خصائصُ التعيينِ لنشوةٍ غيرِ مكتملةٍ

آزاد عنز
كلّما وجدت نفسي أمام المساحةِ البيضاء المعلنة يقيناً فأنا لن أجازفَ بكلِّ مفرداتي المنهكة أو مخيّلتي المنهكة فأجد نفسي في مأزقٍ لغوي قد يسعفُني بلاغة و لكن أجزم انَّني لن أرهقَ الصفحةَ أبداً ، لا يهمُّ 
على عجلةٍ من أمري و أنا أُرتِبُ أناقتي على عجلٍ كأي شخصٍ يرى في نفسه أنيقاً أكثرَ أو أقلّ في فقه الأناقة و أنا أعقدُ ربطة العنق للقاء بفرحٍ مزعومٍ لاحقٍ بعد ساعةٍ أو أكثرَ أو ربّما أقلّ 
ذهبت إلى وسط المدينةِ أيضاً في عجالةٍ بحثاً عن بائعٍ للورد، باقة ورد تليقُ به أو تليقُ بي أو تليق بالفرح المعلن جهاراً و لكنّ المحلّ كان مغلقاً انتظرته أكثر من نصفِ ساعة إلى أنْ عاد من موعدٍ ما لا أعلم ، المهمّ أنا و بائع الورد تساعدنا في تحضير الباقة التي لم تكن بالشكل المطلوب و لكن كانت في أحسن حال أفضل الموجودات ، رحلت
و أنا في طريقي إلى صالةِ الفرحِ العائدة للطائفة المسيحيةِ لا أعلم ما كان اسمُها ليست خيانة لذاكرتي و لكن لم يكن مألوفاً لنا ككرد ، مررت ببائع الكحول و شَرِبتُ الفودكا في الشارع ، نعم في الشارع ، فأنا ابن الشارع و ابن خيبات هذا الشارع و لكن لم أثمل 
دخلت الصالة و تبادلنا الابتساماتِ أنا و عائلة صديقي و جلست في مكاني المخصّص
عَلت الأصوات و وقفنا مصفّقين في إشارة على دخول القِران منحىً آخر و رقصنا، نعم رقصت بما فيه الكفاية عني و عن صديقي و عن كلّ من يجدُ في نفسه إنّ قوامه لن يسعفه إلى رقصٍ يليق بالفرح
و في منتصف الزفاف خذلتني الفودكا مجدداً كعادتها كأيّ شرابِ يترك خلوة لصاحبه و يرحل على أن يبقيه نصف ثملٍ أو نصف نشوان و على إثره لم أجد مخرجاً في إعادتي إلى نَزيف النشوة إلا بقدحٍ آخر من الفودكا أيضاً في الشارع على أن يستأنفني الشارع ثَملاً إلى وسط الجموع.
كيم كان يترنح بجذعه الطويل مع الشريك المختارِ و كنّا على مسافة تبقيه بإظهارِ براعته في فنون و أدبيات الرّقص فللرقص علومٌ و أصول.
وفي لحظات الجلوة ، رأس هرم العائلة أحياناً كانت تتكلم بالعربية و كأن الكردية لن تسعفها إلى مخارج الكلماتِ الدّالة إلى فعلٍ ما أو حركة ما في تقويضٍ حضاريٍّ للغةِ الكردية المهزومة عربياً.
كنتُ أعاينه وأنا جالس على كرسيٍ منهك في المحلّ المهمَّش الكائن في الحيّز المهمّش و هو يستعين بآلة البياكوليس لإستنتاج أبعاد المادة ، للدلالة على خذلان النظر في فحص الحديد (القامة ) أو عزقة بنصف عمر أو أيّ شيءٍ آخر لا يعوّضه شكله إلى مبتغاه
وجوده في ذاك الحيز برهانٌ على خذلان إجازة الهندسة في ترقيته من صاحب مهنةٍ حرةٍ إلى مهّندس يُتقِنُ علوم البناء و يدقّق في حسابات الأمكنة، يا لِخَساراااااااتكَ يا كيم ، و لكنه جَسور بما فيه الكفاية
و في منتصف الليل انتهى الفرح و عُدتُ إلى المنزل ولا تزال النشوة ترافقني بصمت .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…