أمين عثمان
يصل يوميا عدد الزائرين الى المركز الثقافي في فانكوفر الى الاف حيث تعرض رسومات لاشهر فنانين عالميين في القرن الثامن والتاسع عشر لمدة شهور حيث نشاهد كل اطياف واجناس البشر من قوميات ودول من مختلف الثقافات و الاعمار . غالبية الزاور من الكنديين والاوربيين ومن كافة الطبقات الفقيرة والمخملية والطلاب والجامعات والمعاهد والجمعيات . الجميع يتذوقون الفن وعشاق الرسم ويتجادلون ويتحاورون الذوق الفني والالوان والنظرة الثاقبة والمسافة من اللوحة . متزهدا واقفا اجلالا امام اللوحة صامتا متزهدا غارقا في التفكير. يتكلم مع الالوان منولوج داخلي ويحاور ريشة الفنان ويصبح جزءا من اللوحة يتفاعل معها يشتد الجدال قويا ونديا ومحتدا واحيانا يكون الحوار صامتا او ايماءات بالاعجاب والانبهار وهزة الرأس .
الزوار دائما يكون مع العائلة حيث ترى مدى العلاقات والارتباط مع العائلة وخاصة الاطفال واسلوب التربية والتعليم وطريقة واسلوب التعامل وقدرة الاباء والامهات على فرض الانضباط والهدوء والالتزام وقوة الحوار والاقناع والتفاعل مع اللوحة والنظام وكيفية التقاط الصور والمساحة والاسئلة الموجهة الى الطفل وتعزيز الاجابة وتشجيع الاهل والزوج والزوجة وقوة التحليل والنقاش حول اللوحة تستطيع ان ترى الاندماج والاسلوب والتفاعل والمشاركة وبناء الجمال والتمتع بوقت رائع ودراسة الالوان والذوق الفني والتحليل والتركيب وطريقة التصوير والهدؤء والانطباط وعدم لمس اللوحات الثمينة او العبث بالمعرض واحترام المكان والزائرين . يطبق المعرض نظام انضباطي قاسي أشبه بالنظام العسكري لغلاء سعر اللوحات حيث يتجاوز سعر اللوحة الواحدة ألاف الملايين والصالات مجهزة بالتكنولوجيا الذي يضبط الحرارة والرطوبة والهواء لكي لايتاثر اللوحات القديمة الذي يتجاوز القرن الثامن والتاسع عشر مع كاميرات المراقبة ضد السرقات .
نرى ان قيمة اللوحة الواحدة تجاوز قيمة الانسان كشخص في نظر تجار الفن وهي تجارة سياحية رائجة في فانكوفر . يأتي الشعوب الاسيوية والشرقية في الدرجة الثانية من حيث عدد الزوار والغالبية من فئة الشباب ترى النظرة السطحية وتقليد الكنديين وقلة الاهتمام وعدم غور اعماق اللوحة والتفاعل معها واحيانا ترى ثرثرة تعرف ليس لديهم خبرة واسعة بالفنون والرسم يلتقطون الصور الشخصية والازياء ويحملون الكاميرات الحديثة وغالية الثمن ويلتقط الصور بشكل عشوائي بعيد عن الدقة والتركيز الا من فئة قليلة من المحترفين ويرون المعرض مجرد زيارة عابرة للاستمتاع ومكان لتضييع الوقت . المعرض مكان جيد لطلاب الجامعات والمعاهد وجميع الاعمار بشكل يومي واحيانا مجموعات كبيرة مع البرفسور يقوم بالشرح والتحليل والتاريخ والابعاد والالوان والتفاعل والاختلاف ويقوم التلاميذ بوضع الخطوط والتفاصيل ومحاولات الرسم والتقليد .
اللوحات الذي يعكس تاريخ المكان والزمان في فترة محددة من التاريخ يعبر عن اشياء كثيرة لايستطيع سوى المحترف في الذوق الفني اكتشاف ما يجول في خاطر وعقل الرسام . كل يوم تقف امام اللوحة تكتشف اشياء جديدة لم تراها من قبل هذا يعني ان الانسان لايدرك الفن لمرة او نظرة او وقت محدد وان التركيز والزمان والمكان والاضاءة والمزاج له تأثير على استيعاب الذوق الفني .
ما اشبه اللوحة بالانسان حيث يكتنفها الغموض والاثارة لا تستطيع سبر اغوارها ومعرفة اسرارها خلال نظرة عابرة او الوقوف امامها لساعات كل يوم تكتشف جديدا في اللون والعمق والتمازج والتداخل والابعاد تنظر اليها كل يوم يعطيك السعادة والغبطة . اصبحت اللوحة جزءا من حياة الناس واهتماماتهم . ما اعظم اللوحة وما اعظم من رسم اللوحة الذي يجعل الانسان يشعر بالصفاء والحب والسعادة . انه الفن لغز الحياة السهل الممتنع .
كوردستانيا حضرت معارض فنية لرسامين كورد في قامشلو وموسكو وبيروت وسليمانية ويرفان وكندا انتاج غزير ولوحات مبدعة تدل على الواقع الكوردي والفلكلور الكوردي في مرحلة البحث عن الذات والمأساة الكوردية الذي يعكس اللوحة وانطباعا عن حياة الكورد القاسية وطرق معيشتهم ولكن مع الاسف تراجع الفن الكوردي مع تطور التكنولوجيا والامكانات . واعتقد لو كان هناك قليلا من الاهتمام من اصحاب القرار والجهات المسؤولة لكن الفن الكوردي والرسم ارتقى الى مصاف الدرجات العليا في العالم نظرا لوجود الفن فطريا مع الانسان الكوردي ولكن قلة منهم استطاع ان يصقل فنه ويصبح عالميا بجهوده الذاتية .