بهاء الدين روبار
ترجمة وتعليق: ابراهيم محمود
يحتفظ كتاب/ القاموس الكردي الصغير والمنير للكاتب الكردي: بهاء الدين روبار” مواليد1977، قرية روبار التابعة لجزيرة بوتان “، والذي صدر سنة 2013، في ستانبول “، بقيمته التاريخية واللغوية، لأن جهداً بحثياً ميدانياً من هذا النوع، لا بد أن ينطوي على قيمة أدبية واجتماعية وشخصية كبيرة، وتحديداً، لأن الموضوع المبحوث فيه، ليس مجرد قراءة كتب أو قواميس معينة، وإنما الإصغاء الدقيق إلى الناس” المعمَّرين خصوصاً “، وسؤال المعنيين به، والمقارنة بين كلماتهم، ليكون الحصاد البحثي أوفر وأثمر.
لا يخفي روبار حرصه على لغته، وتحديداً لأنها مهدَّدة في ذاكرتها، بتلك المكتبة المتنقلة بين الصدور، والذين يؤرشفونها على طريقته، وهم يرحلون تباعاً، بعد أعمار متفاوتة، وترحل معهم محتويات مختلفة من تلك المكتبة ربما إلى الأبد، وتلك خسارة لا بل كارثة كبيرة بالنسبة للغة لما تزل محاربة في لسانها وكيانها، في زمانها ومكانها، في إنسانها وجمادها ونباتها وحيوانها، على مستوى الأسماء ودلالاتها” لنتذكر قول أحد المعنيين بموضوع كهذا: إن شيخاً/ مسنّاً يموت فكأن مكتبة تحترق !”، وفي ظل الميديا التي تهدد ذاكرة كهذه، ولعل حميّا أخلاق بحثية كردية تقف وراء مثل هذا السعي إلى ما يجب إنقاذه، وتدوينه على الورق، وهذا ما تم، في كتاب دون المائتي صفحة ومن القطع الوسط،سوى أن الترتيب الأبجدي للحروف، والمواد الموجودة يثمنّان محاولته، ويسجّلان له هذا الجميل المعرفي. هذا الجميل يمكن التشديد عليه، عند الإشارة إلى كونه ” ابن بوتان ” وينطلق من واقع تجربة معيشة طبعاً، ومن غيرة مكانية .
يقول في المستهل( يمكن القول عموماً، أن الحقيقة تضيع وسط الحقائق الخاصة بها كلما تقدم بها الزمان، وهذا يثير تساؤلاً، جرّاء ذلك. ثمة حقيقة فاعلة ” وهي في كتابتها على الورق “. وهذه الكتابة المسطورة على الورق مبوبة ومنقحة” مفلترة “. وتلك الكتابة يمكنها أن تعلم الناس بالحقائق في الواقع . ص 7 ).
هذا التخوف من النزيف اللغوي لأسباب مختلفة، كان وراء عمله، كما أشار إلى ذلك في المقدمة ( إن مقصدي الأول في هذا الكتاب، هو التركيز على كلمات ومفاهيم كانت متداولة سابقاً، قد تخلت عن مواقعها لجملة أدوات ومواد عصرية، تلك الأدوات والمواد التي ترتد إلى عالم الرحَّل، الزراعة، الرعي، الخياطة، النجارة، وكانت مستخدمة في تنوعها، وهي الآن، إما أنها لم تعد متداولة، أو حلت محلها أدوات ومواد ومفاهيم أخرى. ولهذا كان هدفي العملي في هذا الكتاب هو التركيز على الأفعال والأسماء التي إما أنها نسِيت أو قد خفَّ استعمالها.ص 9 ).
ومن المؤكد أن من يقرأ هذا الكتاب/ القاموس ” تحديداً ” وهو يمتلك إرادة الفضول المعرفية، لا بد أن يجد متعة في المتابعة، وهو مع كل كلمة لها عراقتها الجدودية، يعيش مجتمعها: أهلها، ووسطها، ومناخها، وطقوسها، وعنصر الخيال المساعِد في التفاعل مع قراءة من هذا القبيل .
وفي متابعتي لمفردات هذا القاموس الأثير، عشت أكثر من متعة، لأن ثمة نسبة ملحوظة من المفردات ” البوتانية ” ما تزال مستعملة في ريفنا الكردي ” جنوب غرب قامشلو “، ورأيتها كما عايشت طرق التعامل معها لبعض الوقت.
وبالتالي، فإن كبار السن، وممن ينتمون إلى الريف/ عالم القرية، سوف يتنفسون الصعداء مع كل كلمة من هذا القبيل، بقدر ما يبتسمون وقد يضحكون ويسردون حكايات ونكات تنتمي إلى عالمها، كانوا هم أشخاصها ” أبطالها أحياناً “، وهم يرددون” آه، أوه، هذه نعرفها، ليبدأوا في الحال في التحدث عنها، ليؤكدوا تاريخاً يراد له ظهوراً، واعترافاً بهم من خلاله “.
ومن البداهة أنني لا أستطيع وضع قائمة بهاتيك المفردات، إنما أشير إلى بعض منها، وما وضِع مقابلها، إلى جانب ملاحظة دقيقة، آمل أن يُنتبه إليها، وهي تتمثل في ورود مفردات عربية في الأصل، واعتبِرت كردية، ولعل عدم معرفة الكاتب بالعربية، شأنه في ذلك شأن الكثير، وربما الغالبية العظمى من كردنا في كردستان الشمالية، حين يتكلمون أو يكتبون ويستعملون مثل تلك المفردات بتهجئات أو صيغ مختلفة، تظهر، كما لو أنها من لحمة الكردية.
Adode: أداة حديدية لقلع الحرشف، حيث إنها تبلغ ” 20 سم ” طولاً، ومسطحة وعريضة وحادة كوجه الفأس، لها حلقة في المؤخرة تدخَل فيها خشبَة تكون بمثابة اليد ” الممسَك ” لها، قرابة متر طولاً” طبعاً يقال لها أيضاً ” xilç ” محلياً، وبالعربية المتداولة: المحكية يقال لها : النابوث “.
Avzêr : وهي الأرض التي تُخرِج الماء من جوفها نحو الأسفل ” أي النبع “، أو إنها الأرض التي تبقى مرطَّبة دائماً.
Balûk : عبارة عن مرض يصيب الجلد، يظهر في هيئة ” حبّات “، على سطح الجلد، في حجم حبّة العدس، أو تكون أكبر منها قليلاً، ومواضعها: اليدان و الرجلان بالنسبة للإنسان ” وهو توصيف لهذه الحالة المرضية، وربما أمكن التذكير بما هو متداول عندنا، إن لم أكن مخطئاً، أي Belalûk ، وربما كانت من مصدر البروز Bel، المرئي للعين.
:Basîq قرص متماسك، جرّاء غلي ماء العنب والسمن واللذين أعِدّا معاً، وبعد ذلك جرى سكبه على قماش، إلى أن يتماسك، فيكون مثل خبز الساج، حيث يأكله المرء بديلاً عن الحلو ” وهو شرح حسّي للتعرف على طريقة صنعه، وربما كلمة ” Bastêq ” من جنسها، هي ذاتها.
Bax : الإنسان الذي يمارس الظلم والعسف والاعتداء والإساءة وتجاوز الحدود، ويحسب نفسه أعلم وأشجع من غيره .
” لعل هذه الكلمة قوية الصلة بالباغي، أي من يتجبر، ويتعدى حدوده، في أصله العربي “
Berûmak : بغية الحصول على الحليب كان هذا الاختلاط بين الحملان والنعاج، أو الجّداء والعنزات ” أي لكي يرضع كل من الحمَل والجدي من حليب أمه .”.
Bixar :الرائحة النتنة والأكثر نتناً .
Cêm : مؤسسة الصغار المحرومين من الآباء والأمهات، حيث يقيمون فيها وتتم تربيتهم.
Çûr : نوع من الماعز الصغار القامة والحجم، وشعرها قصير كذلك، وهو مضفور، ويستفاد منه لصنع ” الشال والسترة ” أيضاً.
Êrfist : نوع من شجر الغاب، حيث ينمو في أرض جبلية أو قاسية، ويبلغ ارتفاعها أحياناً ما بين” 3-4 ” أمتار، بشكل مستقيم، ورقها مشرشب، شبيه الإبر في دقته وطوله، وبرأس حاد، وثمره بحجم حبة الحمّص، وهو في البداية يكون أخضر اللون وتالياً بنياً، ولا يؤكَل .
Felîte : الذي لا يستمع لغيره، العاطل، المهمل، اللامبالي ” وربما كانت المفردة مرتبطة بمفردة عربية هي ” الفلَتان، من : الفلْتان “.
Giv :شعر المرء الذي ينسدل على الجبين، ويضفَر، ويكون غرّة بارزة.
Hetîket : من يكون/ تكون في كل أعماله/ أعمالها، وحركاته/ حركاتها محل استنكار، سوى أنه/ أنها لا يخجل/ تخجل من تصرفاته/ تصرفاتها ” ومن المعلوم أن المنفردة مرجعها: الهتك، بالعربية، فيكون المرء ” مهتوكاً ” كذلك، وهو جلَاب للعار بالمقابل “، سوى أن المفردة هذه ألبِست معنى خاصاً بالكردية، كما لو أنها كردية تماماً.
Heznî – Hêcet : المفردتان هاتان ” ص 73 ” يجري وصفهما وشرحهما، وكأنهما كرديتان، سوى أن الأولى من ” الحزن “، والثانية بـ” الحجة/ الذريعة ” العربيتين، ولعل تداولهما كردياً أوحى للناطقين بها كردياً بوصفهما كرديتين، كما تقدَّم .
Kavol : الفراغ القائم ما بين طرفيْ أضلاع المرء، أو ما بين أمعائه .
Kelzer : النعجة المقرنة ” ذات القرن “، أو تكون ضخمة ورأسها أصفر، وأذناها طويلتان .
Laleş : غبغبة طيور الحجل عند إشراقة الصباح .
Lewendî : قطعة القماش المكوّنة لردنيّ كل من اللباس، القفطان، الفستان…الخ، وطول كل ردن قرابة متر طولاً، ورأسا القطعتين موصولان ببعضهما بعضاً.
Lewn : ما يخص ” الشيء، الشكل ” وضروب الاستخدام أو أنواع الجهد والعمل ” والمفردة عربية، من اللون “.
Mezbût : وهي أساساً من الضبط، عربية تكون، سوى أنه يأتي على شرحها هكذا: من ينجز عملاً دقيقاً في العمل، دون نقصان، عمل صحيح، دقيق، سليم…الخ.
Milo : ما يحصده المرء في الحصاد من قش، عشب، وغلافهما بالنسبة للحاصد، وبمقدار ما يستطيع يحمله بيديه على هيئة هيئة حزمة” كومة ” .
Nêla : تأتي مقابل كلمة: مثل، شبه..الخ.
Paraspan : أي كائن، إنساناً ، حيواناً، أو أي شيء آخر، لا أهل له، ومتروكاً/ شارداً.
Peleste : الطفل الذي يستطيع المشي والمدرِك قليلاً، أو من يستطيع حماية نفسه من بعض المخاطر، أو من يبلغ من العمر ما بين ” 6-7 ” سنوات .
Pox :تقال في التفاحة الناضجة تماماً، وهي في منتهى الحلاوة لذة الطعم .
Qedirnas : هي كمفردات أخرى سلفت، ترتد في أصلها إلى العربية ” من القدْر/ القيمة “.
Qîqil : الديك الذي لم يكتمل في نموه، أو ما بين ” 5-6 ” أشهر في عمره، ولم يبلغ السنة من عمره .
Qor : من يكون/ تكون ظهره/ ظهرها مدفوعاً به إلى الأمام .
Red : الأرض التي تكون أعلى ارتفاعاً من السهل” الأرض المستوية “، وأخفض من الجبل، تكون قاسية، بحيث يمكن العبور من خلالها بسهولة، بصيغة أخرى هي في امتداد بروز الجبل، ومقام ربوة .
Sitar : ما يحتمى به من قبل الإنسان أو الحيوان في الحر والبرد، أو الشمس والمطر، والخطر والتهديد…الخ ” ولا بد أن المفردة هذه ترتد إلى المستر والستر عربياً “.
Sitî : الفتاة أو المرأة البهية ” الجميلة طبيعة ً “، أو محبوبة، أو من عائلة كبيرة .
Sewdil : الإنسان الطيب، النقي البعيد عن الأحقاد رجلاً أم امرأة .
Tehb : يشرحها، كما الحال مع مفردات أخرى، وهي من ” التعب ” العربية .
Tehn : نقد لا يكون الهدف منه التصويب، إنما لدقّ الإسفين ” للبلبلة ” والتقاتل، وللاحتقار .
” وهي في أساسها عربية، أي من ” الطعن ” كما هو شكلها ومحتواها “.
Tifal : الطفل الذي يتراوح عمره ما بين ” 0- سنة واحدة ” عمراً، أو يكون رضيعاً ” ولا أستبعد أن تكون هي الأخرى من ” الطفل ” وقد جرى تكريدها، أو كأنها كردية “.
Xet : الأثر الذي تتركه سكة المحراث، أو مسلك المرء ” في الحالات كافة، هي من الخط ” العربية.
Xilwet : هي كغيرها من المفردات السالفة الذكر، ترتبط بـ” الخلوة ” العربية .
Zambox : الأرض الفاصلة بين تلين، جبلين، أو صخرتين كبيرتين، بحيث تكون المعبر الوحيد للسالك، أو الوادي/ الشّعب الأكثر ضيقاً .
Zîxelok : الإنسان حين يكون في منتهى الضعف، والخور، والجبن، والهزيل ” رجلاً كان أم امرأة “.
Zol : أي قطعة تمثّل أي شيء، مثل خرقة، خشبة، أو لحم، وجلد رفيع جداً.
طبعاً هناك العشرات من الكلمات، التي لا يُشَك في عربيتها، إن لم تكن أكثر، كما في :
Cebirî –Debar-Dewx- Dexîl- Fehl-Feqe-Ferx-Fito-Herbî-Kitim-Lewitandin- Meştel- Nefî-Qam-Qelî-Qeyd-Qût-Seb-Teleb…Hwd.
إن ما حاولت التعرض له، هو، أولاً، التعريف بهذا القاموس الصغير حجماً، الكبير قيمة، قبل كل شيء، والسعي إلى القيام بجهود مماثلة في أمكنة أخرى، حيث يتم حفظ كلمات من الصدور، لها عراقتها، وثانياً، بغية الإقبال على قراءته من باب الاستفادة، وثالثاً، لدرس ما ورد فيه من مفردات/ كلمات، وكيفية تسلسلها، والربط فيما بينها، وتوسيع ساحتها وإنارتها أكثر فأكثر .
دهوك، في 13-7/ 2017