زهرة أحمد قاسم
يقول زرادشت : لتكن المرأة طاهرة كالألماس ……تشع فيها فضائل العالم المنتظر …… وليتوهج الكوكب في حبها وهي تضع للعالم الإنسان المتفوق “.
للمرأة الإيزيدية شخصية قوية وثقة عالية بالنفس , بارعة في الأعمال المنزلية , بالإضافة إلى عملها الشاق في الحقول إلى جانب الرجل ……….وهي شديدة التعلق بأطفالها لا تتركهم حتى أثناء عملها في الحقول فتشد رضيعها على ظهرها بواسطة حزامها الطويل . تميزت الأيزيدية بقدرتها على التكييف مع الظروف الصعبة التي رافقت حياتها وعشيرتها فبرعت في الفروسية وقدرة كبيرة على التكيف وصعوبة الحياة الجبلية الوعرة, في الكهوف والمغاور والقدرة على الاختفاء في أخاديد الجبال مع أطفالها كلما عصفت بهم شرور الحروب واستبداد الحكام.
تبوأت الإيزيدية مراكز القيادة في الإمارة والعشيرة ودافعت عنها على مراحل التاريخ, فبرعت الأميرة الإيزيدية “ميان خاتون” في إدارة العشيرة وبرعت في السياسة ونجحت في تحقيق التوازن واستقرار الأمور في الأمارة الإيزيدية وسعت لإعادة الحياة إلى معبد لالش وإعادة الطواويس إليها إثر تعرضها للنهب من قبل الدولة العثمانية, لتكون نموذجاً رائعاً للمرأة الكردية وموضع التقدير, ومن ناحية الانتماء القومي رفضت طلباً للحكومة العراقية من الأيزيديين بالقتال ضد ثورة بارزان عام 1945م بل سعت إلى الاتصال بالزعيم الكردي مصطفى البارزاني مباشرة وكان صعباً لامرأة مثلها القيام بمثل تلك الأنشطة وفي تلك الأيام ليس بين الأيزيديين فقط بل في المنطقة كلها .
كما لعبت الايزيديات دوراً مميزاً في الحياة الدينية فالكثيرات منهن تفرغن لخدمة ضريح الشيخ آدي ونذرن حياتهن له ولخدمة المعبد , ولكن دورهن الأبرز كان في تربية أولادها رغم الحرمان من التعليم إلا أنها تمكنت من بناء شخصية الطفل الأيزيدي على القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة لتساهم في تماسك المجتمع والإيمان بالدفاع عنه وحماية المقدسات الدينية والتراث الكردي, فروت قصص البطولة والحب والفروسية ومعاناة رجال الدين والأبطال اللذين قضوا حياتهم دفاعاً عن حريتهم ومعتقدهم , لتعزز فيهم حب العقيدة والوطن, عاشرت الأيزيديات المآسي حيث تحملن الكثير من المحن والصعاب من قتل وتشرد وهجرة, كما تعرضن للاضطهاد من قبل الدولة العثمانية والسلطات العراقية المتعاقبة دون رحمة أو شفقة, ورغم كل المآسي بقيت مدافعة عن شرفها وداعمة لأسرتها وأطفالها, وقد لجأت النساء والفتيات الأيزيديات إلى غرق أنفسهن في الانهر أو الحرق في الحقول حيث فضلن الموت غرقاً وحرقاً ليحافظن على شرفهن وعلى أن لا يقعن أسيرات في أيدي أية جهة أخرى غاصبة ومحتلة لأرضهم وقراهم .
الأن التاريخ يعيد نفسه ولكن بوحشية أكبر وتتكرر المأساة في شنكال , الأيزيديات من جديد تحملن طفالهن وآلامهن وتلتجئن للجبال ليحميهن واطفالهن, ذلك الملاذ الأمن الذي حضن آهات الأمهات وأجساد الأطفال الأبرياء وعانق همساتهم الأخيرة ليكون شاهداً على تاريخ شعبٍ عاشق للحرية قدم القرابين في سبيلها ,حيث فضلن الموت في أحضان الجبال على أن تقعن أسيرات في أيدي الإرهاب وأعداء الإنسانية ” داعش “،وبالرغم من دفاعها المستميت ومحاولاتها البطولية لتحمي نفسها وعائلتها ،الا انهن لم يسلمن من يد الغدر والارهاب فارتكبت بحقهن جرائم ابادة جماعية وصور” الموت والألم و الدمار والسبي الوحشية والتي هزت ضمير الانسانية ، تلك الجرائم التي شوهت عمق الرسالة الإسلامية التي وضعت الأسس وسنت القوانين التي تصون كرامة المرأة وتمنع استغلالها, هي الأن تباع في الأسواق وتهان كما الجاهلية, ولتحافظ الأيزيدية الأسيرة على شرفها وكرامة عائلتها عمدت الكثير منهن إلى قتل نفسهن لتثبتن من جديد أصالة الأخلاق الكردية والقيم الإنسانية المتوارثة.
هي بإرادتها وأخلاقها الأصيلة حاولت بما تمتلك ان تحمي نفسها …….نحن والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والحقوقية كيف سنحميها؟؟؟؟.