لوند حسين
أتفقَدُ المساحات البيضاء في دفاتري المُبعثرة، عسى أن أُلوِنُهَا بشتى الألوانَ المُزَركشة لِلباس الأمهات الأمازيغياتِ والكُرد، التي تُجذِبَ بأضوائِها حتى العُميان، وتجعَلُ الصُمَ يتحدثُونَ عن جمالِ قلُوبِهُنَ وألوانِهُنَ، والبُكمَ يسمعونَ جلجَلَةَ أقدَامِهُنَ عندما يُحيينَ يومَ نوروز ورأس السنة الأمازيغية.
أُحاوِلُ قراءةَ حركاتِ أجسادِهُنَ والتوغل في أسرارِ جمالِ وجوهِنَ، لأُفكِكَ طلاسمِ عيُونِهُنَ، لكن التحديُ الجبليُ من قِبَلِهُنَ، يجعلُ من أصابعي ترتجف خشيةً من نظراتِهُنَ التي تعشقُ التحديّ ومواجهةِ كُلَ من لا يمتلك النظرة الثاقبة والقراءة المُتَعمِقة لحقيقةَ مُعاناتِهُنَ وآمالِهُن.
أَقِفُ عاجزاً أمام نظراتَ أمي الكُردية وأمي الأمازيغية، لأُعلِنَ لهما عن عجزي أمام عظمَتِهُنَ وأن المعادلة بالنسبةِ لي أصبحت مُستحيلة الحل، وأصابعي تتجمد ميتةً، لترفع الرايةُ البيضاءَ في حضرةِ أمهاتٍ عنيداتٍ، ترفضن الانحناء والاستسلام في وجه الرياحِ والعواصف العاتية وطُغاة العصر.
يا أمي، يا أنشودةَ التحدي وصرخةَ البيشمرگة في وجه الغاصبين والمُحتلينَ لأرض تامازغا وأرضَ كُردستان، حفيدات الملكة ديهيا التي رفضت تسليمَ وطنها لجيوش حسّان بن نعمان العربية الإسلامية، واللالا فاطمة نسومر التي قاتلت وقاومت جيوش الجنرالين الفرنسيين ماكمهون وراندون، لتكون رمزاً للثورة ومقاومة المحتل؛ فأمي الأمازيغية، أمَ البطل ناصر الزفزافي والكاتبة مليكه مزان والباحث يوسف بو يحيى، لِما عشقتني وأحبتني حفيدةُ ديهيا ونسومر، التي لاتقل شجاعةً عنهُنَ.
أمي يا نبض الرُوحِ يا أُغنية الصباحِ الفيروزية، يا ترتيلة المساءِ التي تبعثَ الحياةَ لقلبي.
أمي، أعلمُ أنكِ الآن تنزفين في القبر وأنتِ تسمعينَ نبأ الحُكم الجائِرَ على أبناءِكِ الأمازيغ في سجون طاغية الملك المغربي؛ أعلمُ يا أمي أنكِ ترغبينَ في الخروجِ من ظُلماتِ القبرِ، وتصرخينَ في وجه طاغيةِ المغربِ ووجه طُغاةِ الأنظمة الغاصبة لكُردستان وشبيحتهم من ميليشيات الائتلاف الأردوغانية والآپوچية وإرهابيي داعش والحشد: “كفاكُمْ قتلاً لأبنائي وبناتي، فهم ليسوا وقوداً لبقاءِكُم في الحُكمِ.
كفى… كفى… كفى
@لوند حسين
ألمانيا- ڨـوپـرتال
28.06.208