وكم من سافل، كم من متبجح كردي بجاهه !

 ابراهيم محمود

” إلى القوَّادة التي احتضنت معروف الرصافي ذات يوم “

=====
أريد مما تقدم، أن يتنبه من كردنا حراس الفضيلة الجوفاء طبعاً، من يعتبرون أنفسهم قادرين على إيذاء غيرهم، من بني جلدتهم حصراً، وهم الأكثر إيقاعاً بمن يمثّل الفضيلة المعتبرة في تمثيل الكرد ” الغلابة “، ومن باب التعرف عن قرب عما يجري، أورد التالي أولاً:
لقد أهدى الفنان الجزراوي السوري يوسف عبدلكي مجلده الفني الضخم قبل سنوات إلى ” قوادة المحل العمومي في قامشلو ” كما جاء ذلك في مستهل المجلد الفني الأنيق له، واسمها ” كُليزرGulîzer  “، وحين سألته عنها حينها أعلمني شخصياً قبل سنوات، أنها كانت ” قهرمانة المحل العمومي في قامشلو في الخمسينيات، ولقّبت بهذا الاسم، وكانت تنفق الكثير مما ” تكسبه ” على المحتاجين، وحين توفيت، اصطف الناس في الشارع المؤدي إلى المقبرة تقديراً لها.. فخذ علماً بذلك .
ثم:
..وتجد الكردي الذي ما أن يلتقيك حتى يفيض قولاً في الأخلاق ومكارمها: في العفة والصدق وحب الآخرين، والطهارة..الخ، لكنه لا يدَّخر جهداً، في انتهاز الفرص في لسع أو لدغ أقرب المقربين إليه لتحقيق مآربه. تجد الكردي الذي يكون المتجمع لديه من المال رقماً قياسياً في العرف السائد والكردي ضمناً، وهو ينفق نسبة ملحوظة منه استجابة لنزواته، وهو لا يكف عن مديح ذكورته هنا وهناك. 
تجد الكردي السافل الذي يتبجح بماله، ويهدّد ويتوعد من يرى فيه خطراً عليه، بسلوكه أو قوله، وتحديداً حين يكون الكاتب الذي تكون كتابته كساءه الوحيد غالباً، يؤلّب عليه زعراناً مستاجَرين، أو حتى متنفذين، لأن الكرد في عُرفه هذا، تكون السفالة مطلوبة أكثر من قولة حق.
تجد الكردي الذي لديه حصيلة معلوماتية معينة وربما لافتة، ولكنه لا يدخر هو الآخر جهداً في إقصاء من يراه حجر عثرة في طريقه اعتماداً على من لديهم استعداد لأن يخدموه ويخدمهم، تقديراً من أن الكرد في حاجة ماسة إلى مرابين ونهابين وقصابي أرواح حتى في أكثر الأوقات خطورة وتهديداً لعموم الكرد. 
تجد الكردي الذي لا ينفك يبحث عمن يتحدث كما يريد في الضعة، وإيثار الفجور الفعلي على الفضيلة الفعلية، تجاوباً مع سفالته وتبجحه خصوصاً حين يكون يكون من يلبي طلبه بقلم مسموم، ويد ضاربة، ونفوذ مؤذ .
وفي:
في ” عود على بدء “، وربطاً بمستحقة الرحمة ” قوادة المحل العمومي في قامشلو وقتذاك “، يجدر التذكير بأن الشاعر معروف الرصافي الكردي المشهور” 1875-1945 ” وصاحب المؤلَّف المشهور” الشخصية المحمدية ” والذي ألفه قبل ثلاثة أرباع القرن، وما زال يقرَأ على أعلى مستوى، عاش فقيراً ومات فقيراً، أقام لسنوات في  رعاية قوادة بغدادية معروفة، وفي دارها طبعاً، توقف عندها كاتب وسياسي عراقي معروف هو ” أمين المميز ” تولد بغداد عام 1908، وصاحب الكتاب المشهور: بغداد كما عرفتها ” شذرات من ذكريات “، مكتبة الحضارات، بيروت، ط1، 2010 .
في 530 ص ونيف من القطع الكبير، مع صور موزعة في الكتاب، وتجليد أنيق .
وذلك وهو يأتي على ذكر قوادات وقوادي بغداد” يستخدم عبارة كَوادات وكّواويد بغداد “، ويتوقف عند إحدى القوادات ” بقوله :
( وهناك شخصية أخرى أود الإشارة إليها ولكن من ناحية مختلفة. تلك هي ” زكية العلوية “. هذه الإمرأة كانت تدير داراً للدعارة في محلة كّوك نزر، وأني إذ أتطرق إليها دون غيرها من زميلاتها في تلك الحلة، فإنما لأسجل وصمة خزي وعار على بغداد والبغداديين والعراق والعراقيين. ففي دار تعود لهذه الإمرأة في دربونة النجفي بالقرب من محلة كّوكَ نزر سكن معروف الرصافي في أوائل الثلاثينات. ص 284. 
ويردف مباشرة: ولعل سكنى الرصافي في تلك الدار كان احتجاجاً صارخاً منه على القوم الذين لقي منهم كل إجحاف وجفاء وعقوق..ص284.
ويعبّر عن حزنه العميق إثر سماعه نبأ وفاة الرصافي في مارس 1945، وإدراكه أنه لا يملك شروى نقير..ص299-، ويظهِرتقديره للشاعر رغم تناقضاته: في آرائه وطبائعه وتصرفاته وبوهيمياته وشذوذه ونزواته وعبقريته ومتناقضاته وحماقاته.ص300 ).
 وهذا ما نتلمسه أيضاً، ولو بصورة أخرى، جهة براعة الشاعر، في كتاب :

رسائل الرصافي” الرسائل المتبادلة بين الرصافي ومعاصريه “، جمعها وقدم لها وعلق عليها: عبدالحميد الرشودي، دار المدى، دمشق، ط1، 2009 .

 وقد اخترت منه هذه الأبيات الشعرية:
نفضت يدي من أبناء دهـــر   أهانوا الشهم واحترموا الزريا  
وقل حياؤهم حتى رأينـــــــا    ظنين القوم يتهـــــــــــم البريا  
وساد الجاهلون فلست أدري   أعزي العلم أم أبكــــي الدريا 
 لهم عين تراعي الشر يقظى   وقلب ظل في عمه كــــريا.ص21-
في رسالة أخرى بتاريخ 3 حزيران 1922 كتبها في بغداد، نقرأ( هذا وإن سألتم عن القوم هنا فبلاطهم في انحطاط وهم في هياط ومياط أما السياسة فملعونة وأما الأفكار فممقوتة.ص28 ).
واللافت هو الوارد في رسالة أخرى موجهة إلى مدير الدعاية العام بتاريخ 28 تشرين الثاني 1939( ذلك لأني كما تعلمون لست من مشاهير الرجال لا في العراق ولا في غيره من البلاد وإنما أنا خامل مجهول الاسم والشخصية والجنسية ولكن أن تعتبروا قولي هذا وثيقة ناطقة بأني بريء من كل جنسية بشرية..) . وثم ليورد التالي :
دع الأناسي وانسبني لغيـــــــرهمُ     إن شئت للشاء أو إن شئت للبقر
فإن في البشر الراقي بخلقتـــــــه      من قد أنفتُ بـــه أني من البشر
وليكون التوقيع في غاية الاستفزاز ” المجهول في الجاهلية الإسلامية ” .ص76.
 وأحيل القارىء الباحث عن المختلف إلى كتاب آخر عنه، وهو: معروف الرصافي” الرسالة العراقية في السياسة والدين والاجتماع “، يليه كامل الجادرجي في حوار مع الرصافي، منشورات الجمل، كولونيا، ألمانيا، ط1،2007.
ومما ورد فيه( يقال: إن أهل العراق اليوم لا يزيدون على خمسة ملايين. ومهما كان عددهم فهم ممسوخون في السجايا والأخلاق. إذا نظرت في سوادهم قلت متعجباً: ما هذه الأوباش، وإذا نظرت في أخلاقهم قلت متحيراً: ما هذه الأحناش.ص 42- والمرأة عند العراقيين: لا ترث بل هي نفسها مال موروث. فهي عندهم كالبقرة والشاة وغير ذلك من دوابهم تباع وتشترى وتجري فيها المساومة فتعطى في الديات، وتمنح متعة في الجنايات.ص43- كل ما في العراق فظيع وبقدر ما هو فظيع عجيب.ص51.).
وللمزيد أيضاً يمكن مراجعة د. يوسف عزالدين: الرصافي يروي سيرة حياته” سجل للحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية بكل جراءة وصراحة “، دار المدى، دمشق، ط1، 2004. 
والمؤلف عراقي ويقيم في ويلز” بريطانيا “، حيث يقول (إنه فلتة فكرية ونبوغ عبقرية يصاحبها هبوط نفسي.ص5- الرصافي عالم وحده في شعره ودينه وعقيدته وسلوكه في الحياة العامة وكبريائه وإبائه في تصرفاته مع من بيدهم الأمر.ص7.) .
ويتفق معه الباحث اليهودي العراقي المشهور مير بصري في العمل المعجمي : أعلام الأدب في العراق الحديث ، تقديم: جليل العطية، دار الحكمة، ط1، 1994، ج1.
وهو يأتي على ذكره هكذا( شاعر العراق ..أقام الرصافي دولة للشعر في القرن العشرين وخلَّد اسمه بين الشعراء الأفذاذ كالفرزدق وجرير وأبي تمام والمتنبي…ص104 ) …الخ.
ووجدتني آتي على ذكر العناوين ومختارات مما يليها، كما لو أنني أعرّف نفسي في فعل التجميع، سوى أن اللبيب وحده من يفهم، لأن ما أردت الإفصاح عنه كان في البداية وما أعقبها من إشارات كانت سريعة تجاوباً مع خاصية المقال، ورغبة في تحفيز من لديه إرادة التحفيز أن يتروى ويتعقب خيوط ” اللعبة ” ناهلاً مما أوردته من عناوين وسواها، إضاءة لما يجري ويجري كردياً، حيث لا يغفل الفطين كاتباً أو من له انهمام بالشأن السياسي؟ وتقلبات الكرد ومقالب الكرد- الكرد وانقلاباتهم المثيرة للاستهجان على كراس مكسرة ومخلوعة، وتقليبهم لأمور تثير ضحك العي، فكيف بالمدرك لحقائق الأشياء، أعني ما يخص سفلة الكرد  وأنواعهم ومراتبهم المستحدثة، وهم يصرّفون عملة الكردايتي، ويمارسون الجنوح بتقدير مرجلة ارتجالاً وارتحالاً، لا تستحق إيراداً في باب ” السخف ” نفسه ، فاتعظوا يا ” أولي الألقاب والأنخاب “….!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…