرض السورية –العراقية وإضعاف قدراتها، في حين أن روسيا في ظل بوتين تعمل على أن تبقى حرب العائلة الأسدية على الشعب في سوريا إحدى أوراق اللعب الهامة في صراعها الكبير مع دول العالم الحر الديموقراطي، وسوقاً لبيع أسلحتها وميناءٍ كبيراً لها على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بينما تستمر إيران في تحويل سوريا إلى مستعمرةٍ ذات صبغةٍ مذهبية شيعية، وبالتالي إلى موطأ قدمٍ لها في العالم العربي السني وعلى الحدود مع إسرائيل. وهذا يعني أن الموضوع السوري قد صار أصعب وأعقد وأكبر حجماً مما عليه طاقات الحركة السياسية – الثقافية الكوردية في سوريا.
بسبب هذه التعقيدات والمصاعب التي تعتبر تحديات كبيرة لحركتنا الوطنية، كان لا بد من عملٍ مشترك فيما بين أطراف وفصائل هذه الحركة أولاً، بينها وبين المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية، وكذلك بين هذه الحركة والإخوة الكوردستانيين الذين تهمهم قضية شعبنا في كل مكان ولهم علاقات تاريخية مع الحركة الكوردية السورية وتقلقهم هجمات الإرهابيين على شعبنا، إضافةً إلى ضرورة إيجاد قواعد ضابطة لتعامل الحركة مع الفضاء الدولي الواسع، والقوى الإقليمية والدولية التي لها تداخلات حثيثة في الوضع السوري برمته، لذا كان لا بد من قيام مؤسسة كوردية سورية مشتركة وثابتة تحت اسم وطني مقبول من الجميع، كحدٍ أدنى من التضامن القومي، بهدف توحيد الخطاب الكوردي السوري على كافة المستويات الداخلية والعالمية، إلا أنّ وجود شرخٍ كبير في عمق الحركة الكوردية قد حال دون اتفاقٍ جادٍ وحقيقي في البناء السياسي الكوردي، وهو الشرخ الذي أحدثه دخول حزب العمال الكوردستاني إلى المنطقة الكوردية في سوريا في بداية ثمانينات القرن الماضي، وطرحه مشاريع لا تتلاءم مع واقع هذه المنطقة ولا تعكس حقيقة وجودها التاريخي ومحاولة نشره آيديولوجية لا تتناسب والمرحلة النضالية لقوى شعبنا. إذ عندما اقتضت الضرورة في السنوات الأخيرة لتأسيس مجلس وطني كوردي سوري، تصرّف هذا الحزب الذي سمى نفسه في سوريا ب”حزب الاتحاد الديموقراطي” تصرّفاً أحادياً بتأسيسه ما يسمى ب”مجلس شعب غرب كوردستان” من أنصاره ومؤيديه في ذات الوقت الذي يستكثر فيه حق الحكم الذاتي على شعبنا في سوريا، ويرفض منح “الإدارة الذاتية الديموقراطية” له أي صفةٍ قومية، بل يعتبر الدعوة إلى “إدارة قومية ذاتية” تخلّفاً فكرياً ورجعية وانتكاساً تاريخياً، إلا أن كثيرين من السوريين، عرباً وكورداً ومن سائر الأقليات، يجدون في هذا الحزب حليفاً للنظام وناشطاً فعالاً في إطار استراتيجيته القتالية والسياسية حيال الثورة السورية، بل هذا الحزب حارس أمين لأجهزته الأمنية في شمال البلاد.
هذا الشرخ الكبير وما نتج عنه من وجود لإدارة ذاتية خاصة بحزب الاتحاد الديموقراطي وبعض الأشخاص التي تحب إظهار أنفسها كأحزاب وحركات بلا قواعد تنظيمية، لم يمنع الأحزاب الكوردية التي أسست فيما بينها “المجلس الوطني الكوردي” والعاملة من أجل وحدة الخطاب القومي من السعي المتواصل للاتفاق مع هذا الحزب بعد أن بنى لنفسه جيشاً مسلحاً ومؤسسات شرطة وأمن وسجون ودوائر تجنيد ومحاكم، زاعماً بأنه ملأ بذلك الفراغ الإداري في المنطقة الكوردية بعد انسحاب النظام منه، على غرار ما حدث بعد انتفاضة 1991 في جنوب كوردستان، إلا أن الوقائع على الأرض تثبت أن النظام لايزال موجوداً وفاعلاً في هذه المنطقة من وراء ستائر نسجها له حزب الاتحاد الديموقراطي ذاته. ووقعت الأحزاب الكوردية -مع الأسف-في خطأ جسيم بمحاولتها بناء ما سمته ب”الهيئة الكوردية العليا” الفاشلة تماماً مع حزب الاتحاد الديموقراطي وتوابعه ذات المسميات المختلفة، لأنها أرادت تحقيق وحدة تامة بلا معارضة في الوقت الذي تزعم كلها أنها أحزاب ديموقراطية تؤمن وتسمح بوجود “المعارضة” لها. وفي حال مناقشة هذه الأحزاب حول الأسباب والدوافع لقيامها بالاتفاق مع حزب مختلفٍ كلياً في نهجه السياسي وتصرفاته وممارساته وراياته وعلاقاته السورية والكوردستانية، فإنها تتذرّع بالتعامل مع “الأمر الواقع” دون الاعتراف بأنها بذلك تتنازل عن ثوابت أساسية في قضية التحرر القومي الكوردي. وبالطبع فإنها تلقي بجزءٍ من المسؤولية على بعض القوى الكوردستانية التي سعت لمساعدة الحركة الوطنية في غرب كوردستان من باب التآخي القومي والمصالح القومية المشتركة.
واليوم، نرى المجلس الوطني الكوردي، الذي تمكّن بعد مخاضٍ عسيرٍ من فتح باب النقاش بصدد العمل المشترك مع المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية، وبالتالي اتخذ مكانه ضمن “ائتلاف قوى المعارضة والثورة السورية”، يقع مجدداً في خطأٍ كبير آخر بسعيه الدؤوب لبناء ما أطلقوا عليه اسم “المرجعية الكوردية!”، والكورد ليسوا طائفة دينية حتى تكون لهم مرجعية، وإنما شعب فيه تيارات سياسية مختلفة لها كلها الحق في النضال حسب برامجها ومناهجها جنباً إلى جنب في حريةٍ وسلام، من دون تقييدٍ فوقي ترغم القوى الديموقراطية على الخنوع والخضوع له.
وحتى في التحضير والتنفيذ لبناء هذه المرجعية السياسية التي نجهل حتى الآن مجال عملها ومستواها في الحياة السياسية ومدى قدرتها العملية على تنفيذ القرارات الصادرة عنها، فقد وقعت الأحزاب الوطنية الكوردية في أخطاء فادحة، منها عدم التوزيع العادل لمقاعد أعضاء المرجعية على المناطق الكوردية، عدم دعوة القوى والمجموعات غير المنضمة أو غير التابعة للمجلسين (مجلس شعب غرب كوردستان) و(المجلس الوطني الكوردي)، عدم إنصاف الحركات الشبابية التي على أكتافها مسؤوليات المستقبل الكوردي والحركات النسائية الديموقراطية وممثلي الأقلية اليزيدية في المجتمع الكوردي، وإهمال المثقفين وروابطهم الثقافية، وهذه الأخطاء تكللت بسوء الانتخاب للأعضاء المستقلين الذين حشر حزب الاتحاد الديموقراطي بعض حلفائه المخلصين بينهم وهم زعماء أحزابٍ وتنظيمات ويتولون مناصب في “الإدارة الذاتية الديموقراطية” التابعة له أيضاً، فاستولى بذلك على المرجعية من قبل أن تبدأ عملها بشكل جاد، بحيث ستتحوّل إلى عصا سياسية تضرب بها من تشاء وتنسف الأرض من تحت أقدام المجلس الوطني الكوردي وستحرج القيادة السياسية في جنوب كوردستان أيضاً، باسم القرار القومي الموّحد والخطاب القومي الموحّد. وبذلك يبدو المجلس الوطني الكوردي كذلك الإعرابي الذي لم يسمع نصائح القوم، فنفخ قربةً جلدية وربط فمها بيديه، وأراد أن يقطع بركوبها بحيرةً فخلت القربة من الهواء وغرق الأعرابي الذي ترك وراءه حكمة رجلٍ قال له: “يداك أوكتا وفوك نفخ”.
في مثل هذه الأوضاع السيئة، لا يمكن لأي إنسانٍ عاقلٍ وديموقراطي القبول بهذه السياسات الفاشلة وبوضع الإرادة القومية في أيادي حزبٍ يصادر القرار الوطني وأحزابٍ تتواطأ معه بأساليب غير ديموقراطية، لذا نرى أن حجم الانتقادات للقوى المتحالفة تحت سقف “المرجعية” في ازدياد، وهناك عشرات الناشطين المطالبين من داخل تنظيمات المجلس الوطني يومياً بتصحيح مساره الخاطىء هذا أو بالتخلي عن فكرة المرجعية التي بحكم مبدأ الأكثرية ستخضع لقرارات “جبل قنديل” أو “سجن عمرانلي” وسترغم المجلس الوطني بحكم هذه الأكثرية، رغم “التوافقية” على قبول التعامل مع ” المربع الأمني” للنظام في مدينة القامشلي كأمرٍ واقعٍ وكشرطٍ من شروط السماح له بالعمل بحرية في غرب كوردستان.
وعليه، فإن المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا الذي ظل في منأى عن هذه الألاعيب الخطيرة والمؤذية بشعبنا، يدعو القوى الكوردية الوطنية – الديموقراطية إلى الخروج من المآزق الذي تم إعداده لشعبنا بجرّه إلى حربٍ لا ناقة له فيها ولا جمل مع إحدى أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، والمدعومة من قوى عشائرية عربية سنية تلقى التأييد والدعم التام من قبل المحيط الإقليمي، وبالتالي خسران العديد من المناطق الكوردية ومئات القرى في أسابيع قلائل، وهذا يعني إضاءة طريق المستقبل لشعبنا ولقواه التحررية من خلال نقاشٍ ديموقراطي واسع بين مختلف فئات الشعب وتياراته السياسية وأحزابه ومنظماته الشبابية والنسائية وجمعيات حقوق الإنسان بهدف التوصّل معاً إلى قناعةٍ تامة لعملٍ مشترك قائمٍ على العدل والإنصاف لأن قضايا التحرر الوطني لا تحل عن طريق الولاءات الخاضعة لإرادة الأعداء المتربصين، ولا عن طريق التحالفات الفاشلة التي تقام لأسباب وقتية سطحية، وإنما بعد دراساتٍ مستفيضة تقوم بها لجان استشفاف المستقبل وغرف العمل التنويرية المفكّرة وليس عن طريق الأدلجة التي لا تغني ولا تسمن من جوع أو بتوكيل التفكير في الشؤون القومية والعامة لزعيمٍ من الزعماء “المعصومين” عن الخطأ.
إن إعادة ثقة الشعب الكوردي بقياداته السياسية مرتبط ربطاً وثيقاً بقدرة هذه القيادات على اتخاذ القرار السليم الناضج في الوقت المناسب، وليس التلاعب بالقضية من أجل منافع حزبية بسيطة وراء الستار مع محاور سورية وإقليمية ودولية ثبت من خلال الثورة السورية أنها معادية للشعب السوري عامةً والشعب الكوردي خاصةً.
إن المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا لا يمكن أن يكون ضد فكرة بناء تحالفات سياسية وإقامة جبهاتٍ ومجالس تساهم فيها قوى شعبنا على اختلاف سياساتها، ولكنها لا ترى تلك التحالفات أو “المرجعيات” ناجحة عندما لا تقام على أسس متينة، منها الإضاءة التامة للمحيط السياسي العام حول حركتنا الوطنية وحول شعبنا في هذه الظروف التي تتطلب بناء علاقاتٍ دولية وسوريةٍ وكوردستانيةٍ متينة، وعلى أساسٍ حركي تنظيمي يتفق تماماً مع التحديث والتطوّر الهائلين في عالمنا المعاصر، وبرؤيةٍ مستقبلية قائمة على خبراتٍ علمية وسياسيةٍ ذات احتكاك جيد بالحياة السياسية للشعوب المتقدمة.
وكل عام وأنتم بخير
المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا
KURDNAS