أمسية أدبيّة في بروكسل لمناقشة وتوقيع رواية “وطأة اليقين”

نظّمت “رابطة الكتّاب السوريين” وبالتعاون مع مرسم الفنان التشكيلي كيتو سينو، في الساعة الثامنة من مساء يوم السبت 8/7/2017، أمسية أدبيّة في العاصمة البلجيكيّة بروكسل، لمناقشة وتوقيع رواية “وطأة اليقين.. محنة السؤال وشهوة الخيال” للكاتب الكردي السوري هوشنك أوسي، الصادرة عن دار “سؤال” للطباعة والنشر – بيروت في 380 صفحة من القطع المتوسط.
 تم في الأمسية قراءة أوراق نقديّة تتناول الرواية، تتخللها قراءات من الرواية. والأوراق المقدّمة كانت من قبل: الشاعر والروائي العراقي المقيم في برلين؛ برهان شاوي، والروائي المغربي المقيم في بلجيكا؛ إدريس يزيدي، والكاتبة المصرية بسمة علاء الدين المقيمة في القاهرة، والكاتب الكردي إبراهيم الخليل المقيم في مدينة ديرك الكردية في سوريا.
أدارت الأمسية الإعلاميّة منال محمد، بدأتها ترحيباً بالحضور والمشاركين باسم “رابطة الكتّاب السوريين” مشيرةً إلى أن هذه هي الأمسية الخامسة التي تنظّمها الرابطة في العاصمة البلجيكيّة بروكسل. ثم تمّ عرض فيلم وثائقي قصير عن الرواية، قام بتصويره وإخراجه الفنان سيبان حوتا:
 https://www.youtube.com/watch?v=TQL62UfkKTg
على صعيد الأوراق النقدية، قرأت الشاعرة والمترجمة الكردية أفين شكاكي ورقة الروائي والشاعر العراقي الكردي برهان شاوي بالنيابة عنه، حيث تساءل فيها شاوي قائلاً: “هل هي رواية أبطال..؟ هل هناك شخصية مركزية تتمحور حولها الرواية؟. لا أعتقد ذلك. هي رواية شخصيات، لكنها شخصيات بطلة. بطولة الإنسان العادي وهو يواجه أهوال الحياة باحثاً عن اللحظة الذهبية في الحياة. بينما اللحظات الذهبية تمرّ خاطفة دون أن تلتفت إلى أحد ما!. إنها روايات شخصيات كل منها هو بطل روائي بامتياز. حشد من الأبطال الاعتياديين يذهبون بالنص إلى إيقاع ملحمي. وهنا يمكن القول: أن هوشنك أوسي كان متمكّناً في إدارة حشد الشخصيات هذا كمخرج محترف. ليقدم رواية دائرية جغرافيا. فالرواية تبدأ من بلجيكا لتواصل الانتقال الناعم والخفي إلى سويسرا وتونس ومصر وإسرائيل وإسبانيا وأميركا وكوردستان وسوريا والعراق، ثم سوريا، لتعود إلى بلجيكا. هذا التنوع في الأمكنة منح الرواية روحها العالمية والإنسانية. لكن بحركة دائرية”. وأضاف شاوي: “شخصياً، لا أعتقد أن الرواية يمكن تلخيصها بجملة أنها عن “الثورة” السورية بالمطلق. فكون الشخصية الساردة والتي من خلالها يتدفق السرد، وأقصد ” ولات أوسو” ذات انتماء سوري، وهوية كوردية، لا يدفع الرواية إلى مرجعيتها الوطنية، أي عن سورية أو عن القضية الكوردية. ومع ذلك، فأن هذا التوصيف يأتي من خارج الرواية كون، الشاعر والروائي أوسي، هو كوردي من سورية!. أقول ذلك، لأن معاناة الشخصيات غير السورية، ومصائرها في النص، أقوى وأكثر ظهوراً من أية شخصية كوردية، على الرغم من أن الرواية تدخلنا في تفاصيل الثورة السورية. بدليل أن حضور المرأة المسنة كاترين دو وينتر هو الحاسم في النص. وكذا جورجينو اندريوتي الايطالي، وكلارا روزنشتاين فالمر الألمانية ورولان بونيوبا، وشارل بنيامين فرهايغن البلجيكي، والغجرية الإسبانية ماتيلدا خوسيه فردريكو رودريغس. وأقصد، لو توقّفنا عند هؤلاء وأقدارهم ومصائرهم السردية، لما تجرّأنا على القول: إن الرواية عن “الثورة” السورية!”.
من جانبه ذكر الروائي المغربي إدريس يزيدي في ورقته: “الرواية تأوي شخصيات عدّة، ينبغي للقارئ أن يبذل جهداً مضنياً حتى يحصيها، ويفهم مسار كل منها في سياق النص. لكن الانطباع الذي يهيمن عليه على مدار الرواية، الاحساس بالهشاشة داخل كل واحد من هذه الشخصيات، خاصة تلك التي قدمت إلى بلجيكا، تبحث عن الأمن، لكنه الأمن الذي يمنحهم الطمأنينة الكافية ليتقوقعوا أكثر في هشاشتهم. ما يجعلنا نزداد يقيناً أن الماضي الذي قدموا منه كان أكثر فداحة مما تصوروه هم أنفسهم. فالراوي، وعلى لسان أحد الأبطال، لم تستطع بلجيكا بكل ما تملكه من تميّز عن بلاد الشرق، بلاد الحروب والخراب، أن تسلّيه، فيفكّر في وضع حد لحياته: “ولكنني أجبن من أن أنتحر أيضاً” ص12. إذن هو شبه ميت يتجوّل في بلجيكا. أو هو مرغم على الحياة، يتسكّع في مدائنها منتظراً غايته؛ موته. كأنه ما جاء ليبدأ حياة جديدة في ظل الأمن، وإنما جاء فقط ليستدعي الماضي بكل ما يحمل من نكبات، ويفرده على صفحات الرواية”.
أما الكاتبة المصرية بسمة علاء الدين، فذكرت في ورقتها أن الرواية “بدأت بفاتحة هي نفسها الخاتمة أيضاً الموجودة على الغلاف الخلفي للرواية، ليخلق الكاتب حالة اشتباك بين القارئ وأبطال الرواية، ولإشراك القارئ في كتابة هذا العمل السردي. وجاءت لوحة الغلاف للفنان العراقي “ستّار نعمة” المرسومة بتقنية التجريد، لتثير مساحاتها اللونية المتداخلة والمبهمة بعض الأسئلة. وبعد الانتهاء من قراءة الرواية، نجد أن اللوحة وكأنّها تعبّر عن تنوع الأماكن والأحداث داخل الرواية التي تتوزّع على مناطق جغرافية متعددة، حيث تشبه اللوحة، الصورة الملتقطة للأرض عن طريق الأقمار الصناعية. فهناك مساحات رمادية وأخرى خضراء وصفراء وحمراء، بحيث عكست حالة تنوع الألوان، تنوعَ الأمكنة أيضاً، بما فيها من حروب وفقر واستبداد، وأماكن خضراء تنعم بالحرية والأمان”.
ورقة الكاتب إبراهيم خليل قرأها بالنيابة عنه المخرج سيبان حوتا، حيث طواها خليل على العديد من الملاحظات والانتقادات، منها: “1– في حديثه عن كاترين دو وينتر ثمة مفارقة: (مع بداية الحرب، كان عمرها ثلاث سنوات. وحين انتهت، بلغت الثانية عشرة – ص 47) والمعروف أن الحرب الثانية دامت ست سنوات فقط (1939 – 1945). 2- المكالمة الهاتفية بين الدكتور إدوار فاندرويه وأحد شركائه في تجارة الأعضاء البشرية في الصفحة 296: يتدخّل الروائي هنا بشكل مباشر، وينقل لنا الجمل الحوارية التي نطقها الطرفان كاملة. رغم أن الطرف الآخر يتكلّم عبر سماعة هاتف. ومن المفترض أن الدكتور فاندرويه وحده من يسمع كلام محدثه (بالطبع الأمر مختلف في المكالمة الهاتفية بين يان وايليس ص 305 لعدم وجود شخص ثالث). 3- في حوار عن إبليس على لسان ماتيلدا الغجرية الاسبانية: (بلى ولشده حبه لله عصاه ولم يشأ السجود لغيره …) ص 163. وهي كما لا يخفى؛ من بعض أفكار متصوفة اﻹسلام المتقدّمين كالحلاج والبسطامي وابن عربي (وبالطبع فإن الإلماح في النهاية إلى أن ماتيلدا كانت مجرد وهم لعبة فنية بارعة)”.
بعد الانتهاء من قراءة الأوراق، فتحت مديرة الأمسية باب النقاش والحوار والاسئلة أمام الحضور. فتساءل الشاعر المغربي طه عدنان عن عنوان الرواية ومعناه ومغزاه، وسجّل ملاحظة عليه، بأنه يشكو مما يمكن وصفه بـ”وطأة العنوان”، وتساءل عن الإهداء “إلى كل من ظلم هذه الرواية”، على اعتبار ان الرواية ربما تظلم بعد نشرها وليس قبل!. فردّ أوسي بخصوص السؤال الأول بأنه ينطوي على الإجابة. وبالتالي، أية إجابة أخرى، ربما لن تغيّر في الانطباع الذي تشكلّ لدى عدنان بخصوص العنوان. وأما عن السؤال الثاني، أشار أوسي بأن هنالك مخطوطات لكتب، سواء أكان شعرية او قصصية او روائية يتم ظلمها حتى قبل ان تصدر. والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى. وأنه يمكن لشخص ما أو مؤسسة لما أن تحاول سد المنافذ والأبواب أمام أية تجرية وليدة تلتمس خطواتها الأولى، لكن هذه الابواب لن تبقى مغلقة إلى ما لا نهاية. وإن هذا العالم يتسع للجميع. فلماذا الحؤول دون إصدار أي كتاب ينطوي على جهد إبداعي؟!.
كذلك علّق الشاعر ضياء الجنابي مشيراً إلى إمكانية عدم نشر قصيدة كاملة “نشد الجبار” لابو قاسم الشابي، لأن نشرها خلق حالة من الملل، في سياق السرد. فردّ أوسي أن الرواية 380 صفحة، والقصيدة المنشورة 4 صفحات فقط. ثم أن نشرها أتى في سياق رسالة مطوّلة، وليس في سياق سرد على لسان الراوي. في حين صاحب الرسالة (أحد أبطال الرواية) قبل إيراد القصيدة في رسالته وبعد الانتهاء منها، يشير إلى سبب ذلك، على أن هذه القصيدة فيها نبوءة الشاعرة لما ستؤول إليه الثورة التونسية وكل الثورات العربية من انحرافات. ومع ذلك يبقى الشاعر مؤيداً للثورة.
أما الشاعر والروائي والإعلامي ياسين عدنان، فشدد على “ضرورة اختلاف مستوى الوعي لدى أبطال أي عمل روائي، بحيث لا يظهرون بمستوى ثقافي واحد، ما يعكس سطوة وسلطة الروائي على ابطال عمله. وأن وطأة اليقين كانت تفتقد إلى هذا التنوّع”. فعلّق أوسي على هذه الملاحظة النقدية معترفاً بوجود ذلك. ومفسّراً على أن حيدر وهاغوب أصلاً صديقان وسجينان سابقان مثقفان. اما كلار، ورولان وجورجينيو، فهم اشخاص موجود في أجسادهم أجزاء من روح حيدر، وقامت هذه الاعضاء بتغييرهم. وبالنسبة لكاترين دو وينتر، فهي أيضاً امرأة مثقفة جابت العالم، وصاحبة تجربة. وماتيلدا فهي شخصية وهمية. كما لا يمكن ان ننسى الجميع يعيش حالة ثورية متضامنة مع الثورة السورية ويتابعون الاحداث عن كثب. والدكتور جوروج هو أصلاً استاذ جامعي. والدكتور فاندرويه هو أيضاً شخص أكاديمي ومثقف وفاسد أيضاً. بمعنى، اغلب شخصيات الرواية تتمتع بمستويات ثقافية جيدة. في حين ان درغام الفلسطيني، وطاهر الكردي العراقي، وسردار الكري السوري، مستواهم الثقافي متواضع، ويظهر ذلك في مستوى كلامهم.
واختتمت منال محمد بتجديد الشكر والتحية للحضور. ثم جرى التوقيع على نسخ الرواية التي اقتناها الحضور.
تجدر الإشارة أن هذه الأمسية هذه الخامسة التي تنظمها رابطة الكتاب السوريين في بروكسل. وحضر هذه الامسية مجموعة من الكتّاب والمثقفين والفنانين والمهتمين بالثقافة والادب في بلجيكا، نذكر منهم: كاميرا قناة “كردستان 24” ومدير مكتبها في بروكسل؛ سامان صابونجي، الشاعرة والمترجمة أفين شكاكي، المصوّر والمخرج سيبان حوتا، الشاعر والروائي والاعلامي المغربي ياسين عدنان، الشاعر المغربي طه عدنان، الروائي المغربي علال بروقية، الكاتب والشاعر المغربي بوشعيب عطران، الروائي العراقي زهير الجبوري، الشاعر العراقي ضياء الجنابي، الشاعر العراقي ماجد مطرود، الشاعر السوري محمد زاده، الفنان المغربي مصطفى الزُفري، الروائي العراقي علي بدر، المخرج السوري روج فتاح، الناقدة الجزائرية عائشة حمدي، المخرج والصحافي السوري نجيب مظلوم، الكاتب السوري براء موسى، الناشط المغربي مصطفى الزيباري، الناشط الكردي مصطفى الشامي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…