كونى ره ش
كان منطقة السنجق أو (آشيتا) شرق مدينة القامشلي في الأمبراطورية العثمانية تتمتع بإدارة ذاتية. وهي تلك المنطقة السهلية الواقعة بين جبلي باﮔوك (طور عبدين) من الشمال وجبل شنكال من الجنوب. وكان مساحتها آنذاك اكثر مما هو عليه الأن، إذ كانت تضم منطقة (الجراح) و(آليان) مع قرية (جل آغا) وقرية (دمر قابو) و(رميلان)، وكانت تعرف بـ (سنجق خلف آغا) أو (برية خلف آغا)، نسبة الى حاكمها.
وحسب الزمن والسياق الإداري يظهر بأن هذه المنطقة كانت لواءاً (سنجق) كوردياً، شبه مستقلاً, ومركزاً إدارياً عشائرياً ومركزاً لجامعي الضرائب برئاسة (خلف آغا). الذي كان يدير سنجقه من عاصمته (أزناور) الواقعة شمال بلدة (تربه سبية)، داخل الأراضي التركية. وأيضاً مركزاً لحماية طريق الحرير التي كانت تربط بغداد والموصل عبر نصيبين وماردين بديار بكر واستانبول..
وكانت تخضع حسب نظام السناجق لسيادة والي ديار بكر وتسمى رسمياً بأقليم الكورد، كونها كانت تتبع كوردياً الى إمارة بوتان الكوردية، ورسمياً كانت بالنسبة للعثمانيين، مصدراً لتزويدهم بالعساكر من القبائل المحلية في حملات التجنيد..
وهي مسكونة لغاية اليوم بالعديد من العشائر الكوردية القديمة، التي كانت لها صولات وجولات مع خلف آغا زعيم المنطقة، مثل عشيرة كاسكا في قرية (تل منارى)، وعشيرة حاجي سليمانا في قرية (تل شعير)، وعشيرة دوركا في قرية (دوﮔر)، وآل مرعي زعماء (آليان) في قرية (ديرونا آغي)، وبعض القرى المسيحية والأيزيدية، بالإضافة الى عشائر صغيرة مثل: جودكا وجوبرا ودل ممكا ومحلميا وشابسني.. وفي الربع الأول من القرن الماضي قدم إليها العديد من العائلات الكوردية والمسيحية والأيزيدية برئاسة حاجو آغا من جبل طور عبدين وباﮔوك.
وخلف آغا هذا، كتب عنه ج. س. بيكينغهام في كتابه (رحلتي إلى العراق)، ترجمة سليم التكريتي، خلال رحلته من ماردين إلى الموصل عام 1816م بقوله:
(على طول الطريق من نصيبين كنا نشاهد على اليمين وعلى اليسار بامتداد البصر، قرى عديدة لكنني لم أعرف أسماءها، وقد كانت آخرها وأكبرها قرية تدعى (أزناور)، تقع على مرتفع من الأرض.. وما كنا نضرب خيمتنا حتى هبطت علينا من التلال الشمالية جماعة تضم حوالي خمسين فارساً يمتطون خيولاً جميلة وهم مسلحون برماح طويلة.. لقد كانوا جميعاً من أتباع خلف آغا زعيم جماعة كبيرة من الفرسان في هذه المنطقة. وقد قيل عنه إنه من أقوى الرؤساء الذين يقطنون المناطق الممتدة ما بين (أورفا والموصل).. ولقد علمنا أن خلف آغا ذلك الرئيس الكبير ومعظم الرؤساء الصغار بين أولئك الكرد كانوا من المسلمين، والشيء المؤكد هو أن ذلك الرئيس يستطيع أن يهيء للقتال تحت رايته عشرين ألف فارس..).
فعسى ما دونته من معلومات متواضعة حول سنجق خلف آغا أو برية خلف آغا أو منطقة آشيتا، يبقى مصدراً تاريخياً للمستقبل يضيف إليه الخلف ما صعب علي التوصل إلى معرفته.
كونى ره ش، القامشلي، 2/2/2017