أنت في مداري.. للشاعر عصمت شاهين دوسكي

د. عداله جرادات – فلسطين
العنوان مكثف بمساحات عميقة وفسيحة ..أي امتلاك الروح للروح بكل المدى الفسيح لمدار حياته ليكتب بأسلوب العاشق المسالم العاشق المحارب بأسلحة لا تعرف دروع  ولا رجوع ولا تصنع من وجع أسلحته… عشقه للمدى لتجاربه الحزينة ..المفرحة ، للواقع المؤلم  تتناقض المشاعر حين ينتقل بين أبياته يتنفس من أحاسيس مملوءة بالأشواق والحرمان وعبرات مشرقة في الأحداق يعبر عن نفسه بالأحلام وعوالم لا متناهية بأشجانه التي تفيض بالدمع تارة ..وبالرجاء تارة  ، لقد أبدع شاعر العرب باختياره عنوان ” أنت في مداري ” ليجسد إن مداره لا يستقر فيه أي كان ،انتقاله للنص كأنه يعزف على أوتار قلبه العاشق بجمال وصفه فوق تصور إنسان عادي … حين يقول ” أنا ملك النساء  ” صوره نصيه رائعة ينقلها بقوله ”  أنا القائد المختار “…  
دلالات انه أدرك جيدا حاجات النفس والروح وأعطى لنفسه حقوق ربما لم تكتمل بتجارب سابقه حتى أضاف للبلاغة بلاغه حين قال ” بعض النساء يقرأن قصائدي خلسة ففي قصائدي حب الأحرار ” انتقاله من مرحله لأخرى تدعم حبه لقضيته الوطنية الإنسانية ، تأثر الشاعر بالمعاناة الواقعية اليومية فامتزجت حروفه كأنه ينظر للشمس المشرقة ويرسمها بألوان الرجاء والأمل بأبهى الصور والمفردات ..كاد يعطي لمحات من انتظار طال وغروب لا ينتظر مواعيده ، تنهيده الشاعر تعلوها ابتسامه من أفكاره المشحونة بالعمل والتغيير وعزمه على فرض وضعيه اجتماعيه متغيره بعد أن تأثر بها بعد الحرب والخراب والدمار والتهجير والتشريد واللجوء والنزوح وأصبحت ظاهره بين حروفه المبدعة عمليه استرجاع الذاكرة لطفولة عاشها كانت استمرار بخلق أمل جديد حين كتب ” أمواج الطفولة الشقية ” ..جعل منها ضحكات وهمس ومرح ومشاهد يطرب لها القارئ…المتلقي ، وكيف لا وهو يطلب في أبيات أخرى من حبيبة أن تتحمل كل جنونه دون أن تلقي بالملامة على هوس يحضره من هول ما شاهد من ويلات الحرب ، لتجسد جدائل فكرية ونفسية وحسية تدور في مداري النائي ، وفي النواحي النفسية تظهر بحالات اليأس تارة ، والأمل تارة أخرى ..فيض ينساب كما النهر كما السياب كما بيته النفسي هناك قريب من الحبيبة يبعث القلق في نفسه ويشحن مفرداته بالجمال والوجع الشعور بالخوف من قادم مجهول…ينتظر مستقبل ومصير مجهول ملامحه ،
شاعرنا عصمت شاهين يعيش غربه في وطن، وطن يتيم مساراته معتمه … بات في هجران وتيه ، إبداعات شاعرنا متوجه بمفردات لغويه قويه. وعميقة شكلت مشاهد حقيقة للقارئ تمنياتي لمزيد من الإبداع والتألق في عصر غاب عنه الجمال والحرية والإبداع الحقيقي إلا ما ندر . 
أنتِ في مداري
عصمت شاهين دوسكي 
بعض النساء يقرأن قصائدي خلسة 
ففي قصائدي حب الأحرار 
وقوة الإعصار ..
أنتِ في مداري
من نبع إحساسك ارتوي 
ومن جمال روحك يكون اختياري 
حينما ابحث عنك ، أجدك بين سطور أشعاري
كلما أردت الابتعاد عنك 
تفجر عطرك المجنون بين آثاري
كلما جاوزت حدودي 
وعبرت الخطوط الحمراء والبيضاء والسوداء 
زاد فيك إبحاري
يا نسمة الجبل .. يا همس البحر 
أمواجك الطفولية الشقية 
أشعلت نيران فوق ناري
تحملي جنوني ، توهاني ، مراهقتي الكبرى ، هذياني 
منذ ألف عام لم تأتيك أخباري
*************
أنا عاشق في وطن النساء
وكل العشاق يسرقون الشعر 
والحب والتمرد من أسفاري
أنا أسطورة لن تتكرر 
وانتصار حب يتبع كل انتصاري
أنا ملك النساء 
وكل النساء يختلسن ، يبحثن بصمت عن أسراري
يجردوني من قلمي وقرطاسي ومفاتيح غرفي 
يعبثن كالقطة المتوحشة بين سريري 
ووسادتي وأحلامي ويميني ويساري 
************ 
يا صغيرتي الحب ملحمة كبرى وأنا القائد المختارِ
ادخلي معارك الحب والشوق والحنين 
بلا دروع وسهام ، لا تترددي ، لا تحتاري
كوني امرأة ناضجة ، شرسة ، متمردة 
اتركي رومانسيتك في جعبة اختياري
اصد عنك كل الخناجر والسهام 
وأقدم لك بدلا عنها ورودي وأزهاري
أفرش لك بساطا أخضر 
والوصيفات خلفك يحملن 
فستانك الأنثوي في محراب مداري
أتوجك ملكة على حروفي وسطوري 
وأوامرك كالسطور تمتص أحباري
أحدثك وقت السحر .. عن دمار عشق … وانتصار عشق 
ومدى العشق بين دماري وانتصاري
********** 
نعم صغيرتي الجميلة 
الحب عندي حضارة وتاريخ 
أكتبه بخصلات نساء يتوهجن لإعصاري
طوفاني يقلع جذور التقاليد .. وسيف العشيرة .. 
وقانون المدنية واللا مدنية 
ويترك نافذة تدخل فيها أنواري
نامي يا صغيرتي 
دعي أحلامك تدور كالأقمار في مداري

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غالب حداد

1. مقدمة: استكشاف “العالم الجميل الموجود”

تُقدّم مجموعة القاص والشاعر الكردي السوري عبد الرحمن عفيف، “جمال العالم الموجود”، نفسها كعمل أدبي ذي كثافة شعرية فريدة، يرسم ملامح مجتمع مهمش، ويحول تفاصيل حياته اليومية إلى مادة للتأمل الفني والوجودي. ويأتي تحليل هذه المجموعة، التي تمثل تطورا لافتا في مشروع عفيف الأدبي الذي تجلت ملامحه…

مصطفى عبدالملك الصميدي| اليمن

باحث أكاديمي

هي صنعاء القديمة، مدينة التاريخ والإنسان والمكان. من يعبر أزِقَّتها ويلمس بنايتها، يجد التاريخ هواءً يُتَنفَّس في أرجائها، يجد “سام بن نوح” منقوشاً على كل حجر، يجد العمارة رسماً مُبهِراً لأول ما شُيِّد على كوكب الأرض منذ الطوفان.

وأنتَ تمُرُّ في أزقتها، يهمس لك الزمان أنّ الله بدأ برفع السماء من هنا،…

أُجريت صباح اليوم عمليةٌ جراحيةٌ دقيقة للفنان الشاعر خوشناف سليمان، في أحد مشافي هيرنه في ألمانيا، وذلك استكمالًا لمتابعاتٍ طبيةٍ أعقبت عمليةَ قلبٍ مفتوح أُجريت له قبل أشهر.

وقد تكللت العمليةُ بالنجاح، ولله الحمد.

حمدا لله على سلامتك أبا راوند العزيز

متمنّين لك تمام العافية وعودةً قريبةً إلى الحياة والإبداع.

المكتب الاجتماعي في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في…

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…