موضة الكتّاب والشعراء الموهوبين دون ثقافة..!

دهام حسن
هل كل من يتكلم العربية يعدّ كاتبا أو شاعرا.؟! وبينهم الأميّ الذي لا يعرف لا القراءة ولا الكتابة، بالمقابل هل كلّ من تعلم الأبجدية الكردية أصبح كاتبا أو شاعرا دون ثقافة، ولا خلفية معرفية، ويظهر فجاءة بعد أن بلغ من العمر عتيا، فيخرج علينا بدعوى أنه كاتب، أو شاعر لا يشقّ له غبار، ترى كيف جاءه بريق الموهبة وهو في أرذل العمر.! أحد الجامعيين يفاجئنا بنص شعري بالكردية وهو قد تجاوز الخامسة والستين من عمره، ولم يسمع له بنص شعري من قبل، فكيف جاءه شيطان الشعر بهذه السخونة وهو في هذه السنّ..؟!
أخوتي الشعر موهبة، وهذه الموهبة عادة ما تأتي في سنّ مبكرة، في فترة المراهقة لا في الشيخوخة، ولقرض الشعر أسباب عديدة، الواقع الاجتماعي والبيئة الأسرية اللذين يعيشهما الواحد منا، سيكولوجية الإنسان الفرد، رهافة الحسّ، النظرة التأملية الثاقبة، بحيث يرى ويحس بخلاف سواه، الوقوع في شباك حبّ، اجل هناك فعلا (شيطان الشعر) وهذا ليس بشيء آخر غير الموهبة، وحينها لابد من صقلها بالانكباب على قراءة الشعر والتلذذ بالمعاني والصور..
وإذا ما تجاوزنا الشعر، وتوقفنا عند النثر في حالتي الكتابة السياسية والفكرية، وسواهما من فنون كتابية أخرى، فالكتابة السياسية تستلزم ممارسة سياسية فترة ليست بالقليلة، فضلا عن الثقافة لضرورتها الدائمة، والتدرب على كتابة مقالات سياسية، أما الكتابة الفكرية علاوة عما قلناه في الكتابة السياسية تقتضي عمقا معرفيا، وهذي لا تتحقق إلا بمزيد من المطالعة وبنهم وديمومة… فهل نحن متفقون أرجو ذلك.! وإذا ما أثرت حفيظة بعضهم فلينكبوا على القراءة وليعذروني على صراحتي المعهودة..! 
للتوّ سمعت بمهرجان شعري جرى ليلة أمس بصالة البارتي وحرمت بهذا متعة الحضور والمتابعة، حتى المشاركة لو تسنى لي ذلك، لكن ليس لنا في الطيّب نصيب، لكن ما أخبرت به لاحقا عن رداءة النصوص التي ألقيت في المناسبة، ولا أعلم ما هي المناسبة، وقد سبق لي أن غمزت إلى الشعر الرديء بمناسبة أخرى وها انا أعيد بعض أبيات النص إلى الأذهان مجددا من قصيدة طويلة بعنوان (دولة الشعر):
دولـــة الشعـــر لها بلبلهــــا
ألف الروض يناغي السوسنا
إن شدا البلبل أشعار الجوى 
يملك السمع ويسبي الأعينا
ومن المهجة فاضت بحةٌ
خفق القلب لها واحتضنا
ما قوام الشعر أن تزجي غوى
قلق القول كلاما لحنا
إنما الشعر خيالٌ هائمٌ
وشعورٌ وافتتانٌ وعنا
ما استوى بالشعر إلا معشرٌ
وردوا الغذب وعافوا الآسنا
ركةٌ فيه اكتناهٌ فاسدٌ
والتقاطٌ وشرودٌ وانحنا
لو ترى واحدهم في مجلسٍ
شاعريٍ لتباهى واكتنى
وإذا ما تليتْ أشعاره
صاح عجبا بيضة الديك أنا
طلعوا كالفطر ما أكثرهم
فبذور السوء مكثار الضنى
فذروا الشعر قليلارحمة
ما بنى بالشعر قوم وطنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

المهندس باسل قس نصر الله
حين زرتُ المقابر المسيحية لأول مرة – ولسببٍ لا أذكره اليوم – كنتُ في العاشرة من عمري. هناك، بدأتُ أمارس ما كنتُ أظنه معرفة بالقراءة … فصرتُ أقرأ أسماء الموتى على القبور، أتهجّى الحروف واحداً واحداً، وأربط أسماء العائلات بأسماء أصدقائي المسيحيين. وكنتُ أعود إليهم أسألهم عن تلك الأسماء، عن الذين…

أحمد مرعان

رحلةُ سقوطِ الوعي بين بريقِ المصلحة وبهتانِ الحقيقة؛ كان المثقفُ أيامَ النقاءِ والتضحيةِ نبضَ الوعي الجمعي في جسدِ الأمة، وصوتَ العقلِ حين تسكتُ الأصوات، يسيرُ في الدروبِ المظلمةِ حاملًا شعلةَ النور بالفكرِ والوعي، بقدسيةِ إعلاء كلمةِ الحق، ينيرُ بها القلوبَ والعقولَ قبلَ الطرقات، مغامرًا بنفسِه إلى السجونِ والمعتقلات، وربما يكونُ ضحيةَ فكرِه ورأيِه، يؤمنُ…

هند زيتوني| سوريا

كي تتحدّث مع الأموات بإمكانك الذهاب إلى مدينة المنجمّين الشهيرة في كاساديغا بولاية فلوريدا الأمريكية هناك يستطيع الوسيط أو الـ (Medium) أن يجعلك تتصل بالأرواح، أمّا إذا أردت أن تستمع لحديث الشاعرات اللواتي تربّعن على عرش الموت، فما عليك إلاّ أن تقرأ كتاب “بريد السماء الافتراضي”. هناك الموت لا يعني التلاشي ولا…