آراء بألوان الطيف

إلهام عثمان
منذ ست سنوات وأصوات البنادق و دوي الانفجارات تتعالى، وأنين الجرحى يدمي القلوب، وعويل الأمهات وصراخ الآباء يصدح عرش السماء، وبكاء الأطفال الأبرياء والمشردين يرن في الآذان، ويُدفن في أنقاض النسيان والتجاهل. 
أصحاب القرارات لم يسعفوا الأحوال المنكوبة، فبالكاد كانت أقلامهم تسطر باستنكار، أو كانت شفاههم تنطق بالرفض, وعلى أبواب السنة السابعة، حاولوا غسل وجوههم بالدماء الطاهرة، والتف من كان سبباً في إطالة حرب قذرة بجهود خجولة ومتأخرة  لوقف سيل الدماء!! 
بدؤوا بتقسيم كعكة الانتصار الوهمي، هذا لك وهذا لي، وتناسوا بأنهم زرعوا ألغام الفتنة بين أصحاب الأرض الذين لا حول لهم ولا قوة, وتركوا في كل مسألة ألف عقدة وعقدة!!! 
يتراكضون بفتات أمل وراء نياشين لم تعرف غير سماع صوتها وتعودت على وضع أولويات مصالحها في كل قضية إنسانية.. لن نبحر في متاهات السياسة وما يعنيه كل تصريح، لكن الوقائع تفتح بصيرة كل متغافل… جرح الوطن عميق ولن تفيده بعض المسكنات المنتهية صلاحياتها.
على الساحة الكردية، الحال لا يسرّ عين الناظر و المراقب. في التاريخ الكردي كانت لنا تجارب تشبه ما تمر به روج آفا اليوم وإن كان التاريخ يعيد نفسه، فللأسف الأخطاء نفسها تعاد!!! لن يجدي نفعاً ما يخططه ذاك الطرف أو الآخر فالذي يقف في خيمات عزاء الشهداء ولم تمزق قلبه دموع وآهات أمهاتنا، ولم يعانِ من الفقر المدقع مع أجساد خلف الحدود وأرواح مازالت تئن  في الوطن، ولم يفزع من دوي القصف المفاجئ لقرى وديعة، ولم يشارك في كل جهد يرمي إلى إعلاء المصلحة الكردية، ستتلعثم اتفاقاتهم على طاولة مستديرة لا نقطة بداية لها ولا نهاية!  
زد على ذلك صوت المرأة المخنوق في كل تلك المفاوضات والمحاولات، فمن النادر رؤيتها وهي تحاول شرح قضيتها التي تشبه قضية وطن محتل منذ زمن..
إذاً ما الذي يمنعنا من توحيد وحدة الصف الكردي؟ أهو قصر النظر في تفضيل مصالحنا الحزبوية على مصلحة قضيتنا الكردية أم أننا دائماً منهمكون في إلقاء التهم على بعضنا وبين من هو المذنب ومن البريء؟ أم وكما قال الكاتب سليم بركات: يستسهل استدراجنا… 
ستبقى أقلامنا تسطر، وشفاهنا تنادي لوحدة الصف الكردي، فلا خير في أمة تعيش في شقاق.. ومهما تعددت أسباب الخلافات، فالذي يجمعنا أكبر بكثير.. ومهما استشاظت أنفسنا غضباً وانغمسنا في تجريح بعضنا، فستتكور تلك الخلافات أمام تسامح وتصافح الإخوة.. فلا تستهينوا بالتضحيات التي قدمها ويقدمها أبطالنا وبطلاتنا، حيث لا خيار آخر ..فإما أن نكون أو نكون.
افتتاحية جريدة روشن, العدد 21
آذار 2017

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…