قريتنا بلد العجائب..!

دهام حسن
في قريتنا الناس أيقاظا تحسبهم رقودْ
أنعم الله عليهم بلغة الصمت ونعمة الصبرْ
كلّ مصيبة عندهم قضاء وقدرْ
رزقهم من السماء..
فإذا ما انحبس المطر.. وأجدبتْ الحقولْ
خرج الناس للاستسقاء..فاغري الأفواه تضرّعا
ارتفعت الأيادي بالدعاء :اللهمّ أسقهم المطرْ
لا تبخلي عليهم أيتها السماء..
بحمدك اللهمّ الأرض تخصب.. وبحمدك الحقول تخضرّ
والنساء تنجب.. فأمطري أيتها السماء..
في قريتنا ما يزال الأموات يبعثون أحياء
ينسلون من قبورهم.. يزورون أهاليهم.. أيام الجمعة
وفي الأعياد.. يحيّونهم
وهل سمعتم بتحيّة الميت للأحياء :(السلام عليكم يا أهل القبور) 
في قريتنا بصّارة تقرا الكف والفنجان.. وترجم بالغيب..
مُدّتْ إليها الأكفّ.. فتبصّرت.. ثمّ تنهّدتْ وقالتْ: يا أبنائي
ليس لكم في الدنيا حظوظ… هذا ما جاء في السفر المحفوظ
في قريتنا يولد الأطفال بلا أسماء.. يتسكعون في الشوارع والحارات
هائمين … فائضين.. يكبرون.. يترعرعون
يحمل كلّ واحد منهم هوية عليها اسم شارع
في قريتا لا تضاجع النساء إلا التراب.. ولا يحبلن إلا بالفقر
فإذا ما جاءت ساعة المخاض.. وحلّتْ الولادة 
جاء مباركا من هبّ ودب بالوليد التعس الشؤم .. فهنيئا له
بهذا النسب.. لقد زاد على الفقراء رقمْ
في قريتنا تخصى الخيول..فينقطع عن مرابعنا الصهيل..
ويسرح في المضامير البغال..
فماذا بعد تتوقع لبغل أبترَ لا يرزقُ.. هجينٌ هو وسليل أبٍ
يدبّ وينهقُ..
في قريتنا لا توجد مصابيح والسرجُ مطفأة
فإذا ما خيّم الليل وسكن..مشى الناس في الظلام..
والجميع أصابهم الوهنْ
في قريتنا لا توجد أحزاب.. لا نقابات.. لاتنظيمات..
لا تسمع سوى ثرثرة المسؤولين اعتدنا على المسيرات.. نحمل
اللافتاتْ.. ونذرع في مواكبَ الطرقاتْ
نصفّق مع المصفقين..ونسقط مع الساقطين
يعيش يسقط… يسقط يعيش
هكذا يمضي بنا الرفيقْ ونحن حيارى.. يمينا خلفه نمشي
حينا وحينا يسارا.. إلى أن تضلّ بنا الطريقْ
فيا ربّ أغثنا.. إننا نطمع في رحمتك..
فأرضك عطشى.. وعبادك غرثى.. فقد يبس الشجرْ..
وجفّتْ الضروع.. وأجدبت المواسمْ.. وهلكتْ الزروعْ
أغثنا يا رب…
لا تقنطوا يا ناس.. لا تفقدوا الرجاءْ.. أمطري أيتها السماء..
أمطري أيتها السماء.. 
لا..لا…. لا تمطري يا سماءْ

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نص: حفيظ عبدالرحمن

ترجمة عن الكردية: فواز عبدي

 

جاري الافتراضي كئيب

جاري الافتراضي حزين

جاري الافتراضي يحلب اليأس

يحتسي الوحدة

يبيع الحِكَمَ المكوية برعشة الآلام

بثمن بخس.

 

من نافذة صفحتي

أرى

مكتبه

صالونه

غرفة نومه

مطبخه، شرفته، حديقته

ومقبرة عائلته.

من خلال خربشات أسطره

أقرأ طنين النحل

في أعشاش عقله.

 

جاري الافتراضي

يكتب على جدار صفحته

كلمات مثقوبة بالألم

محفورة بمسامير التنهدات

يمسحها

ثم يعيد…

مروة بريم
لم يسبق لي قطُّ أنْ رأيتُ الجزيرة، تكوَّنت صورتها في ذهني، من قُصاصات مطبوعة في المناهج المدرسية، وما كانت تتداوله وسائل الإعلام. عَلِقت في ذهني صورة سيدات باسقات كأشجار الحَور، يأوينَ إلى المواقد في الأشتية القارسة، تشتبكُ القصصُ المحلّقة من حناجرهنَّ، مع صنانير الصّوف وهنَّ يحكنَ مفارش أنيقة، وفي الصَّيف يتحوَّلن لمقاتلات…

شيرين اوسي

عندما تكون في الشارع وتحمل في احشاءها طفلها الاول

تتحدث عنه كأنها تتحدث عن شخص بالغ

عن ملاك تتحسسه كل ثانية وتبتسم

يطفئ نور عينها وهي تتمنى ضمه

تقضي في حادثة اطلاق نار

رصاصة طائشة نتيجة الفوضى التي تعم المدينة تنهي الحلم

تموت وهي تحضن طفلها في احشاءها

ام مع وقف التنفيذ

تتحسس بطنها

ثم تتوسل لطبيب المعالج

ساعدني لااريد فقد كامل…

إبراهيم محمود

البحث عن أول السطر

السرد حركة ودالة حركة، لكنها حركة تنفي نفسها في لعبة الكتابة، إن أريدَ لها أن تكون لسانَ حال نصّ أدبي، ليكون هناك شعور عميق، شعور موصول بموضوعه، بأن الذي يتشكل به كلاماً ليس كأي كلام، بالنسبة للمتكلم أو الكاتب، لغة ليست كهذي التي نتحدث أو نكتب بها، لتكتسب قيمة تؤهلها لأن…