القطط المسعورة !!

وليد معمو
حيثما يتنقل بين الحطام ، يشاهد قططاً سمينة ، منتفخة البطن ، تتدحرج متثاقلة ، تقطع الشارع من جهة لأخرى ، بين بقايا المنازل .
والمدهش أنها غير خائفة منه ، وعلى العكس تماماً ، بعضها يُكشر عن أنيابه في مواجهته ، كحيوان مفترس كبير .
تكررت الحادثة عدة مرات ، لتزول الدهشة بعدها ، مرة إثر مرة ، ولتحل محلها تساؤلات جادة ومهمة… !!!.
لماذا تتصرف هذه القطط كذئاب مستشرسة ?!.
وكيف تتحول قِطة أليفة إلى نَمِرة تكشر عن أنيابها ، حين ملاقاة البشر ?!!.
وماذا تأكل هذه البسس حتى تصبح سمينة و تتدحرج كأسطوانات غاز صغيرة ?!!.
أسئلة أخرى كثيرة أثقلت رأسه ، بصدد هذه القطط المسعورة ، وتحوّر سلوكها الأليف المؤنس إلى عدواني موحش ، علاوة على الهموم التي تكتم أنفاسه من الحرب الدائرة في البلاد السورية ، فبلدٌ أصبح بلاداً بجيوش كثيرة مزينة برايات تكفي بلدان قارة كاملة ، وربما تفيض عن حاجاتها الطبيعية للأعلام ، والرايات ، بالأضافة إلى الحدود المضروبة عنوة على الأمصار والبلدان والبلدات والأقوام والطوائف ، بغتة ، وعلى حين غرة ، من الوجهاء والمخاتير والأعيان والعوائل والقبائل والعشائر والأحزاب .
وهناك أمام المخبز ، حيث يحضر الكبير والصغير ، بعد أن وصل إليه بشق الأنفس ، بدأ اللغز يتضح شيئاً فشيئاً… !!!.
حيث بادره الفرَان بتوجيه مفاجئ ، أنتبه في طريق العودة إلى البيت من القطط ، إنها إعتادت أكل لحوم الجثث البشرية بعد هتك كرامتها ، وتركها في العراء ، على الطريقة غير البشرية ، وفي الشوارع حتى انتفخت بحجم الحقد والكراهية ، وأصبحت غذاء سهلا في متناولها ، فانكسر تسلسل الهرم الغذائي العادي لديها ، وإنتقلت من إصطياد الفئران والجرذان ، إلى تناول اللحم البشري الوفير .
ويردف الخباز قائلاً : إن القطط في نهاية المطاف حيوانات ، أن علا شأنها أو نزل ، فقد ذهبت هيبة البشر من مخيلتها البسيطة ، وباتت تتصرف مع الأحياء أسوة بتعاملها مع الأموات المرميين بين الركام !!. 
وأصبحت غير قادرة على التمييز بينهم ، وباتوا جميعاً ، مجرد وجبات غذاء لها ، تكشر عن أنيابها ضدهم ، عند اللزوم .
بعد هذه الشرح المسهب من قبل الخبّاز ، أصبح الرجل يهاب كل القطط والبسينات والبسس ، فقد نشأ وضع جديد في البلاد ، وأصبح لكل الاشياء والأصناف ، تعاريف وتسميات وإصلاحات مستحدثة، لا يدرك معناها ، سوى أمثاله ، ممن يعيشون بين الحطام .
ولا بد له أن يحسب للقطط المسعورة ألف حساب وحساب ، من الآن فصاعداً !!!.
كورداغ في 1-4-2017 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد حسو

الأغاني والأهازيج الكوردية، والرقص الجماعي الذي يتجلى في تماسك الأيدي خلال الدبكات الكوردية، ليست مجرد طقوس فنية أو تعبيرات عن الفرح، بل هي شهادة حية على حيوية هذا الشعب وإرادته الصلبة. إنها دليلٌ واضحٌ على حبه العميق للحياة، وسعيه المستمر للعيش بكرامة وسعادة، رغم كل مظاهر وأشكال الظلم والطغيان والاستبداد التي حاولت…

سمكو عمر لعلي

مقدمة

لم يكن الحاج أحمد ملا إبراهيم مجرد اسم عابر في تاريخ الحركة الكردية، بل كان رمزًا للنضال والمثابرة من أجل قضية شعبه. وُلد عام 1923 في بلدة عين ديوار، التي تقع اليوم ضمن الحدود السورية، لعائلة مناضلة تمتد جذورها إلى شرق كردستان من اقرباء سمكو اغا الشكاك ، حيث كان والده الملا إبراهيم…

تقرير صحفي: شهدت جامعة النجاح الوطنية يوم الخميس الموافق 20/11/2025 إنجازاً أكاديمياً لافتاً، تمثل في مناقشة رسالة الماجستير المقدمة من الطالبة رجاء رشيد محمود الحلبي في برنامج اللغة العربية وآدابها، جاءت الرسالة تحت عنوان: “روايتا “الحاجز” و”حب في منطقة الظل” للكاتب عزمي بشارة دراسة تحليلية في المضمون والفن”، وقد أعلنت اللجنة نجاح الطالبة وحصولها على…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

 

يَا لَيْلُ

أنَاجِي الرُّوحَ وَهِيَ بَعِيدَةٌ

تَلْهُو فِي صَمْتِي الْمَجْرُوحِ

آهٍ يَا لَيْلُ

صَمْتِي كَحَرِيقٍ فِي صَدْرِي

وَجُدْرَانُهُ تَكْتُمُ قَدَرِي

آهٍ يَا لَيْلُ نَوَافِذُ مُغْلَقَةٌ

وَأَبْوَابٌ صَامِتَةٌ

كَتِمْثَالٍ جَمِيلٍ

أُنَادِي وَكَأَنَّ السَّمَاءَ تَسْمَعُ صَوْتِي

وَلَا أَهْجُو أَحَدًا

بَلْ أَهْجُو كُلَّ النِّدَاءَاتِ

يَا لَيْلُ كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الظَّلَامُ

كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الْخِصَامُ

كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الْحُسَامُ

الَّذِي يَقْطَعُ شَرَايِينِي

يَا لَيْلُ لَا أُعَزِّيكَ

وَلَا أَثْرِي بِكَ

وَلَا أُعَزِّي إِلَّا نَفْسِي

مُرَادُكَ…