الشيخ صبغة الله الهيزاني (غوثى هيزانى) والملا عبيد الله الهيزاني (الأستاذ الكبير)

كونى ره ش
منذ الصغر وكلمة غوثى هيزانى كانت تتردد على السنة افراد بيتنا وأهالي القرية في حالة الضيق، للاستنجاد به في حل مشاكلهم المستعصية..! كقولهم: “يا غوثي هيزانى..” بعد ان كبرت، اطلعت على معلومات كافية عنه من شيوخ وملالي عامودا وخاصة الشيخ المرحوم عفيف الحسيني ولاحقا الأستاذ ريبر سيدا.. 
قبل أيام سألني احدهم، ماذا تعرف عن شيوخ هيزان ومن هو غوث هيزان؟ وكان ردي كالآتي: هيزان بلدة جبلية تقع جنوب شرق مدينة بدليس. في القرن التاسع عشر وبداية القرن الماضي كانت إحدى اكبر مراكز العلم والطريقة النقشبندية في شمالي كوردستان بزعامة الشيخ (صبغة الله الهيزاني) المعروف بين الكورد باسم (غوثى هيزانى). ونشأ فيها الكثير من العلماء، ومنهم على سيبيل المثال ملا خليل السيرتي..
وكان الشيخ صبغة الله الهيزاني (غوثى هيزانى)، قد اخذ الطريقة النقشبندية من فضيلة الشيخ (السيد طه النهري)، خليفة مولانا خالد النقشبندي الشهير. ومنذ ذلك الوقت احتفظت بلدة هيزان بأهميتها العلمية والدينية لغاية ثورة بدليس في عام 1913م، ضد الحكم العثماني. في تلك الثورة تم اعدام الشيخ شهاب الدين ومحمد شيرين نجلي غوثى هيزانى (الشيخ صبغة الله)، و( سيد علي) ابن أخيه في مدينة بدليس من قبل الاتراك، اما استاذهم ( ملا سليم او خليفة سليم) زعيم الثورة، فقد لجأ الى القنصلية الروسية في بدليس. ولما نشبت الحرب العالمية الأولى في عام 1914م، اخرجه منها الاتراك واعدموه ايضاً.. اما الأمير كامل بدرخان الذي كان بمثابة مهندس الثورة، فقد تمكن من الفرار الى مدينة تبليس.. حينها فر (ملا عبيد الله الهيزاني)* القائد الميداني للثورة ومعه شقيقه ملا فتح الله الهيزاني الى ولاية ماردين مختفياً في قراها.. ثم في بلدة دارا الاثرية ولاحقا كان استقراره في مدينة عامودا. وفي عامودا عرف بسيداي مزن أي (الأستاذ الكبير)، واليوم يعرفون بآل سيدا في عامودا وسوريا.. وبهذا الشكل فقدت بلدة هيزان مركزها العلمي ومدرستها الشهيرة.. في عام 1915م، اثناء فرمان او مجازر الأرمن والسريان وتواجد ملا عبيد الله الهيزاني في ولاية ماردين، رد على شائعات من كان يقول آنذاك؛ “من يقتل مسيحياً يدخل الجنة”، بفتوى ضد هذه الشائعات قائلاً: “من يقتل مسيحياً لا يدخل الجنة”.
 جدير بالذكر ان الشاعر جكرخوين نهل علومه الدينية من ملا عبيد الله الهيزاني (الأستاذ الكبير).. بعد وفاته في عام 1929م في عامودا، اخذ إجازته العلمية من شقيقه ملا فتح الله الهيزاني.. ولاحقاً خلد زعماء ثورة بدليس الى جانب شهداء الكورد الاخرين في قصيدته الخالدة بعنوان (رسالة الشهداء الملوك/Şahnama Şehîdan)، ونشرها في مجلة (هاوار).
* الملا عبيد الله سيدا الهيزاني/ الأستاذ الكبير (1866 – 1929): وهذه التسمية ترافقه حتى الآن؛ تقديراً واحتراماً لمكانته العلمية. وهو مؤسس المدارس الدينية والشرعية الأولى في عامودا منذ عام 1920م. إذ كان ضليعاً في علوم النحو والصرف والبلاغة.. تخرج على يديه وأيدي شقيقه الملا فتح الله سيدا الهيزاني العديد من العلماء الافاضل مثل الملا عبد الطيف سيدا والملا عبد الحليم ملا إسماعيل والشاعر جكرخوين والملا شيخموس قرقاتي وغيرهم.. كان الفقيد من مواليد قرية كولات بمنطقة هيزان من ولاية بدليس عام 1866م، توفي في عامودا عام 1929م، كما ذكرنا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

(ولاتي مه – خاص):
على امتداد أكثر من خمسة عقود، يمضي الفنان والمناضل شفكر هوفاك في مسيرة حافلة تجمع بين الكلمة الثورية واللحن الصادق، ليغدو أحد أبرز الأصوات التي عبرت بصدق عن آلام الشعب الكردي وأحلامه بالحرية والكرامة.
منذ انخراطه المبكر في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، ظل شفكر وفيا لنهجه…

ماهين شيخاني

في فجرٍ بعيدٍ من فجر الأساطير، خرج رستم، بطل الممالك الفارسية، في رحلة صيدٍ طويلة. ضلّ طريقه بين الجبال حتى وجد نفسه في مدينة «سمنغان»، حيث استضافه الملك في قصره. هناك التقى بالأميرة تَهمينه، فتاةٌ تفيض حُسنًا وشجاعة، قالت له بصوتٍ يقطر صدقًا:

«يا رستم، جئتُ أطلب من البطل ولداً مثله، لا كنزاً…

إبراهيم اليوسف

لم يكن إصدار رواية” إثر واجم” في مطلع العام عام 2025 عن دار نوس هاوس للنشر والترجمة والأدب، مجرّد إعلان عن عمل سردي جديد، بل ولادة مشروع روائية- كما نرى- تُدخل إلى المشهد الروائي صوتاً لم يُسمع بعد. هذه الرواية التي تشكّل باكورة أعمال الكاتبة الكردية مثال سليمان، لا تستعير خلالها أدواتها من سواها، ولا تحاكي أسلوباً…

عصمت شاهين الدوسكي

الشاعر لطيف هلمت غني عن التعريف فهو شاعر متميز ، مبدع له خصوصية تتجسد في استغلاله الجيد للرمز كتعبير عن مكنوناته التي تشمل القضايا الإنسانية الشمولية .

يقول الشاعر كولردج : ” الشعر من غير المجاز يصبح كتلة جامدة … ذلك لأن الصورة المجازية جزء ضروري من الطاقة التي تمد الشعر بالحياة…