عمر لعلي «رينجبر» في ذكرى رحيله

نارين عمر

عندما قرّر الشّاعر الكرديّ عمر لعلي أن يلج إلى عالم الشّعر والأدب الكرديّين اختار لنفسه اسم “رينجبر”, ليؤكّد على أنّه فرد من الطّبقة الكادحة والفقيرة, وعلى أنّه سيترجم هموم وواقع هذه الطّبقة في أشعاره وقصائده إلى جانب هموم شعبه الكرديّ وقضاياه المصيريّة, وليؤكّد على أنّ الشّعر الحقيقيّ ينبع من صدق المشاعر والأحاسيس.
كان إلى جانب ذلك أباً عطوفاً لأبنائه وبناته, وزوجاً طيّباً لزوجته التي أخلصت له, وتولّت تربية أولادها في غيابه المتواصل عن البيت, على الرّغم من أعوام الفقر والعوز التي عاشتها هي وأولادها.

الأمر الذي يميّز شاعرنا من غيره هو أنّه لم ينس أفضال والدته عليه وعلى إخوته بعد رحيل والدهم, فآثر أن يحمل اسمها “لعلي“, ويتسمّى بها “عمر لعلي” عرفاناً وجميلاً منه لوالدته.
غنّى من أشعاره الكثير من المغنّين والفنّانين الكرد ولكن أبرزهم هما محمد شيخو وسعيد كاباري.
محمد شيخو الذي غنّى من أشعاره العديد من أغنياته الرّائعة والخالدة, فخلّد من خلالها اسم شاعرنا في سجلاّت شعراء الكرد المتميّزين, وخلّد نفسه بها أيضاً.
لم يقتصر عمله على الفلاحة والأرض وكتابة الشّعر بل دخل عالم السّياسة أيضاً من خلال عمله الحزبيّ الذي أفنى سنواتٍ من عمره في سبيله, ولكنّه تخلّى عن العمل الحزبيّ, وآثر الابتعاد عنه لأنّه أحسّ بأنّه لا مكان له ولأمثاله في صفوف الأحزاب لأسباب جليّةٍ واضحة لا تحتاج إلى التّوضيح والتّفصيل.
مع الأسف لم يتمكّن خلال سنوات عمره من طباعة ونشر أيّة مجموعةٍ شعريّة له بسبب ظروفه الماديّة الصّعبة, وبسبب عدم تبنّي أيّة جهةٍ لطبع ونشر أعماله باستثناء السّنوات الأخيرة حيث أصدرت له وزارة الثّقافة في “اقليم كردستان” بعضاً من مجموعاته, لكن وعلى الرّغم من ذلك فهي لم تصل إلى يدي شرائح واسعة من جماهير شعبنا, ليطلعوا عليها, ويستأنسوا بقراءتها والاستمتاع بها.
على الرّغم من تعاطف جماهير شعبنا مع شاعرنا إلا أنّ الجهات التي تدّعي تمثلها وتمثيلها  للكرد الحزبيّة منها وغيرها في سوريّا  أهملوا هذا الشّاعر, ولم يوفوه حقّه من الرّعاية والاهتمام لا في حياته ولا حتّى في رحيله وما بعد الرّحيل, ولكنّ حفلات تأبينيّة كانت تُقام له في “اقليم كردستان” وفاء له ولجهوده في خدمة الشّعر الكرديّ والقضيّة الكرديّة, كانت كافية لتعويض أهله وذويه ومحبّيه من الحبّ والاهتمام اللذين يفتقدونه لدى كرد سوريّا.
على الرّغم من كلّ شيء سيظلّ الشّاعر عمر لعلي أحد أبرز الشّعراء الكرد في القرن العشرين, وسوف تظلّ الأجيال تتذكّر خدماته الجليلة في الشّعر الغنائيّ الكرديّ, وبالتّأكيد لا بدّ من أن يأتي اليوم الذي نكرّم فيه مبدعينا في مجال الثّقافة والفكر والأدب.
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

بدعوة من جمعية صحفيون بلا حدود الدولية، أقيمت اليوم، السبت ٦ نيسان ٢٠٢٥، أمسية شعرية متميزة في مدينة إيسن الألمانية، شارك فيها نخبة من الشعراء والكتّاب اعضاء الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد.

وشهدت الأمسية حضورًا لافتًا وتفاعلاً كبيرًا من الحضور، حيث تناوب على منصة الشعر كل من:

صالح جانكو

علوان شفان

يسرى زبير

بالإضافة إلى الصديق الشاعر منير خلف، الذي…

تنكزار ماريني

 

الهرمنيوطيقا وما بعد الهرمنيوطيقا هما مفهومان مركزيان في الفلسفة والعلوم الإنسانية يتناولان فهم وتفسير النصوص والمعاني والظواهر الثقافية. وفيما يلي السمات والخصائص والاختلافات بين هذين المنهجين:

 

الهرمنيوطيقا. الخصائص والمميزات:

التعريف:

الهرمنيوطيقا هي فن وعلم التفسير، لا سيما للنصوص واللغة والمصنوعات الثقافية. تعود جذوره إلى الفلسفة القديمة وتم تطويره في القرنين التاسع عشر والعشرين.

 

الجذور التاريخية: للهرمينوطيقا جذور تاريخية…

الشيخ صبحي نابو

 

الإيزيدية هي مجموعة عرقية ودينية قديمة . وهي ديانة توحيدية غير تبشيرية، تعتمد على مفاهيم روحانية خاصة بها، حيث تؤمن بوجود إله وأحد خالق للكون، وتقدس الملائكة السبعة النورانين و أحترام جميع الأديان والمعتقدات.

تتميز الإيزيدية بعاداتها وتقاليدها الفريدة التي تتوارثها الأجيال، مما يجعلها من الديانات الغنية بالتراث والثقافة التي تدل على تاريخها الممتد…

جمال البرواري

 

صدر من مكتبة كازي بوك كتاب ” فرحة السلام – من الشعر الكلاسيكي الكوردي للشاعر عصمت شاهين الدوسكي تصميم الغلاف الفنان الكبير نزار البزاز الطبعة الأولى رقم الايداع في المكتبة العامة في دهوك 25/2525 156″ صفحة ” حجم متوسط ..يستهل الكتاب بشكر للأستاذ الكبير دلخواز موسى محمد مدير الثقافة والفنون في زاخو لمساهمته مشكورا…