القصيدة الأخيرة لأردوغان

ابراهيم محمود
 يكتب في سجله المخذولْ
أنا هنا حفيد أرطغرول
لن أدع الأكراد ما حييتُ، عهداً سوف أبقيهم  بلا أصول
أنا هنا التركي أردوغان سوف أشعل الحرب على مختلف الجبْهات
سوف أنفخ الأبواق سوف أقرع الطبول
وليغضب العالم كيفما يشاء أو ليقل العالم ما يشاء أن يقولْ
لن شيء يثنيني عن المرسوم لا شيء يقي الأكراد من حربي عليهم أينما كانوا
أينما حلّوا ولا استثناء في القتل أنا قاتل أو مقتول
ثم يطيل النظر المسعور في الجمهور والجمهور مأخوذ بعدوى القتل فتوى القتل من داعية مخبول
منجّم باسم أتاتورك ليحمي فشلاً في فشل أفقده التفكير  في حقيقة الجاري وما يضمره 
وهو يصب نار تركيته الشعواء في زيت المحشَّرين في كلامه العَجول
سنجعل الأكراد طعماً لسعير جندنا
والطائرات سنَّتي إذ ترمي عليهم موتها التركيّ
والمدافع التي تدك ما بنوه أو سمَّوه باسمهم
والنار كالسيول
فقتلهم ركن من الإيمان ليس من خلاف كلهم سواء
كبيرهم صغيرهم سواء
نساؤهم رجالهم سواء
وكل ضرب من ضروب الموت فيهمُ معقول 
وعامة الأكراد إرهابٌ وكابوس علينا ليس من حلٌّ سوى إقامة الحد عليهم
إن في استئصالهم لأفضل الحلول
يدنّسون كل شيء كل شيء جملةً 
 يدنسون الماء والهواء والتراب والسماء والجبال والحقول
لن أدَّخر جهداً ليبقوا عبرة
سأعتمر مداً لأغدو قدوة
سأعلن الحرب عليهم في امتداد الليل والنهار لا راحة لي وحوليَ الأكراد في كثرتهم
كل الجهات طوع أمري حيثما تنفَّس الكردي في عفرين في آمد في هولير في مهباد حربي آخر الحروب في 
مختلف الفصول
ليعلم التركي من أنا، أنا هنا ملاحق الكردي أو مطارد الكردي أو مصفّيَ الكردي لا مجال للحوار لا
سلام أو قبول 
سأحرق الأخضر واليابس حتى يعلم الجميع من أكون ما الذي يعنيه قولي ماالذي أرمي إليه
ما الذي أقوله ودونما عدول
من ينشد الأمان فهْو طوع أمري من يردْ سلامة ليس سواي حجة
أو فهو الساعة مرفوض وإن واجهني معزول
سأعلِم العالم من أكون في الأخبار والمجابهات حيثما تمكنت قواي أو غالبت نفسي ها هنا
لتعرف الطيور من أكون والحمير والعجول
يظهر في بداية الأخبار في نهاية الأخبار في مختلف البرامج
لا ليله ليل ولا نهاره النهار إذ يحضر في مختلف البرامج
والويل ثم الويل لو تنبه الرئيس من إشارة صغيرة
لو أنه عرِض للتقييم في عبارة عابرة
لو أنه جوبه بالسؤال في أقل من ثانية
لن يدع السؤال لو من جهة الفضول
وإنما يعاقب السائل والجار الذي أصغى إليه إنما
يعتبر المسئول
جميع من أعطاه هذا الحق لا حق سوى مزاج أردوغان
في احتدامه وشرحه يطول
يوجه الجميع كيفما يرى
وينذر الجميع حسبما يرى
تهتز سبابته في أوجه الجميع
وينصح الجميع
من موقع العارف بالأصول
لا صوت يعلو صوته
لا ظل يعلو ظله
كلامه منزَّه
يكون ما دون النبي دونه الرسول
يفتتح المذيع أخباره باسمه
وتنتهي به أخباره
وليس من نهاية معلومة للسيد الفاعل والمفعول
لا الشاشه البيضاء تكفيه ولا الزمان يكفيه فأنى التفت الرئيس
تعلو صورة الكردي في جهاته الأربع رغم أوجه الحلول
تالله يا للرجل المسكين يا للرجل المجبول المخاوف الطوال يا 
للرجل معلول
يوجه الكلام للجميع سبّابته تترجم الكلام فيما يشتهي قوله في تقلباته
وليس من معارض ولا مفاوض ولا مناهض
كلٌّ به مشغولْ
يشغله الإرهاب كم يشغله الإرهاب إذ يعاود الحديث في موضوعه
حديثه المعني بالإرهاب إذ يصول فيه أو يجول
بصورة سطحية ومنتهى الخفة بالحديث إذ يقول في الإرهاب ما يعني اشتباه أمره
وخوفه النفسي فيما ينتقي من الكلام لا شأن له بعالم العقول
في هلوسات السيد الرئيس كم يستهزئ الكلام بالكلام كم
تكون تركيا مصابة بعدوى آمر مغامر  مجاهدٍ زيفاً بلا عدول
تصوروا هنا إذاً رعية إمامها مسطول
فيا لأمر أمّة محكومة بحاكم مخبول !
ويا لفكر أمة مرشدها طاغية مخبول !
ويا لنفس أمة واعظها داعية مخبول !
ويا ويا لأمّة معدَّة على قياس قيّم مخبول !
حيّرني التركي في أهواء تركيته  الكبرى وما لديه من تنوع الميول
حيَّرني هذا الأتاتوركيُّ يبتغي
وهو ينام واقفاً
وواقفاً حاجته تقضى فلا وقت لديه كي يلامس السيفون لا وقت لديه مثل غيره
وأردوغان ليس مثل غيره لكي…يبول
وواقفاً يأكل لا وقت لديه كي يقتعد الكرسي ثم يحمل الشوكة والسكين لا وقت لديه إذ
يشغله الكردي في منامه وصحوه
وليس كالكردي من يشغله في عالم الأشياء والخلائق الكبرى
لذا تراه واقفاً يصلي
واقفاً يمضي على الأوراق بالجملة لا وقت لديه كي يراها جملة
ويستحم واقفاً
وواقفاً يشاهد التلفاز والنعاس غالب عليه واقفاً
يستقبل الضيوف والذين يستدعيهمُ في إطاره الأمني 
يقرأ الجرائد التي تهمه 
وليس كالكردي من يقلقه في أمره المصاب بالذهول
أمامه الكردي يعلن النفير العام: هبّوا
خلفه الكردي يعلن النفير العام: سيروا
فوقه الكردي يعلن النفير: ثوروا
حينها يمتزج المعلوم بالمجهول
إذ ليس في الإمكان أن يبيد شعباً كاملاً
وليس في الإمكان أن يبدد الجغرافيا
ويعدم التاريخ في انفجاره المأهول
لا يؤخَذ الكردي في عفرين وحدها
فكل بقعة تردُّ بالكردية الفصحى 
تسمّي حتف غازيها
وتمضي في ابتداع بأسها المصقول
يستغرق الرئيس في أوهامه
وحوله ضباطه، حرّاسه، أتباعه، أزلامه، قوى مخابراته
عناصر استطلاعه
لكن ما يراه في واضحة النهار
أمداء من الوحول
يمضي به الخوف إلى الأبعد مما ليس في الحسبان في اضطرابه
قل مثلاً، كأنها استنبول
قد سقطت أو فقدت هيبتها
ولم تعد أنقرةٌ ملهمة الخيال والمأمول
وأصبح الكردي سيداً عليهما
كما يقول رعبه جرّاء هذا الغزو منذ أطقم من القرون
ولم تزل جغرافيا الكردي في مكانها
ولم تزل أمكنة الكردي في جهاتها
ولم تزل أغانيَ الكردي في إيقاعها المعسول
لكنه اردوغان مثل غيره
وغيره اردوغان في مغازل الوهم ولا
يكف عن تصريف هذا الوهم في التعريف بالكردي
شراً ينبغي عليه أن يزول
تالله من هذا الجنون ما الذي يفعله الجنون بالماضي به
ما أكبر الأعداء أو ما أصغر الأعداء ما أبلدهم
فيما يعادون به
كحال أردوغان في حسابه المشلول
مؤكد أنه ماض صوب حتفه غداً، بعد غد ٍ
ومثله التالي عليه مثله أشباهه
لا شعب يفنى حيثما تألقت دماؤه، أسماؤه،أصداؤه
وليس كالغزاة والجناة والطغاة والعتاة من يكون ذمهم ولعْنهم هو المحصول 
دهوك
في 5-3/2018  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…