الرابعة والربع بعد منتصف الليل

أفين إبراهيم
الوقت مناسب جدا للانتحار 
ماذا يفعل وجهك على مقبض الباب 
كيف يستطيع التنقل بكل هذه الخفة من جدار لآخر
دون أن يفقد ابتسامته المؤلمة
الرابعة بعد منتصف الليل 
أبيع قلبك للعصافير العائدة من البكاء 
لصورة طفلي المعلقة على الثلاجة 
لجناح شيطان يحرس منزلي من السقوط
ماذا يفعل وجهك على مقبض الباب 
كيف وصل إلى هنا دون أن يتعثر بجثث الحب العملاقة 
دون أن يجرح فوضى الفراغ الذي يعبث بأصابع قدمي الباردة 
الرابعة بعد منتصف الليل
أبيع قلبك لكأس من الماء بالليمون والقرفة 
لكمان قديم يذيب الشحوم والحزن المترسب في زوايا القلب
لثلاثة خواتم اشتريتها في الخريف الماضي 
لزر كبير يبحث عن معطف خلعه الرب عندما كان عاشقا 
عندما خلق لكل منا حفرة صغيرة في منتصف الصدر وسماها قلب
الرابعة 
ماذا يفعل وجهك على مقبض الباب 
كيف يستطيع أن يبقى مسالما وسط كل هذه الساعات الطويلة من الغبار
آه انه الخريف مرة أخرى 
البيت نظيف 
و طفلي نائم 
أضع انفي في رأسه الصغير فتخرج رائحة أبي 
تخطف وجهك وتشد يد العتمة التي قطعتها لك وتتجول
كنت في الثامنة عندما قصوا شعري الطويل
وأقنعوني أن رأس المرأة أصغر من أن يحتمل خراب الكون 
كنت في الثامنة فقط 
عندما قالوا لي أن هذا الشعر لا يصلح أن يكون عشا للعصافير
ومن المستحيل أن يصبح بيتا للأشباح الهاربة من الجحيم 
منذ ذلك اليوم وشعري ينمو إلى الداخل 
ينمو بسرعة عجيبة لا يحتملها عقل كائن بشري 
كنت في الثامنة فقط عندما قصوا شعري الطويل 
منذ ذلك اليوم وشعري ينمو نحو الأسفل
لم اصدق 
تجاوزت الأربعين ولم اصدق اني مع الزمن تحولت إلى كومة قش 
مثلكم لم أكن لأصدق 
لولا طفلي الذي يرتمي في خضني كل مساء يقفز على بطني ويردد 
ماما كم أنت طرية 
بعت قلبك 
بعته هذا المساء 
انه الخريف
الخريف مرة أخرى يا الله
الرابعة صباحا 
الرابعة والربع
طفلي نائم  
والوقت مناسب 
مناسب جدا للانتحار
أفين إبراهيم
1/8/2017م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

رضوان شيخو

يا عازف العود، مهلا حين تعزفه!
لا تزعج العود، إن العود حساس..
أوتاره تشبه الأوتار في نغمي
في عزفها الحب، إن الحب وسواس
كأنما موجة الآلام تتبعنا
من بين أشيائها سيف ومتراس،
تختار من بين ما تختار أفئدة
ضاقت لها من صروف الدهر أنفاس
تكابد العيش طرا دونما صخب
وقد غزا كل من في الدار إفلاس
يا صاحب العود، لا تهزأ بنائبة
قد كان من…

ماهين شيخاني

الآن… هي هناك، في المطار، في دولة الأردن. لا أعلم إن كان مطار الملكة علياء أم غيره، فما قيمة الأسماء حين تضيع منّا الأوطان والأحبة..؟. لحظات فقط وستكون داخل الطائرة، تحلّق بعيداً عن ترابها، عن الدار التي شهدت خطواتها الأولى، عن كل ركن كنت أزيّنه بابتسامتها الصغيرة.

أنا وحدي الآن، حارس دموعها ومخبأ أسرارها. لم…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

فَلسفةُ الجَمَالِ هِيَ فَرْعٌ مِنَ الفَلسفةِ يَدْرُسُ طَبيعةَ الجَمَالِ والذَّوْقِ والفَنِّ ، في الطبيعةِ والأعمالِ البشريةِ والأنساقِ الاجتماعية، وَيُكَرِّسُ التفكيرَ النَّقْدِيَّ في البُنى الثَّقَافيةِ بِكُلِّ صُوَرِهَا في الفَنِّ، وَتَجَلِّيَاتِها في الطبيعة ، وانعكاساتِها في المُجتمع، وَيُحَلِّلُ التَّجَارِبَ الحِسِّيةَ، والبُنى العاطفية ، والتفاصيلَ الوِجْدَانِيَّة ، وَالقِيَمَ العقلانيةَ ،…

إبراهيم اليوسف

الكتابة البقاء

لم تدخل مزكين حسكو عالم الكتابة كما حال من هو عابر في نزهة عابرة، بل اندفعت إليه كمن يلقي بنفسه في محرقة يومية، عبر معركة وجودية، حيث الكلمة ليست زينة ولا ترفاً، مادامت تملك كل شروط الجمال العالي: روحاً وحضوراً، لأن الكلمة في منظورها ليست إلا فعل انتماء كامل إلى لغة أرادت أن…