جوان حسين
الأب : نحن معشر المجانين, نقول و نفعل ما نريد, ها ها ها , عالم مجنون, عالم غريب
عجيب .
الأم : ها ها ها, إلا أصحاب الرؤوس الفارغة .
الابن : ها ها ها ها, و أصحاب الضمائر النائمة .
الابنة : ها ها ها ها, و أصحاب القلوب الصغيرة القاسية .
الأب : كل شيء يتطور يا عزيزتي.
الأم : نحن ندفع الثمن يا عزيزي .
الابنة : رخصة , فرصة , تنزيلات , يوجد لدينا كل ما تطلبون و تشتهون , أحلام و لباس و
مأكولات , بطاقات و سلاح , عروضنا يومية, شهرية , سنوية , رخصة, فرصة,
تنزيلات.
الابن : أريد تاجاً .
الابنة : تاج الألعاب أم تاج الملوك ؟
الابن : الأكثر لمعاناً, و سحراً, وجمالاً .
الابنة : تفضل, هذا تاج مرصّعٌ بالماس والياقوت.
الابن : كم السعر المطلوب؟
الابنة : السعر يا عزيزي, دم و كرامة شعب مدحور.
* * *
الأب : نحن معشر المجانين, نقول ما نريد نفعل ما نريد نحن قوم أحرار و لنا في كل لحظة
عيد.
الابنة : رخصة, فرصة, عروضنا مستمرة حتى نهاية الحرب العالمية الثالثة.
الأب : أريد نصف العالم .
الابنة : نصف العالم في الأعلى, أم نصف العالم في الأسفل؟
الأب : النصف الذي يحلم و يموت من الجوع.
الابنة : يلزمك حساب جديد.
الأب : رصـيدي عشرون مجـزرة, وآلاف الـقتلى وملايين الثكلى والجرحى.
الابنة : رخصة, فرصة, ما تزال عروضنا سارية حتى نهاية الحرب العالمية الخامسة .
الأم : أريد عرشاً و شعباً يحبّ العبوديّة.
الابنة : طلبكِ موجـود في أفريقيا وأسيا.
الأم : أين لائحة ثمن الشعـوب؟
الابنة : إذا كنتِ تريدين في أسيا, فالثمن خطاب ينعش الآمال في القلوب, وقيد و دبابة و
صاروخ, وإذا كنت ترغبين في أفريقيا فالثمن كساءٌ, ولقمة خبز.
* * *
الأب : نحن معشر المجانين, نقول ونفعل ما نريد, نحن قوم أحرار, ولسنا عبيد
الابن : نحن معشر المجانين نعشق الحرية و السلام , و نكره القتل و الدمار , و نرفض القمع
و البطش والحصار .
الأم : يا لسعادتنا, نحن أبرياء من دم الشعوب.
الابنة : أحب مجانين العالم لأنّ مهـري فستان وخاتم من حديد .
الابن : لأنّ أحلامنا صغيرة , و قلوبنا نظيفة , و أيادينا ممدودة بالحب والإخلاص .
* * *
الأب : نحن معشر المجانين, نقول ونفعل ما نريد, نريد وطنا يعيش فيه كل المجانين .
الأم : لا نملك أرضا ولا وطنا .
الابن : نبني في الصحراء وطناً.
الابنة : لا حياة في الصحراء, يلزمنا تخطيط وعمل كثير .
الأب : نحفر بئراً, ثم نعمّر مدينتنا.
الأم : لن تستقرّ مدينتنا على الكثبان .
الابن : ننظّف الصحراء من الرمال أوّلاً, ثم نضع حجر البناء ثانياً.
الابنة : أية صحراء نختار؟
الأب : كالهاري .
الأم : الربع الخالي .
الابن : الصحراء الكبرى.
الابنة : مَن يحكم أوّلاً ؟
الابن : بالانتخاب.
الأب : الأكبر سنّاً.
الأم : أعقل امرأة .
الابنة : أجمل عاشقين.
الأب : أنا صاحب القرار, و السلطان الأكبر.
الأم : أنا سيّدة المجانين الأولى.
الابنة : أنا أميرة المجانين الحسناء.
الابن : أنا قائد جيش المجانين الأعلى .
الأب : هلك مَن يخرج عن إرادة السلطان الأكبر .
الأم : هَاكَ السكين َ يا عزيزي السلطان.
الابن : أين أنتِ يا أميرتي العزيزة ؟
الابنة : جلبتُ لكَ الخنجر يا عزيزي لتحصل على تاج الصحراء.
الأم : أحسنتَ يا ولدي, أصبتَ قلب السلطان, أنتَ مجنون ماهر .
الابنة : مات أبي السلطان!
الابن : ربحتُ التاجِ , وأصبحت ملك الصحراء .
الأم : تعالوا نتقاسم الثروة و المدينة.
الابن : الرجال وحدهم يملكون ويحكمون .
الابنة : تفضّل يا عزيزي, هذا طعامك و شرابك المفضّل.
الأم : هنيئاً يا وحيدي .
الابن : الشراب مسموم, أني أموت يا أميرتي, أني أموت.
الابنة : ياي !! السّم قتل أخي, لماذا يموت السّلاطين ؟!
الأم : ليجتمعوا في نار جهنّم .
الابنة : أمي, لا أريد أن أموت .
الأم : نحن معشر المجانين طريقنا الجنة.
الابنة : و الدّم المسفوك بأيدينا ؟
الأم : هو الثمن الذي يمنحنا عيشا هنيئا.
الابنة : أمي, كيف أتحرّر من الجنون؟
الأم : ادخلي التابوت يا عزيزتي .
الابنة : أمي, أني لا أتنفّس تحت الأرض, أني أختنق.
الأم : مجنون مَن يصدّق المجانين .
الابنة : ياي ما أروع الحياة في الآخرة ! لا أحقاد و لا جوع و لا قنابل .
الأم : حقا ما تقولين ؟ أنا قادمة .
نحن معشر المجانين, نقول ما نريد, و نفعل ما نريد, لأننا قوم أحرار ولسنا عبيد .
* * *
كاتب ومخرج كردي