قوس قزح / من الشعر الكوردي المعاصر

شعر محمد أمين بنجويني
ترجمة : مكرم رشيد الطالباني

 (1)
لو
لو تحدثت الأيدي
مع الأيدي الأخرى
لو أضاءت الأعين
مع الأعين الأخرى
لو نبتت القلوب في القلوب الأخرى
سيخلق الأمان والعشق والحياة
نعيماً
وتتزين الحدائق
 وترتفع قهقهات سمفونية الضحك
إلى عنان السماء 
(2)
القمر
يحلم أحد الفقراء
بأن القمر غدا
رغيف خبز
يحلم أحد الأغنياء بالقمر
متى يتشترى قطعة منه
ليبني فوقه غرفة للتجارة
أحد الأطفال
يحلم أن القمر وقد غدا أمه
والحواريات منهمكات في تجميلها
حلم العروسان
أنهما يتجهان في هودجهما نحو القمر
وذاقا طعم شهر العسل هناك
بدوري حلمت أن القمر
غدا جبيبتي وقد غطتها سحابة سوداء

(3)
أنا
طوال عمري
لم أؤذ أحداً
غير أنهم يلكزونني بالإبر يومياً
طوال حياتي
لم أطلق النار على أحد
غير أنهم يرمونني بالرصاص يومياً
طوال حياتي
ما ذبحت طيراً
غير أنهم يقدمونني قرباناً
كل لحظة
فهل هذا هو دعاء أمي
لازال يلاحقني ؟
هل هذا دعاء أمي
وقد تحقق جراءمشكستي
أم إنني ملاك
تزول عني خطاياي جراء هذا التعذيب ؟

(4)
العيون
إنني أعشق العيون كثيراً
حين تتلألأ كالنجوم
وكثيراً ما حللت ضيفاً على النجوم
وحدث مرة أن قامت نجمتان بإيوائي
وقامتا بهدهدتي كالصغير بتلألأهما
وشدياني بشعاع نورهما
وبعد مضي فترة أصب العمى العيون.. وغربت
وسقطت بدوري من السماء
وبعد ثلاث سنوات
حللت في مضيف نجمتين
أسعرتاني ليلاً
وقامتا تطمئناني فؤادي الجريح والمخطوف
وفجأة
أختبأتا خلف غمامة سوداء
كنت طيراً شريداً
وقعت في شرك صياد ماهر
ومنذئذ بدأت الحرب بيني وبين النجوم
النجوم هناك في الأعالي
منهن يضحكن إستهزاءاً بي
وأنا قابع على الأرض
وقد جن جنوني
لازلت ابكي وأولول

(5)
قوس قزح
حين أشاهد قوس قزح
أتذكر ربطة المهد
التي كانت والدتي تشدني وأخوتي وأخواتي بها
حين كنت طفلاً
عضقت القوس قزح
كنتت صغيراً
حين كنت أراه فوق قمم الجبال
كنت أود التشبث به
لأرتقي إلى السماء
هل إن ذلك كان من اجل
أن أتحرر من لحد وقيود أربطة المهد
أم إن لون المهد وراط المهد
مستمد منه !

(6)
اللحد والمهد
بين اللحد والمهد
تباين نسبي
المهد يقضي على هواء الحرية
والنفس والروح
واللحد يمتص جسدك
وجثتك وعظامك
لذا تجد الكورد عصبي المزاج
لأنهم ذاقوا عذاب لحد المهد !

(7)
الروح
تسافر روحي مع الغيوم
حتى تصل لإلى البلاد
على أمل
أن تتساقط من خلال
قطرة مطر
على مدينتا
كي يلهو بها الأطفال !

(8)
الشموع
الشموع
تشاركني البكاء
حتى الصباح
إنها تعطف علي بلهيبها
وفؤدادي يعطف عليها
إنهن يذرفن دموعاً
وكلانا نحترق
فغدون بدورهن شموعاً
أما أنا فقد غدوت فحماً !
ألمانيا – برلين

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…

ابراهيم البليهي

منذ أكثر من قرنين؛ جرى ويجري تجهيلٌ للأجيال في العالم الإسلامي؛ فيتكرر القول بأننا نحن العرب والمسلمين؛ قد تخلَّفنا وتراجعنا عن عَظَمَةِ أسلافنا وهذا القول خادع، ومضلل، وغير حقيقي، ولا موضوعي، ويتنافى مع حقائق التاريخ، ويتجاهل التغيرات النوعية التي طرأت على الحضارة الإنسانية فقد تغيرت مكَوِّنات، ومقومات، وعناصر الحضارة؛ فالحضارة في العصر الحديث؛ قد غيَّرت…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الخَيَالُ التاريخيُّ هُوَ نَوْعٌ أدبيٌّ تَجْري أحداثُه في بيئةٍ مَا تَقَعُ في المَاضِي ضِمْن ظُروفِها الاجتماعية ، وخَصائصِها الحقيقية ، مَعَ الحِرْصِ عَلى بِناء عَالَمٍ تاريخيٍّ يُمْكِن تَصديقُه ، والاهتمامِ بالسِّيَاقاتِ الثقافية ، وكَيفيةِ تَفَاعُلِ الشَّخصياتِ مَعَ عَناصرِ الزَّمَانِ والمكان ، ومُرَاعَاةِ العاداتِ والتقاليدِ والبُنى الاجتماعية والمَلابس وطبيعة…

فواز عبدي

يقال إن الأمثال خلاصة الحكمة الشعبية، لكن هناك أمثال في تراثنا وتراث المنطقة باتت اليوم تحتاج إلى إعادة تدوير عاجلة… أو رميها في أقرب سلة مهملات، مع بقايا تصريحات بعض المسؤولين. مثال على ذلك: المثل “الذهبي” الذي يخرجه البعض من جيبهم بمجرد أن يسمعوا نقداً أو ملاحظة: “القافلة تسير والكلاب تنبح” كأداة جاهزة لإسكات…