نادية مراد ..

أفين إبراهيم
الفتاة اليزيدية التي سمع صوتها العالم في مجلس الأمن منذ أيام ..
الفتاة التي جاءت لتحكي قصتها المريرة مع داعش ..
لتقول للعالم أجمع كيف اغتصبت حتى الأغماء ..
كيف قتل أخوتها الستة أمام عيونها ..
كيف قتلت أمها…
كيف جردت من براءتها وعذريتها و أنوثتها كالكثير من الإيزيديات ..
كالكثير من النساء على اختلاف دياناتهم وقومياتهم ..
ألتقيت بها الليلة..
نعم ضممتها إلى صدري وبكيت ..
بكيت جدا ..
لم التقي نادية ..
التقيت حمامة كوردية جريحة ..
التقيت عيون أبي الغريبة ..
منفاي الطويل ووجع الأساور في قصائدي ..
ألتقيت البحر ..
كل البحر والأطفال الغرقى في عيونها..
حقائب المهاجرين وصور أمهاتهم..
حدثتها عن خواتمي التي أعشق ..
عن قبر أبي ..
عن أمي الأرملة ..
عن عصا الشعر التي ضاعت مني وقلبي الأعمى ..
عن ضحكة ديار وباراف التي تنتظر عودتي من الشعر ..
عن دميتي التي تنام وحيدة في بيتنا القديم..
عن الحب الكثير الذي يأكل قلبي أواخر الليل..
وضعت في يدها خاتمين من خواتمي التي احب …
وفي عنقها المكسور قلادتي ..
قالت أنا لا ألبس القلادات أفين ..
قلت لها لأجلي ستلبسين ..
لأجل نساء الأرض جميعا ستلبسين..
لتثبتي للعالم أنك وكل الإيزيديات ضوء ..
ضوء وملاك جميل مهما حدث ..
قبل أن اخرج وانا أضمها همست في أذنها وقلت ..
الحب ..
الحب هو المخلوق الوحيد الذي سيشفي روحك ..
الحب نادية..
الحب فقط من سيعيد لك الفراشات التي ماتت في صدرك الأبيض..
خرجت ولا ادري ما الذي جعلني أعود ثانية لأقول لها ..
لو أعلم أن شعري سيسند روحك لقصصته الأن ووضعته حزاما على خصرك نادية ..
حضنتني وقالت لا ..
لا أفين شعرك جميل ..
جميل وغالي على قلبي ..
نادية ..
طفلتي الجميلة ..
حمامتي البيضاء ..
خاروفي الرائع أحبك ..
ستكونين بخير ..
بخير قربان..
الوجع الذي في عيونك حفر على قلبي نادية ..
على قلبي لن أنسى ذلك الألم حتى وأنا تحت التراب …
تمنيت لو حملتك بجناحي المكسور وعدت بك إلى البيت نادية…
كما وعدتك ستنامين في حضني المرة القادمة .


أفين إبراهيم

هيوستن -أمريكا

12-21-2015

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…

ابراهيم البليهي

منذ أكثر من قرنين؛ جرى ويجري تجهيلٌ للأجيال في العالم الإسلامي؛ فيتكرر القول بأننا نحن العرب والمسلمين؛ قد تخلَّفنا وتراجعنا عن عَظَمَةِ أسلافنا وهذا القول خادع، ومضلل، وغير حقيقي، ولا موضوعي، ويتنافى مع حقائق التاريخ، ويتجاهل التغيرات النوعية التي طرأت على الحضارة الإنسانية فقد تغيرت مكَوِّنات، ومقومات، وعناصر الحضارة؛ فالحضارة في العصر الحديث؛ قد غيَّرت…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الخَيَالُ التاريخيُّ هُوَ نَوْعٌ أدبيٌّ تَجْري أحداثُه في بيئةٍ مَا تَقَعُ في المَاضِي ضِمْن ظُروفِها الاجتماعية ، وخَصائصِها الحقيقية ، مَعَ الحِرْصِ عَلى بِناء عَالَمٍ تاريخيٍّ يُمْكِن تَصديقُه ، والاهتمامِ بالسِّيَاقاتِ الثقافية ، وكَيفيةِ تَفَاعُلِ الشَّخصياتِ مَعَ عَناصرِ الزَّمَانِ والمكان ، ومُرَاعَاةِ العاداتِ والتقاليدِ والبُنى الاجتماعية والمَلابس وطبيعة…

فواز عبدي

يقال إن الأمثال خلاصة الحكمة الشعبية، لكن هناك أمثال في تراثنا وتراث المنطقة باتت اليوم تحتاج إلى إعادة تدوير عاجلة… أو رميها في أقرب سلة مهملات، مع بقايا تصريحات بعض المسؤولين. مثال على ذلك: المثل “الذهبي” الذي يخرجه البعض من جيبهم بمجرد أن يسمعوا نقداً أو ملاحظة: “القافلة تسير والكلاب تنبح” كأداة جاهزة لإسكات…