مكاشفة

كيفهات أسعد
ليس لديّ الكثير من العمل اليوم، لن أفيق من أحلامي أيضاً، ولن أفكر كثيراً في ماذا سأختار كي ألبسه. لن أذهب إلى مطعم أبو سطيف كي أشاركه في القهوة الصباحية. لن أقابل “حلمي ابو عمر” سليل الآغاوات، العصبي الذي أجاكره، نتسلى ونضحك. ربما قد أتفقد دخاني ومفاتيح البيت وسلة القمامة، وأنا خارجاً، كي أرميها في مكان قد خصصته البلدية قريباً في غرفة أنيقة تشبه محلات الأدوات البلاستيكية.
***
 أنا النزق الذي كشف ظهره، وفتح صدره، وأقام علاقات غرامية مع الهواء في صدر الورقة، أسقي خناجرَ أصدقائي كل يوم في صدري، وممتهن الغرقَ مع العشق. ليس لدي ماأعمله اليوم، لن أبحث عن صديقتي، التي كنا نتعانق كل ليلة عند بابها، منذ أن افترقتنا الحربُ قبل سنوات، لاأحد يعرف شيئاً عن الآخر، تأتيني أحياناً أخبارها مع امرأة ألتقيها في بقالية “حمي العفريني”، وهي تشتري الخضار والخبز العربي، لاأعرفها، ولاأعرف اسمها، لاعنوانها، نلتقي صدفة، وكل يوم أنتظر تلك الصدفة من جديد.
***
 أنا الممتلىء برائحة بيادر القامشلي في خريف وقتها، ولون الحنة من ترابها، ليس لدي الوقت إلا أن أتكلم معكِ بالهاتف، وأقول: لكِ صباح الخير. لكِ وحدكِ، وليس على أشباهكِ، والنسخ المزيفة من النساء. أو أن أحاول اقناعكِ بلقاء بعيد عن أعين جاراتي. 
***
أعترف لكِ كما يعترف المذنب قبل موته بنسب مزيف، ولكن، حين أقرر ذلك، يكون رقمك خارج الخدمة، يبدو سيكون لدي الكثير من العمل هذا اليوم، لأقومَ به، لأتوقف به عن غرقي في أحلام الماضي، والتوقف عن آمال أكبر من واقعي السيء، وأصغر من حروف اسمك الأربعة، وأعود مخموراً وهارباً إلى البيت.
 أنكبّ فوق قصائدي المجنونة لأتورط في الكتابة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أمين مؤمن

ثماني سنوات مضت، تحوّلت خلالها الرحلة إلى صراعٍ صامتٍ بين الإنسان والفضاء. في أعماق اللاشيء، كان جاك يحدّق في اتساع الكون أمامه، حيث قطع حتى الآن 80% من المسافة نحو هدفه المستحيل: الثقب الأسود.

الشراع، ذاك الهيكل المعدني العائم، يمضي في طريقه بثبات، موجّهًا بحساباتٍ دقيقة من مختبر الدفع النفاث، حيث يجلس العلماء خلف…

غريب ملا زلال

عمران يونس، حكاية تشكيلية لا تنتهي، نسمعها بصريًا دون أن يراوغنا بمنطق اعتيادي. حكاية نتابعها بشغف “شهريار” لـ”شهرزاد”، وهي تسرد حكايتها كل ليلة. ولكن هنا، مع يونس، نحن أمام مدىً للعمق الإنساني الموجع حتى نقيّ الروح. لذلك، نجد مفردات الموت، الوحش، القتل، اللاإنسان، الخراب، القساوة، الجماجم، والقبور تفرض ذاتها في…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية جديدة بعنوان “الموسوس” للكاتب السوريّ الكرديّ آلان كيكاني، وهي عمل سرديّ يضع القارئ أمام تجربة أدبية ونفسية شديدة الخصوصية، من خلال شخصية فتى مراهق يُدعى صهيب، يعاني من اضطراب الوسواس القهريّ، في مواجهة مجتمع متديّن ومحافظ، يخنق الفرد ويتوجّس من أيّ اختلاف.

تدور أحداث الرواية عن صهيب، وهو طالب متفوق…

فواز عبدي

 

إلى ابنتي سامان
التي علمتني أن الخطوة الأولى ليست جرأة فقط، بل حكمة أيضاً.

 

ثلاثة عشر عاماً مرت

كطيف من غبار الشمس على جبين الذاكرة

شمس منسية في ظلال قامشلو وأحلام عامودا

أسماء تنزلق كخرز عتيق من مسبحة الأيام

شمس تتسلل من بين أصابع البنات

تداعب وجه الماء

وتغوي الغيمات بالنزول

في منتجع ضم خطواتنا المتعبة

المسبح لازوردي

عين واسعة تحدق في السماء

أتذكر نظراتك…