شكراً سيدتي

عصمت شاهين دوسكي
شكراً سيدتي
أنت الوحيدة تحملت صرختي
شكراً سيدتي 
أنت الوحيدة نعمة لوحدتي
ملأت كأسي بإنعامك 
لم تهن عليك معاناتي
كسرت طوق الغربة 
كم أتْعبتني روح غربتي
وهبت الجمال والرقة والحنان
حتى هدأت برؤاك لوعتي
في حضرتك شعرت بالأمان
بعد أن اغتالوا أمانتي
*********** 
شكراً سيدتي
في زمن الهزيمة والانكسار
أصبحت ملاذا لأشعاري
في عصر الرذيلة والغثيان
أهربُ إليك حاملاً أقداري
قدسية أنت
رغم أمواج الموت والرحيل
رغم هجرة الطيبة فوق بحاري 
عاشقة أنت
رغم ظلال الغيم والعويل
رغم همجية سيوف الأشرار
ضيعوا الوطن
حتى أصبحت أنت وطني
رؤى جنتي وناري
لا أنحت لك تمثالا
سيقولون ، يعبد تمثالا من أحجار
لا أرسم لك لوحة
سيقولون ، مجنون بين ألوان ومدار
لا أكتب قصيدة عصماء
أنتِ كل معلقاتي وثوراتي وأسواري
أنتِ نبض القلب
ونعمة الروح والحب
ورعشة الجسد فوق قراري 
*********** 
شكراً سيدتي
اخترت قميصي من بين الناس
وجدت فيه نورا ، فكرا ، وإحساس
أزراره أساطير قديمة
وملامح فرسان وقلم وقرطاس
ألوانه من مدينة فاضلة
لا توجد فيها حواجز وحراس
العدل فيها وقف على الجميع
والحب فيها أساس
احترتُ كيف أصفك
فالصفات قد ترحل
وأنت يغار منك الورد والناس
************** 
شكرا سيدتي
اخترت رجلا من بين الرجال
في عصر يفتخر أشباه الرجال
انتصارات ورقية
ثرثرة عبثية 
رغم صخب الأزمات والأهوال
صور في ميادين
أشكال يسار ويمين
لا تجد هارون ولا بلال 
ينهض فرعون يأمر الحاشية
تنحني الرؤوس العاتية
فلا يوسف ولا قميصه يطال 
*************** 
شكراً سيدتي 
حملت حروفي 
وقصائدي من وجع الفناء
لمست جراحاتي وغربتي
فكانت أناملك بلسم ودواء
شكراً سيدتي 
أدخلت الفرح إلى قلبي 
بعد طول حرمان وعزاء 
رميت الهموم والأحزان 
لبستُ بوجودك أجمل رداء
شكراً سيدتي
النساء أنت ..
وأنت .. كل النساء

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…