رواية «شارع الحرية».. قصة المهجّر ومشقّة زيارة الوطن والحبيبة

نشر الكاتب والصحفي الكردي السوري ابراهيم اليوسف مؤخراً روايةً جديدةً كتبها بعنوان «شارع الحرية» التي وقعت في مئتين وثمانية صفحات وذلك في مهجره بجمهورية ألمانيا الاتحادية، استخدم الكاتب في الرواية لغة سهلة تمزج بين اللهجة العامية واللغة العربية الفصحى لإيصال رسائل بليغة تضمنتها الرواية بشكل نصائح وحكم بجمل محكمة، بأسلوبي السرد والحوار روى اليوسف قصة بطل الرواية الذي ينحدر من أقصى الشمال الشرقي لمحافظة الحسكة، قرب منطقة الرميلان، موضحاً التركيبة السكانية المختلطة إثنياً في تلك المنطقة.
قد لا يتسع المدى الزمني المباشر للرواية لما قبل الثورة السورية التي اندلعت ربيع العام 2011، إذ أنها تحكي فقط محاولة بطلها زيارة مسقط رأسه بعد سيطرة قوات «الآسايش» التابعة للإدارة الذاتية التي أنشأها حزب الاتحاد الديمقراطي في الشمال السوري، وكيف اضطر ابراهيم للتنسيق مع أصدقائه من أجل تأمين تلك الزيارة ورؤية حبيبته وتخطي العقبات الأمنية في طريق الدخول والخروج، ويبدع الكاتب في وصف تلك المخاطر ورسم صور الأشياء التي يفتقدها بطل الرواية، أشياء قد تكون بسيطة لكنها تعني له الكثير مثل «ضوء اللوكس» «جامع القرية» وغيرها، لتتسلل روح «الحميمية» والشوق من نفس الكاتب إلى قلب الرواية.
 
في هذا الإطار الزمني الضيق يسرد الكاتب بطريقة «الاسترجاع الزمني» الممارسات التي أدت إلى تهجير الكثير ممن شاركوا في الحراك السلمي ربيع العام 2011 ورحيل كثير من أبناء مكونات المنطقة كالأرمن والآشور واليهود، كل ذلك ليرسم الكاتب للقارئ صورة الحياة الأكثر انسجاماً التي سبقت هذه السنوات، ورغم أن لغة المتن كما ذكرنا سهلة إلا أن الكاتب ابراهيم اليوسف جعل عناوين الفصول إيحائية ليترك للقارئ حرية التأويل.
 
ولا تبتعد هذه الرواية عن طبيعة كاتبها «الإنسانية» ويمكن إدراجها في هذا التصنيف من أنواع الأعمال الروائية، وقد لا يكون هدف الكاتب الحديث عن «معاناة» مباشرة لبطل الرواية في «حب ممنوع» مع عشيقة تسكن في مكان بعيد، إلا أن المعنى غير المباشر -ربما- لذلك قد وصل فعلاً ويضاف إليه المعاناة الحقيقية في البعد عن الوطن الذي أصبح الوصول إليه مجازفة، ليصف بذلك حياة ملايين المهجّرين الذين تتنازعهم مشاعر الحنين وغريزة البقاء بفعل استمرار الألم رغم طرد تنظيم «داعش» وغير ذلك من الأحداث التي تبدو ثانويةً في أحداث الرواية.
 
عن الاتحاد برس

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…

ابراهيم البليهي

منذ أكثر من قرنين؛ جرى ويجري تجهيلٌ للأجيال في العالم الإسلامي؛ فيتكرر القول بأننا نحن العرب والمسلمين؛ قد تخلَّفنا وتراجعنا عن عَظَمَةِ أسلافنا وهذا القول خادع، ومضلل، وغير حقيقي، ولا موضوعي، ويتنافى مع حقائق التاريخ، ويتجاهل التغيرات النوعية التي طرأت على الحضارة الإنسانية فقد تغيرت مكَوِّنات، ومقومات، وعناصر الحضارة؛ فالحضارة في العصر الحديث؛ قد غيَّرت…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الخَيَالُ التاريخيُّ هُوَ نَوْعٌ أدبيٌّ تَجْري أحداثُه في بيئةٍ مَا تَقَعُ في المَاضِي ضِمْن ظُروفِها الاجتماعية ، وخَصائصِها الحقيقية ، مَعَ الحِرْصِ عَلى بِناء عَالَمٍ تاريخيٍّ يُمْكِن تَصديقُه ، والاهتمامِ بالسِّيَاقاتِ الثقافية ، وكَيفيةِ تَفَاعُلِ الشَّخصياتِ مَعَ عَناصرِ الزَّمَانِ والمكان ، ومُرَاعَاةِ العاداتِ والتقاليدِ والبُنى الاجتماعية والمَلابس وطبيعة…

فواز عبدي

يقال إن الأمثال خلاصة الحكمة الشعبية، لكن هناك أمثال في تراثنا وتراث المنطقة باتت اليوم تحتاج إلى إعادة تدوير عاجلة… أو رميها في أقرب سلة مهملات، مع بقايا تصريحات بعض المسؤولين. مثال على ذلك: المثل “الذهبي” الذي يخرجه البعض من جيبهم بمجرد أن يسمعوا نقداً أو ملاحظة: “القافلة تسير والكلاب تنبح” كأداة جاهزة لإسكات…