آراء بألوان الطيف أقلامنا تتنفس الصعداء *

إلهام عثمان
عندما نطلق العنان لأقلامنا لتعبّر عمّا في دواخلنا فمن المفروض ألا يربكه أي عائق, وعلينا ذكر العقدة وأسبابها ونتائجها وكذلك معالجتها حسب آرائنا بكل حرية. ولكن إلى أي مدى أقلامنا حرة في التعبير؟
 في جميع الظروف كانت أقلام الأدباء والشعراء والكتاب…. الخ منبراً للحقيقة سواء أكانت تلك الحقيقة ناقصة أو كاملة، مع أنه لا حقيقة تقال كاملة إلا وبها جزء من الغموض، وهذا الغموض بحد ذاته هو تقيد لآرائنا، ويكون السبب إما خوفا من النتائج أو تحسباً لطارئ غير محبذ أو لوقت لم يحن موعده. 
هذا يوصلنا إلى حقيقة بأن اقلامنا مازالت تواجه صعوبات في التجول بسهول الصراحة ومازلنا نخضع للكبت و نجاري الوقائع، فنحن كما قال أحدهم:  لا نطلب وقوع الأشياء كما نختارها, بل نختارها على أساس حدوثها كما تقع تحسباً لنجاح واهم, فإن حاولنا نبش حقيقة أو واقعة حساسة بمجرياتها، سنواجه حائطا من الموانع، وهنا ستتعثر افكارنا وتلوى نحو أعماق الغموض والبعد عن الحقيقة. أما إن حاول أحدهم كسر حاجز الصمت سنلمس نتائج غير مرضية من تهمٍ باطلة، أو نفي أو استبعاد أو حتى قتل…… الخ, وهذا هو ثمن التضحية لبيان الحقيقة لأننا نواجه عقولا متصلبة ومتحجرة لا تقبل شروق شمس الحرية وراء غيوم الكبت. 
غير خافٍ على الجميع بأن مجتمعاتنا تعاني من عقد كثيرة وتلك العقد بحاجة إلى الفك و المعالجة، سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية …….الخ وهذا لا يعني بأنه لم تكن هناك محاولات لكشف المستور والتطرق إلى الممنوع المفروض علينا, ولكن نصل دائما إلى نقطة التوقف ومحاولة لفبركة الواقع؟؟!!! 
ببساطة لأن أقلامنا مازالت خائفة بل ولا نبالغ إن قلنا أنها تعيش حالة رعب. وإلا لمَ خفيت حقائق كثيرة في مجتمعاتنا وأغلقت ضد المجهول؟!! لمَ نعطي أهمية قصوى لموقف تلك السلطة أو ذاك الموجود الإنساني؟! 
لمَ لا نغمس في حقائق تمس كرامة المرأة بل نلفه بترهات غير مبررة؟ لم تتنفس أقلامنا بحرية إن هجرت عن واقعها؟! كل هذا لأن مشاعرنا تنطق بشيء وعقولنا تترجم شيئاً آخر.. تحسباً….!!!! المجتمع يقع جزؤه الأكبر على عاتق أصحاب الأقلام الصادقة، فلا خير في قلم يجر على صفحات بيضاء لملئها فقط… بل نحن بحاجة إلى أقلام حرة تشق ستار الوهم والخوف والجهل لترسم درب الثقافة والوعي والمعرفة فكم وراء بيوت موصدة بأقفال الخوف وبين جدرانها حقائق ظالمة تسد أفواه أصحابها!! 
وكم في تدوين تاريخنا من التواءات تبعدنا عن عين الحقيقة؟!! وكم وراء دموع بريئة جرائم مدفونة. رياح التغيير هبت إلا اننا مازلنا نعيش وهم التغيير.
* جريدة روشن العدد 22

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…