طبيعة الآدمي الكثير من بذور الشر التي لا تمر بمرحلة تصفيتها منذ بداية وعيه وحتى
لحظة أوج نضوجه. كما إن البيئة العامة من حوله: البيت-الشارع- المدرسة-التربية-
الحي- المؤسسة- الإعلام إلخ. لم ترتق حتى الآن إلى مستوى استئصال شأفة الشرور من
أجل تأسيس ثقافة كائن كوني متسام على فيروسات عدوانيته. وإن كانت هذه العدوانية
تأخذ أشكالاً تدرجية، لا يمكن التخلص منها، ما دمنا لما نزل أمام بيئات ثقافية
متناقضة. متناحرة. متلاغية..!.
2. لماذا ابتعد الإنسان
عن السَّلام والوئام بين بني جنسه، سائراً نحو حقول الألغام الَّتي تنسف حيثيَّات
السَّلام من جذوره؟.
سأصارحك: ربما كانت
آرائي ستختلف عن الآن، لو إن أسئلة هذا الحوار عرضت علي قبل الحرب على الشعب السوري
التي بدأها النظام، وتدخلت قوى دولية سواء تلك التي تمترست في-انتظار تجاوز النظام
للخطوط الحمراء- أو تلك التي تجاوزتها. وكانت في النهاية في خدمة هدف واحد هو: نسف
هذا المكان والكائن. كما إن أسئلة الحوار التي تأخرت قليلاً في الإجابة عنها لو
كنت رددت عليها، فور وصولها، ربما كانت آرائي أكثر تفاؤلاً. أكتب الآن في لحظة
هيمنة الحرب الشاملة على ما يخصُّني، في أعلى وتائرها، وأشكالها، وإن كانت الحرب
منذ انطلاقتها تنتهك كل ما يخصُّني، بل إن كل حرب في العالم تنتهك آدميتي. أكتب في
اللحظة التي يعدم فيها سخام الحرب ودخانه الرؤية. أكتب الآن في اللحظة التي تصلني
رائحة شواء لحوم أطفال ونساء ورجال أهلي في الشارع الذي أسكنه-واسمه للمصادفة شارع
الحرية في مدينة قامشلي- أنفي. أكتب في اللحظة التي أحس فيها أن العالم إزاء ما
يجري في بلدي منقسم متوزع في خانتين: صانع للحرب وصامت متواطىء. كيف تريد لي أن
تكون آرائي الآن، إذاً؟…!.
أكتب في اللحظة التي
أحس بأني بت أستعيد تراجيديا الفلسطيني، إذ: لا عودة إلى المكان الأول. في اللحظة
التي أحس فيها أن مدينتي. مكتبتي. قبر أمي وأبي وأطفالي واِخوتي وأخواتي هناك
ماعاد في إمكاني زيارتهم. في الوقت الذي أحس فيه أن أرشيفي ضاع. مخطوطاتي ضاعت..
مكان القبلة الأولى، الضفيرة، والرسالة السرية الأولى للأنثى الأولى انزلق من
ذاكرتي التي اقتلعت منه. وأنني صرت محض امرىء يكتب بذاكرة مستعارة، مؤقتة. كيف
تريد لرأيي أن يكون هنا، إذاً…؟.
صحيح. أنني ما دمت أؤمن
أن الآدمي حين يولد، لن يكون إلا صفحة بيضاء، قابلة لأن تمتلىء بكل ما هو جميل،
غير إن حبر الكراهية يزاحم حبر الحب في الكتابة على هاتيك الصفحة. إن لم يكن هناك
فيروس في النفس الآدمية، سرعان ما يكبر، يتفاقم. يأخذ مداه الكبير من إيذاء
الآخرين، وإلا، فمن أين ظهر لنا من يسبي النساء في سنجار-مثلاً- بعد أن يتخلص من
كل ذكر من ذويها، كي تبدو في حضيض انكسارها، ومذلتها، واستلابها-وهي اللبوة
الكردية الإيزيدية- أمام فحولته الشبقية الما بعد وحشية. ومن أين جاء ذلك الذي
يجري محرقة للمختلفين معه تحت أنظار العالم كله؟. يذبح الآدميين، حتى وإن كانوا
أبناء جلدته، مرددين الشعار الذي يرفعه: لا إله إلا الله..!؟. أجل. من أين جاء مَن
هو ما بعد وحشي. ما بعد إرهابي. ما بعد عنفي؟. إنه يتطفل على فضلات ثقافة لم تنقطع
منذ قرون وحتى اللحظة. إنه قد عاش بين ظهرانينا وهو مشروع قاتل حتى وإن تمظهر بكل أشكال
الطهارة والبراءة والنبل. وماذا عن الطيار الذي يقصف؟. ماذا عن القناص الذي يتخذه
موقعه في أعلى مبنى ما في هذا العنوان من خريطة الحرب المفتوحة أو تلك ويقتنص كل
من يسيل لعاب بندقيته الأوتوماتيكية.
ثمة أنا في جانبها
الكريه، في أعماق ذلك القاتل، يستفحل أمرها حتى تترك وراءها هذا الدمار، والخراب،
والإبادة. لا بد لنا أن نفكر قبل كل شيء بصناعة مناهل ثقافة الإنسان وتنشئته من
جديد في شكله الما قبل قابيلي، وهو ما أراه كإحدى المعجزات التي لن تكون إلا في
خيال الشاعر أو الفنان .!.
3. ما هي أسباب انكفاء
الحسّ الأخلاقي والمعايير الرَّاقية عند الكثير من البشر في الوقت الرَّاهن؟ .
لا شك أن هناك مواتاً
حقيقياً للحس الإنساني، بات واضحاً للعيان، وكأن بدورة الزمن تعود إلى اللحظة
الافتراسية. هذه الحالة الأليمة باتت تبلد الأحاسيس النبيلة عند كثيرين ما خلا من
استطاعوا السمو على طبيعة اللحظة، من خلال الاحتكام إلى منظومة القيم العليا التي
تمر بمرحلة العطالة..!؟.
ولن يكون غريباً البتة
أن نصل إلى ما وصلنا إليه، أنى أدركنا حقيقة أنه ومنذ أن يفتح المرء كلتا عينيه،
صباحاً، وحتى انهداده في سريره، في غرفة نومه، لا صور تصله عبر شاشة هاتفه، أو
كمبيوتره، أو تلفزيونه، أو الجريدة التي يتصفحها سوى ما تدفع إلى الاشمئزاز، وكأن
صنبور دم ينفتح في مطبخ بيته، يغمر محيطه، وذاكرته بالدم، فلا مناص منه، ومن
الصورة التي يرمز لها من أشلاء وجثث و حطامات.
ثمة إحساس عارم، حتى
لمن يحمل في دواخله روح الجمال والحب، في أنه قد غدا هامشياً، غير قادر على تغيير
هذا الواقع الكارثي المحيط. أجل. هذا الإحساس هو من يقود حتى من يدرك كنه وماهية
ما يجري إلى الخلود إلى حالة الانكفاء السلبي.
4. يركّز الإنسان على
العلاقات المادّيّة، وغالباً ما تكون على حساب إنسانيّة الإنسان، لماذا يتراجع
الإنسان نحو الأسوأ في علاقاته مع بني جنسه: البشر؟!.
الآدمي الأول يجد أن القطيعة البشرية، وما تركته من مفردات: الكراهية-العنف لم
تتأسس إلا ضمن فضاء الارتكان إلى الذات في لحظتها الأنانية، العمياء، الجاحدة،
الضارية. إن درجة الاستغراق في هذه اللحظة كلما طالت انعكس ذلك على منظومة قيمه
كاملة، إلى درجة الاستسلام، والفتك، والعودة إلى الفضاء الغابي.
5. هناك تطوُّر كبير في
تقنيات وتكنولوجيا العصر، يسير عصرنا نحو فتوحات كبرى في عالم التّقانة
والتَّحديث، لكنَّه فقد الكثير من الحميميّات، كيف ممكن إعادة العلاقات الحميمة
الرَّاقية بين البشر؟!.
صادر لي، حتى الآن. عنيت بهذا الجانب-تحديداً- فقد ركزت-على سبيل المثال- في كتابي
“مخاض المصطلح الجديد- استشرافات على عتبة المستقبل. على هذه الخطر
الإلكتروني الذي يطيح بعلاقتنا مع فضاء الطبيعة والواقع. أجل، هذه الفتوحات التي
تتحدث عنها كان من شأنها نسف الكثير مما هو حميمي. ها قد أصبحت الآن أهجر القلم.
لا أستطيع الكتابة بعد أقل من عقدين إلا عبر الكيبورد. في البداية كنت أكتب كل شيء
عبر الكمبيوتر، ماعدا الشعر. الآن, صرت أكتب الشعر نفسه من دون القلم. القلم الذي
لم أكن أخطو مجرد خطوة دونه، وصارت بيننا قطيعة كما- ساعة اليد- التي لم أتصالح
معها منذ طفولتي.
أعترف-على الصعيد
الشخصي- أنني في حقيقتي ابن مرحلة ما قبل التكنولوجيا. فأنا ما زلت أقرأ الكتاب
الورقي. وأتهرب من الكتاب الإلكتروني. بل لا أرى في نشر كتابي في طباعته
الإلكترونية إلا أشبه- بالاستمناء الكاذب-حيث لرائحة الورق سطوته، ولشكل عناق
الحبر مع بياض الورق جمالياته. إن الأنامل تحس بتقزز أنى لامست شاشة الحاسوب بعكس
ملامستها لورق الكتاب.
هذه الحميميات- في
تصوري- باتت في طريق هجرتها. غيابها. مواتها. وأول سبل استعادتها إبقاء الطفل
مستعيناً بالكتاب الورقي في مدرسته. أن يكون القلم والورقة أداتا كتابته الأولى.
إعادة الهيبة إلى ما هو ورقي، لاسيما بعد خطر إعدام أمات الجرائد والمجلات
العالمية الذي يتم، لأسباب معروفة…!.
6. لا يتمُّ تأسيس الكثير
من الدُّول الشَّرقيّة/ العربيّة وما يجاورها على أسسٍ ديمقراطيّة، غالباً ما تجنح
نحو الحروب والدَّمار، متى ستتعلَّمُ هذه الدُّول أنَّ بناء الدَّولة يقوم على
بناء المؤسَّسات الدِّيمقراطيّة وتطبِّق هكذا مؤسَّسات؟.
-إن أول سبيل لإرساء
يوتوبيا- الحب والسلام- بين الناس يكمن في بناء الديمقراطية، وتكريسها. تلك الضالة
التي طالما سمعنا بها، ولما نرها بعد. بل وسفك كل هذا الدم الآدمي من أجلها،
لاسيما بعيد ثورات ربيع هذه المنطقة الموؤود أمريكياً، وروسياً، وعربياً،
وإيرانياً، وإسرائيلياً، وفق اتفاق افتراضي أو واقعي غير معلن.
7. جاءت الأديان كلّ
الأديان، لتقويم سلوك وأخلاق البشر، ولإرساء أسس العدالة والمساواة بين البشر، لكن
واقع الحال نجدُ انشراخاً عميقاً بين المذاهب عبر الدِّين الواحد، وصراعات مميتة
بين الأديان، إلى متى سيبقى هذا الصِّراع والتَّناحر مفتوحاً بين المذاهب
والأديان؟.
-حقاً، إنه لأكثر من
مؤلم أن يكون الطريق إلى-الله- عبر كل هذه القرابين التي بدت منذ أول لوذ بالعنف
لتكريس الدين، الله ليس في حاجة على طاعة تتأسس على قتل غير المستنسخ من القاتل
معلن الولاء له زعماً أو حقيقة. أنا امرؤ مؤمن بالله، غير إنني أجد أن كل السبل
المتبعة للوصول إلى الخالق، في أطروحاتها التطبيقية استرخصت إنسانية الإنسان تحت
دعوى إنصافها، والسمو بها.
الدين، في تجاربه
الماضية كان ساحة فاشلة لتطبيق العدالة، حتى وإن كان التاريخ سيذكر أمثلة سريعة،
وذلك لأن جوهره مبني على اللاعدالة الدنيوية، وهي نفسها أقنوم نحو ما هو آخروي. إذ
كيف لمن لم يتم إنصافه في دنياه قادراً على تخير طريقه الميتافيزيقي على نحو
صحيح.!.
8. سمِّي القرن التّاسع
عشر بعصر القوميّات، نحن في بداية القرن الحادي والعشرين، وما نزال نتخبّطُ
بالحقوق القوميّة وحقوق الأقلِّيات، إلى متى سنظلُّ نتصارع كأنَّنا في غابة
متوحِّشة، لماذا لا نركِّزُ على بناء الإنسان وتأمين حقوق المواطن القوميّة
والمذهبيّة والدِّينيّة بعيداً عن لغةِ العنف والعنف المضادّ؟!.
-بتُّ-الآن- لا أثق
بالدعوات إلى- دول المواطنة- المزعومة. لقد كانت هذه الدعوات امتداداً لكذبة سلب
الكثير من الأمم حقوقها، وفق تواطؤات عالمية، لما تزل سارية المفعول. على كل شعب.
كل أمة أن يمرَّا في مرحلة كيان الدولة. الوطن. قبل الانتقال إلى هذه اليوتوبيا
الخرافية التي هي في حقيقتها مطحنة لتحويل كل ما تلتهمه راحتاها إلى-دقيق- في
الصورة المرسوم لها، من قبل-الطحان- الأكبر.
ثمة قضايا دولية عالقة
تتعلق بحقوق من كانوا ومازالوا ضحايا الدول العظمى. هذه القضايا لا يمكن القفز من
فوقها، قبل بناء البيت الواحد الذي باتت مقدمات بنائه بعد ثورة التكنولوجيا
والاتصالات متوافرة. إن أي بناء، للمجتمع الواحد، في ظل هذا الواقع المهيمن يعني
الموافقة على قربنة أمم وشعوب لم تستوف بعد شروط بناء-وطنها- وهذا يعني محواً
لملامح أبنائها، كما يتم معنا الآن، كمهجرين، وفق خطط أممية لدول الملاذ الأوربي
الغربي التي تقدم في صور الملائكة، بالرغم من أن كل منها شريك في دمنا، وهجراتنا،
واغترابنا، وإبادتنا، وخراب مكاننا..!.
9. تحاول الدُّول
العظمى أن تنشبَ حروباً في الدُّول النَّامية كي تصنعَ حروباً، فتعيشُ الدُّول
المتقدِّمة على حساب المزيد من التّعاسة في الدُّول النَّامية، إلى متى ستبقى هذه
المعادلة المخرومة قائمة في أبجديات سياسات بعض الدُّول الكبرى؟.
-إنني أعيد الاعتبار
للفكر اليساري الذي لايزال الكثير من أطروحاته حقيقية، وندفع ضريبة لا أباليتنا
بها، عندما كانت تقرع النواقيس، وإن كان خطؤها في عدم اعتبار الأنموذج السوفييتي-
ذاته- شريكاً في لعبة التقاسم المنفعي. لقد أشار المفكرون اليساريون إلى مخاطر
العولمة-لا المعلوماتية- وأن المجتمع العولمي يرمي إلى الإبقاء على مجتمع
الثلث-عندما كان عدد سكان العالم ستة ملايين- أي إلى مجتمع المليونين، وقد جاءت
الحروب التي افتتحت بها روسيا الألفية الثالثة لترسي مرحلة الحرب الكونية
الإلكترونية المفتوحة التي تواصلها الآن، وهي تقف إلى جانب القاتل ضد مصلحة شعب
وبلد..!.
10. الإنسان هو المهم،
هو جوهر الحياة، وهو العقل المدبّر لقيادة الكون، مع هذا لا أراه مهمَّاً في برامج
الكثير من دول العالم، لماذا لا يتمُّ التَّركيز على بناء إنسان خيِّر وحكيم ومحب
للسلام والعدالة وبناء الأوطان؟.
-إن ربابنة الحروب التي
تجري، وفق مخططات تكفل ديمومة مشاريعهم، تستفيد من هذه الهوة كي تحقق توازناتها
المبتغاة. ثم إن بناء الإنسان لا يأتي على نحو مجاني إنه يتطلب العودة إلى ما قبل
الخلية الأولى. إلى الأسرة. إلى المجتمع، ضمن دورة تتطلب الثورة على كل مفاهيم
قراءاتنا لعلم الاجتماع والفلسفة والفكر والدين، وهو ما أراه موغلاً في لجة
المستحيل ممكن التحقيق، على المدى البعيد، لا القريب. عندما يجلس ممثلو عالمنا كله
على طاولة سلام واحدة، لا يمكن -آنذاك- تهميش ولو مجرد غجري، أو بوهيمي، أو طائر
من التمثيل، وهو كما تراه معي غير ممكن التحقق الآن..؟؟.
11. عجباً أرى، كيف لا
يفهم المتصارعون والمتحاربون أنْ لا منتصر في الحروب، حتَّى المنتصر هو منتصر على
حساب جماجم الآخرين؟. نحن بحاجة أن ننصر قيم الخير والعدالة ونحقِّق
الدِّيمقراطيّة والمساواة للجميع من دون هدر الدِّماء!.
باغ، وآخر يدافع عن حق وجوده. هذا ما ينبغي علينا فهمه، وإن كان هذا الأخير قد
يضطر، وتحت وطأة الثأرية، إلى استعادة بطش الطرف الأول. نحن هنا، بدعوتنا إلى نبذ
وتشنيع شأفة الثأر، والقتل، أمام معضلة مستأصلة في نفوس الظامئين إلى الدماء،
وبناة الأمجاد بأكوام، أو تلال، بل جبال، مثل هاتيك الجماجم التي تتحدث عنها.
إن العالم الذي تواطأ
في صناعة الحرب في سوريا، ودأب على ديمومتها، ومد القاتل والضحية بأدوات حرب لا
غالب فيها ولا مغلوب، كيف له أن يكون الحكم وهو الخصم الذي لولاه لما تجاسر القاتل
على تجاوز حدوده، وهو ما يرشحه ليكون”شريك القاتل” بجلاء. إن القتل-كما
في هذه الحالة- مرخص له أممياً من قبل العمالقة الكبار، وأرى أن مطبخ البيت الأبيض
هو قاتل السوريين الأول، كما هو سابي نساء سنجار، وحاضنة داعش. وإلا فإن التخلص من
الإرهاب-وهو شأن الأسرة الدولية- كان ممكناً أن يتم خلال أيام قليلة فحسب بعد
احتلال الموصل/نينوى، من قبل أزلام أبي بكر البغدادي، من قبل القوى العظمى وأولها:
أمريكا، في حال توافر النوايا السليمة-الافتراضية-لدى ساستها. بل إن مجرد ترجمة
صغيرة لذبذبات الضمير الإنساني-الذي حاول باراك أوباما- زعمه من خلال إشاراته
إلى-الخط الأحمر- كان سيوقف القاتل السوري، بل يسقطه، من دون أن نشهد كل هذه
التراجيديا البشرية العظمى..!.
12. أبحثُ عن إنسان
حكيم، عاقل، جانح نحو السَّلام، خيّر يقود البلاد إلى دفءِ الوئامِ، متى سنرى
قائداً بهذه الحيثيّات، يقود البلاد إلى أبهى واحاتِ الأمان والسَّلام؟!.
-أنا ممن يؤمنون بدور
الفرد في التاريخ، بيد أن هذا الدور سينتهي بمجرد تنحية هذا الفرد عن مركز القرار،
أو انتهائه الفيزيولوجي. لذلك فإن علينا أن نحلم بمجتمع دولي يتحلى فيه كل من
يتنطع للقيادة بمثل هذه المواصفات. إنه حلم أو ربما هذي لا أعلم..؟!.
13. الحيوان المفترس
يفترس الكائنات والحيوانات الضَّعيفة من غير بني جنسه، من أجل البقاء، بينما
الإنسان، هذا الكائن (السَّامي)، يفترس بني جنسه ليس من أجل البقاء، بل بسبب البطر
والنُّزوع الحيواني، كأنّه ينافس الحيوان المفترس افتراساً، إلى متى سيفترس
الإنسان بني جنسه؟!.
-أجزم أن الأمر ليس
لغزاً البتة، لأن الكائن البشري في تكوينه خليط من الثنائيات المتناقضة، وأن
مستويي بيئته ووعيه هما اللذان يحسمان خياراته، في ترجيح ثيمة ما على نقيضتها:
الجمال على القبح، والحياة على القتل-باعتبار القتل أقدم أشكال الموت- والحب على
الحرب لا العكس..!.
14. الإنسان حيوان
اجتماعي بالطَّبع، أنا لا أرى فيه هذه الرّوح الاجتماعيّة، بل أرى فيه جنوحاً نحو
البوهيميّة والغرائزيّة، كيف ممكن أن ننقِّي هذا النُّزوع البوهيمي وننمِّي فيه
إنسانيّة الإنسان؟!.
أجل. الحياة، بقيمها،
وخلاصات اشتغالات حكمائها، وأنبيائها، وفلاسفتها، وفنانيها، وشعرائها، وعقلائها.
هي التي ميزت بين أخطوطتي نقيضي: الإنسانية/الوحشية، في الذات البشرية، وإن كنا
نمر حالياً-كما أزعم بمرحلة الأوبة إلى نقطة الصفر، إلى اللحظة الغابية، بل إلى ما
قبلها، باعتبار أن ما بات الوحش الآدمي يحقق من قتل وسوء وفظائع وأهوال يعتمد خلله
على آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا من ابتكارات دولية، بعكس أدوات القتل البدائي التي
اعتمدها في غابة مراحه الأول.
15. كيف تنسج خيوط
بحوثكَ، وتترجم أفكاركَ الإبداعيّة وأنتَ غائص في لجَّة الأحزان المتفاقمة في هذا
الزَّمن المفخَّخ بالتَّوهان عن الهدف، أم أنّكَ تزدادُ ألقاً وعمقاً في صياغة
أفكاركَ رغم انشراخات هذا الزّمان؟!
-إنه سؤال شخصي حقاً،
ولطالما حلمت بالكتابة في فضاء الإجابة عنه. لقد توقفت عن نشر الشعر، ضمن قابي
كتاب، منذ سنة 2000، بل إن جل كتاباتي انصرفت إلى الدفاع عن البسطاء،
والمظلومين-وهو ما يعرفه المتابع لسيرتي الشخصية- ورحت أكتب آلاف المقالات
والأخبار السياسية منذ هذا التاريخ ومروراً بمحطات عديدة، واكبتها: ربيع دمشق-
انتفاضة قامشلي 2004- اغتيال صديقي رجل الدين والعالم الشهيد د. محمد معشوق
الخزنوي- الثورة السورية- اغتيال صديقي الكاتب والسياسي الشهيد مشعل التمو. لقد
عشت هموم شعبي وأهل بلدي ووطني وعموم السوريين، منذ بداية وعيي، وربما تجلى ذلك
حتى في بعض تجاربي الشعرية التي هيمن عليها المعرفي-كهم- وظل ذلك يرافقني، بالرغم
من نزوع قصيدتي-في الأصل- إلى طبيعتها الشعرية، كما يتبدى ذلك في بعض تجاربي
الشعرية الأخرى.
لن أستطرد- هنا- بعد
هذه الإشارات إلى علاقتي مع الكتابة في ظل هيمنة آلة الاستبداد، ومن ثم القتل، إذ
طالما عشت أقصى حالات القلق، بل التوتر إزاء هذا الواقع المرير. وتفاقم الأمر،
واستفحل، عندما اضطررت للهجرة كي أنجو بحياتي بعد أن صار الخطر/الفناء، قاب ضغطة
زناد أو أدنى ؟؟؟. إذ تعرفت منذ العام 2007 إلى الهجرة، كي أنقطع عن وطني منذ بضع
سنوات، وأقرض التوتر والقلق في أوسع حالاتهما. تارة في بلد خليجي، وآخر…، أو
الآن في أحد المنافي الأوربية، كأحد لاجئي الحرب على بلدي ووطني..!.
16. لا أرى أهدافاً
عظيمة ممَّا يهدف إليها إنسان اليوم، غالباً ما تكون أهدافه عقيمة من حيث فائدتها
للمجتمع البشري، إلى متى سيغوصُ في ترّهات الحياة، تاركاً أسمى الأهداف بعيدة عن
نصبِ عينيه؟!.
المنفعة. عامل الهيمنة. دافع سلب الآخر، ونهبه، والغائه. كلها مفردات قاموسية في
معجم بشري ضحل لابد من تجاوزها، في إطار بناء حياة سعيدة يكون سكان البيت الكوني
فيه سعداء، هانئين بالسلام، ووفرة حاجاتهم اللازمة، وأمن ومستقبلهم وأطفالهم،
والبشرية كلها على حد سواء..؟.
17. ما هو دوركَ
مبدعاً، مثقّفاً، عندما ترى الإنسان يقتل بني جنسه بقلب بارد، من دون أن يرمشَ له
جفن؟.
-مادام السؤال موجهاً
إلي كحالة فردية، مشخصة. أقول لك: ألا تسمع صرختي منذ أول قطرة دم شهدتها قصيدتي،
بالرغم من كل هذه المسافات الجغرافية الحائلة التي تتمدد بيننا-كأبناء عالم واحد
مكان واحد- بشكل خرافي مهول…؟؟!!.
18. كيف ممكن أن ننقذ
فقراء وأطفال هذا العالم من الخراب والفقر والقحط الَّذي بدأ يستفحل في الكثير من
دول العالم؟!.
– إنه السؤال الأزلي
المطروح، والذي تفاقم الإحساس به، بعد أن وصلت رؤوس الأموال-في لحظتها مابعد
الإمبريالية- إلى مابعد حالة الاستوحاش التي تعد الحروب أحد مفرداتها الأولى من
أجل ديمومة احتكاراتها.
ربما لو نشأت في عالمنا
الآن -ولنمض مع نعمة التخيل التي ننفس بها عن إحباطاتنا وإخفاقاتنا-حالة يتم
بمقتضاها الإجابة على مثل هذا السؤال، بما يضمن اللجوء إلى محاكمة من ترك هذا
الطفل مشرداً جائعاً، مسروق الحليب، مسروق السكن، ذبيح الأبوين، مهيض الجناح،
فإننا آنئذ نضع أول خطواتنا على الطريق الصحيح، وإن بعد تأخر عمره عمر حياتنا
الأرضية ذاتها..!.
19. ما هي أفضل الطُّرق
والأسس الَّتي تقودنا إلى تحقيق السَّلام العالمي بين البشر كلَّ البشر؟.
-ربما أعتمد هنا على
مفاهيم طوباوية، وأنا أشخص حالة محلوم بها، من قبلي، كما المليارات في العالم
سواي. إذ إن المجتمع الإنساني بملايين السنوات من عمره لم يتمكن من تحقيق أول
ألفباء التعايش ألا وهو-السلام-بينما الحالة-القطيعية الحيوانية- قد تجاوزته،
غريزياً…؟!.
لابد أن تعم في الكون
كله ثقافة الحرص على الآخر/المحيط، في إطار الحرص على الذات. إن خريطة القوة
الدولية، بمفاهيمها، الحالية، التي تنطلق منها، غير قادرة على تأسيس ثيمة الحب.
هيولى السلام، وهيولى نبذ العنف. وهيولى نبذ ثقافة الكراهية. وإن كان في أعلى
أشكال هذا الحب ما يتأسس على السمو على دنايا الأنا، بتدرجاتها، الوبائية، لا
بحدودها الذي يدخل ضمن دورة التطور والتقدم والإبداع بل والحفاظ على الحياة
نفسها…!.
20. لو قام كلُّ إنسان
بأعمال الخير والسَّلام والمحبّة لتحقَّق السَّلام كتحصيل حاصل. ما هو دوركَ في
تحقيق هذه الفكرة؟ .
لا يمكن أن نعول على من
دأبه إنتاج العنف في أن يتحول إلى وعل بريء.!. منذ الخلية الآدمية الأولى فإن
ثنائية السلام/القتل- العنف/اللاعنف-الحب/الكره موجودة. إذا كان مقتل هابيل أسس
لموت نصف العالم، فإن النصف الآخر من العالم نفسه معرض لسطوة القتل، بأشكاله
الكثيرة: المعنوية منها والفعلية، على حد سواء.
لست واثقاً- الآن- وعلى
خلاف الثقافة التي نهلتها: بيتياً، وحزبياً وكانت فحواها أن السلام لابد ويحل. لقد
بلغت مفاهيم السلام ذروتها في العقد الماضي الذي خرج من حربين كونيتين، ولاتزال
آثارهما ماثلة، مستمرة، حتى الآن. إلا إننا مع ثورة التكنولوجيا والمعلوماتية بدأ
الآدمي يفاقم شحنات أحقاده، على ضوء المخترعات الجديدة، كي يكون حصيد عقله الثأري
مضاعفاً. إذاً. نحن في حضرة مفاقمة، فعلية، للثقافة المثلى. أو لأقل: المثالية.
تلك الثقافة التي يكون الحب نواتها. والقائمة على التوادد. ربما إنني كأحد
المؤمنين بالواقعية الاشتراكية-بالرغم من كل التحولات التي تمت- بت الآن أركن لمرحلة-أتمنى
أن تكون عابرة- من اليأس، نتيجة استباحة مكاني، وإنساني. ضمن حرب أراها، في
حقيقتها أوسع من مسرح مهادي، بما يهدد شركاء صناعتها، حتى وإن كانوا في كابينات
مراقباتهم المحصنة لها متوهمين أنهم في منأى عن ألسنتها، و فحيحها..!؟.
21. كيف ممكن أن نسخّر
أقلام مفكِّري ومبدعي ومبدعات هذا العالم من أجل تحقيق السَّلام والكرامة
الإنسانيّة؟.
لا أدري، إنني ما زلت
أفكر أن أي إبداع حقيقي إنما هو في خدمة الخير. و هنا فإنني أميز بين الإبداع
واللا إبداع، حتى وإن قدم هذا الأخير بعض أوراقه الثبوتية، المزورة، على إنه منتم
إلى ينابيع الإبداع. كما إنني-في المقابل- لا أستطيع الاقتناع بأن من يقف إلى
جانب-القاتل- أياً كان، يمت إلى الإبداع بصلة ما.
ثمة تفكيك بنيوي يتم
حالياً، وهو يكاد يصيب أعماق أبناء العمارة الكونية كلهم، من دون أن يكون أحد في
منجى منه. هذا التفكيك- في بعده الانحلالي الفاتك بات يجعل من المبدعين أشبه
بقارات معزولة، ضمن حدود اللغة الواحدة، فما بالنا بمن ينتمون إلى ثقافات ولغات
مختلفة..!.
22. ما رأيك بتأسيس
تيار وفكر إنساني على مستوى العالم، لإرساء قواعد السَّلام وتحقيق إنسانيّة
الإنسان، بإشراف هيئات ومنظَّمات دوليّة تمثِّل كل دول العالم، كي يكون لكلِّ دولة
من دول العالم دورٌ في تحقيق السَّلام؟.
-لئلا نكون متجنين على
التاريخ والواقع، فإن الثقافة الإنسانية أنتجت مثل هذه المفاهيم، تارة ضمن مفهوم
رسولي، وأخرى من خلال رسالة فيلسوف، أو أطروحة مفكر، أو قصيدة شاعر، أو رواية
كاتب، أو قصة قاص. أو خطبة حكيم. وزد على ذلك فإن مفهوم الدعوة إلى-السلام- اتخذ
بعداً دولياً، لاسيما مع انتشار المفاهيم الاشتراكية في القرن الماضي. بيد أن
ثقافة الشر كانت لها بالمرصاد. هذه الثقافة الوبائية التي لابد لقوى الخير-كونياً-
من التنطع لاستئصال جذورها، حتى نكون مطمئنين على أطفالنا في مدارسهم، وعمالنا في
مصانعهم، وموظفينا في مؤسساتهم. لا أن يكون أي منا مجرد دريئة لرصاصة، أو قذيفة،
أو برميل، أو داعشي مفخخ، هو ضحية مصفوفة فكرية وبائية أولاً وأخيراً..!.
التيار-يا صديقي-موجود.
المطلوب منا السعي لتوصيل أقطابه اللازمة، حتى تكتمل دارة الجدوى والتأثير. وهذا
ما يتطلب تضافر متوالية من الجهود، والإمكانات، والطاقات، والمؤسسات، على مستوى
دولي متكامل…!.
23. ما هي أفضل الطُّرق
لخلق رؤى تنويريّة، ديمقراطيّة، تقدميّة في العالم العربي والدُّول النَّامية في العالم،
لتحقيق السَّلام والاستقرار، بعيداً عن لغة الحروب المميتة التي دمَّرتْ وتدمِّر
كلَّ الأطراف المتصارعة؟.
-بعيداً عن التحديد
المكاني، ضمن هكذا إطار، مادام أن المقصود-هنا- فضاؤنا الشرقي كله. فإن عامل اللا
استقرار هو نتاج تلاقح لوثة المكان بنطفة الفايروس الغربي، على اختلاف المسميات.
وذلك بعد أن تصرف الغربي، وهو يتطاول على صناعة خريطة المنطقة، تاركاً ألغامه
السينمارية، من دون أن يعلم أنه سيكون، في خطواته التالية، ضحية فعلته، هذه، بعد
أن راح يستكمل مخطط سلفه واضع خريطة سايكس بيكو التي نعيش الآن ذكرى مئويتها. وقد
كان خطؤه، في أحد مراحل سياساته تغذية الإرهاب الذي بات يجرعه مرارة شروره، هو
الآخر..!.
تلك الرؤى التنويرية
التي تتحدث عنها، نحن-الآن- أحوج إليها، بعد أن بات كل منا يضع صليبه على ظهره، بل
بعد أن باتت رأس كل منا مطلوبة لألف جهة، ضمن فضاء مكان، محدد، هو مهادنا
الاثنين-أنت وأنا- بعد أن استفحل أمر الإرهاب مابعد الوحشي، وبات العالم كله هدفاً
حياً له.
مقابل هذه الرؤى
التنويرية ثمة ثقافة سوداء باتت تنتشر، أمام أعين وعلى مسامع العالم كله. هذه
الثقافة السوداء التي فرخت رايات من اللون نفسه، وفكراً نتناً من المنهل نفسه،
ولحى مدنمتة، وعمامات مدنمتة، لم تتوالد اعتباطاً، بل إن العالم كله شريك في
صناعتها، وتفاقمها، حتى بتنا أينما كنا ضمن دوائر خطرها المحدق..!.
24. ما رأيك بإلغاء
وإغلاق معامل السِّلاح في العالم، والوقوف ضد صنَّاع الحروب والفكر القائم على
الصِّراعات، ومعاقبة كل مَنْ يقف ضد السَّلام، لتحقيق السَّلام بقوّة القانون
العالمي، وذلك بمحاسبة الجّانحين نحو الحروب ودمار الأوطان؟!.
-إننا نستعيد-يومياً-
كنخب ثقافية أحاسيس نوبل، في أفضل لحظات صحونا-للأسف- بعد وضعه مخترعه التدميري
تحت تصرف المؤسسات التي تخطط لمفاقمة أرباحها، مقابل أرواح أبرياء العالم. يكاد لا
يكون بيننا من لا ينتصر لفكرة الثأر، إلا من ينتمي إلى الندرة، وإلا فإنه لحري بنا
أن نحول مناسبة توزيعة جائزة نوبل، في ذيل سنويتها، أو مطلعها، إلى كرنفال في وجه
مصانع الأسلحة التي باتت منذ مطلع الألفية الثالثة تؤسس لمرحلة حرب عالمية مفتوحة
بدأها القيصر الروسي الجديد، ولما يزل منخرطاً في اللعبة، متبادلاً الدور مع
سدنة-البيت الأبيض- من أجل ديمومة فعل الإبادة الآدمية، وفق مخطط، هو في صميمه
خريطة طريق للعنف، والدمار..!.
لكم هو مهم-حقاً- أن
تلتقي أصوات النخبة الثقافية-كونياً- وبمختلف اللغات، والألسنة، كي تقول: لا
لمصانع إنتاج أدوات الموت الاصطناعي، بيد أن كل هذا ما لا يتم حتى الآن، مادام
المثقف غير واثق من ثقل صوته، في ميزان الترجمة، بعد أن قبل بدوره كمنفعل، لا
كفاعل، مؤثر.
كل البيانات التي كانت
تصدر فيما سبق عن بعض كبار كتاب العالم كانت تأتي بعيد أية كارثة إقليمية، أو
دولية. المثقف العالمي لما يصل بعد إلى تلك المرحلة التي يكون فيها لصوته بعده
المستقبلي، استراتيجياً، و هو يعني في المحصلة أن المثقف قد قبل بالدور المسند
إليه، وبات يؤديه، بأقل ما يمكن من استنفاذ لطاقاته الكامنة والاحتياطية..!.
25. ألا ترى أنّه آن
الأوان لتأسيس جبهة سلام عالميّة من خلال تواصل المبدعين والمفكِّرين من شتّى
الاختصاصات، والدَّعوة لتأسيس دستور عالمي عبر مؤسَّسات وهيئات عالميّة جديدة،
لتطبيق السَّلام عبر هذه التَّطلُّعات على أرض الواقع؟.
-من حقنا، أن نفتح
نوافذ الحلم على آخرها. ربما إن نويات مثل هذه الجبهة المنشودة التي تدعون إليها
موجودة، ليس على الورق- فحسب- وإنما- في مخيلات الشعراء، والأنبياء، والمبدعين.
ناهيك عمن يعيش حالته الإنسانية-عالية- من دون أن تصاب بلوثة “فايروس”
الشر.
وإن دعونا ما هو أشبه
بالطوباوي-جانباً- وتحدثنا في ما هو واقعي، فإن ذلك تلزمه آلاف الورش، على امتداد
عناوين كوكبنا الأرضي، بحيث تتعاضد جهود كل هؤلاء الأخيار الذين يقفون ضد آلة
الشر. قد أكون مخطئاً، ويغدو مجرد إعلان عن تأسيس نوية ما، وراءها جهود صادقة
لاستحداث هذه الحالة. أوافقك. إن المنحازين إلى الخير يظلون مبعثرين، موزعين،
مشتتين، بعكس هؤلاء الأشرار الذين سرعان ما يتداعون للتنطع عن أداء وظيفتهم.
لابأس، أن يتم الاشتغال
على مثل هذا المشروع، من لدنكم، ولكنه يحتاج إلى”ورش” من المترجمين،
والإعلاميين، والمكاتب، حتى يكون للمثقف صوته في مواجهة نهر الدم الذي يجري منذ
قابيل وإلى دم آخر جنين تبقر بطن أمه، الآن، فيقضيان معاً…!.
سويدي من أصل سوري