سيدة النركيلة

عصمت شاهين دوسكي 
سيدة النركيلة 
يتلظى الشوقُ بالأشواق
يحترقُ الاحتراقُ بالاحتراق 
تهبُ أنفاسا عليلة
يلتهبُ الوله على الأحجار
تلامس يديك النار 
تثور المشاعر الجميلة
دخان أبيض ، كغيم أبيض
يبحث عن فضاء نقي
مسيرة بلا أفكار ذليلة
عيناك تسافر بعيدا
صمتك عميق رويدا 
رغم صوت الجمرات والآهات
تحيى في صدرك بين راحل ورحيلة 
أنت يا سيدة النركيلة 
وجع بلا وجع
وهلع بلا هلع
امرأة ناضجة وطفلة تلعب بالنركيلة
كمحارب يلعب بأسلحة قاتلة
كمراهقة تهرب بجنون من سيف القبيلة  
**************** 
سيدة النركيلة 
تبدلين الأحجار بالأحجار
تبدلين الأنفاس بالأنفاس
أحجار من تفاح وليمون وطعم الأناناس 
كأن الثمار بالثمار تذكر
والأنفاس بالأنفاس تدمر
ويلتهب الإحساس بالإحساس
كنهر يلاقي نهرا
وفي مصب البحر أمواجهما لا تقاس
كطوفان يعانق طوفانا 
يكبر جنونهما من القدم إلى الرأس
كإعصار يترك آثار
يقلع جذورا فتغيب الحواس
كلنا يا سيدة النركيلة أنفاسا تعلو
ذات يوم تكون ذكرى أنفاس
**************  
سيدة النركيلة
اشربي كأسك المكسيكي على مر زماني
ثم كوب الشاي ينتظر ثوانِ بعد ثواني
كل نسيان يمضي بأنفاس
وتتجلى يقظة بعد كل نسياني
تلتف يداك يديًا
أناملك تعانق راحتيًا 
كعناق أشجانك أشجاني
يرحل الخيال إثر خيال
والأحلام من ألام المحال
وتلحق الأماني بالأماني
في أزقة هامدة 
وشوارع صامتة 
لمحتْ أقبلها ، فالتقت أنفاسنا
توجتْ قبلاتنا
قالت : ما بال السكر في لساني ؟
قبلني مرة أخرى
ما بال الجنون والسعادة 
تقشعر كل أركاني ؟
هذه فعل أنفاسك أم أنفاسي ؟
أم ولع الحب يستبيح حرماني ؟
مرت لحظات 
كأننا في حلم لا ينتهي أبدا
لكن الحلم جسد في ثواني
رحلت وسرقت قلبي
آه يا سيدة النركيلة 
رجاءً لا تسرقي زماني
لا تحرقي أشجاني
فأنا منذ ألف عام أبحث عنك
بين حروفي وأحلامي وهذياني

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…